العالم الخفي للأشجار

العالم الخفي للأشجار

09 مارس 2020
+ الخط -
جميعنا يرى النباتات والأشجار بشكل يومي تقريباً، إلا أنه لا يزال هناك الكثير لكي نكشفه عن عالم النباتات الخفي، فنحن غالباً ما ننظر إلى النباتات وكأنها عالم جامد وساكن يسوده السلام، ولكن واقع الأمر شيء آخر تماماً.

سنجد أن هناك منافسة بين النباتات على الدوام. فعندما تكون الشجرة ذات جذور عميقة، ويمكنها الحصول على المياه وحماية نفسها من الكائنات الضارة، فإن ذلك يدلّ على نوع من أنواع التأقلم والحِفاظ على البقاء. فمعظم الناس لا تعلم أن للأشجار والنباتات لغة، فهي تتبادل المعلومات عبر الهواء من خلال مركبات الروائح الطيارة ومن طريق إشارات كيميائية تحت الأرض وعبر الجذور.

ولكن هل ترى النباتات؟
الإجابة هي نعم، ولكن بطريقتها الخاصة، لأنها لا تمتلك عيوناً كعيوننا. فطبقاً لآخر الأبحاث في علم الأحياء من قِبل دانييل تشاموفيتز صاحب كتاب (النباتات وحواسها)، فإن النباتات ترى.


ولكن ليس بالمعنى اللفظي الذي ندركه. فالنباتات أو الأعشاب تمتلك خلايا مستقبلة للضوء موجودة في الغالب على أوراقها، وهي كثيرة العدد، فقد ثبت أن للنباتات إحدى عشرة حاسة على الأقل، في حين أننا لا نملك سوى خمس حواس فقط، وبفضل هذه الحواس يمكن الشجرة أن تلمح شدة الضوء واتجاهها وساعات سطوع أشعة الشمس، ويمكن بعض الأنواع منها، مثل أشجار الحور أو الدردار، أن ترى ولكن بطريقتها، وليس بطريقتنا حتى مسافة 3 أمتار وبالألوان أيضاً، لأن أصباغ الأوراق تمتص اللون الأزرق والأحمر الفاتح وتعكس الأخضر والأحمر الداكن وهكذا.

ومن خلال قياس شدة الضوء الأحمر، يمكن الفيتوكروم (وهي صبغة بروتينية نباتية)، وتلك الصبغة هي المسؤولة عن تقييم فترة الإضاءة اليومية، وهي معلومة أساسية تسمح لشجرة ما بمعرفة هل نحن في فصل الربيع أو في فصل آخر، وهل حان الوقت بالنسبة إليها أن تزهر، أم أنه الخريف وينبغي لها التحضير لمرحلة تغيير الورق؟

وسؤال آخر: هل تشعر النباتات باللمس؟
فكما هو معروف أن الأشجار لا تمتلك نهايات عصبية، ومع ذلك فهي تشعر بلمسة الحشرة وبقطرة ماء وحتى بالرياح، وتشير الأبحاث إلى أن النباتات لا تمتلك حاسة لمس، ولكنها تدرك الشعور به، ولكن بطريقة الضغوطات الميكانيكية، مثل تأثير الرياح أو ما يُحدثه جريان الماء أو السحق للفروع أو حتى اقتلاعها. وتتوالى الأسئلة: هل تشم النباتات الروائح؟ فكلنا نعلم أن النباتات لها روائح تنبعث من أوراقها وزهورها، وهي بالطبع ليست لمجرد متعتنا، وليس هناك شك في أنها تشعر بالآخرين، وهذه المركبات العضوية المتطايرة ما هي إلا إشارات كيميائية أساسية للاتصال، ونحن لا ندركها بطبيعة الحال، لكن النباتات المجاورة، وحتى تلك التي تنتمي إلى ذات النوع تعرف كيف تستقبلها وتدركها، بل هناك الآلاف من المركبات العضوية المتطايرة من الأوراق، ولكن من الجذور أيضاً.

فمثلاً، أشجار الحور التي تتعرض لهجوم من اليرقات تنتج المزيد من مادة التانين، وهي مادة ذات مرارة شديدة تُبعد عنها الآفات. وفي الوقت نفسه، من طريق تلك الرائحة التي تنبعث على هيئة مركبات عضوية متطايرة تحملها الرياح وتدركها الأشجار المثيلة فتنتج بدورها مادة التانين على سبيل الوقاية.