قرأت لك: كيف نحصل دائمًا على ما نريد (2)

قرأت لك: كيف نحصل دائمًا على ما نريد (2)

27 مارس 2020
+ الخط -
يقول ستيف "غالبًا ما يكون تركيزك منصبًا على المساوئ، حتى قبل التفكير بالمحاسن، لا يمكنك التفكير بمزايا أن تحقق حلمك؛ لأنك غارق -حتى أذنيك- في أعذار ومبررات تضيّع عليك فرص التركيز والنجاح. تحدّث نفسك (ماذا لو؟)، (لماذا؟)، وبذلك فأنت تقتل سنين حياتك في سلسلة غير منتهة من الأعذار غير المنصفة".

ثم يهمس في أذنك صراحةً "لا تُضِع وقتك في التشدّق بأعذار ومبررات لا طائل منها، من قبيل (أنا لست مؤهلًا لذلك)، كفى استخفافًا بقدراتك ومؤهلاتك بحجة عدم قدرتك على رؤية الصورة الكبيرة؛ فأنت تملك الحق ذاته الذي يملكه غيرك بالجلوس إلى الطاولة الكبيرة".

ويتطرق ستيف هارفي إلى فخٍ جديد، فخ المعاملة السلبية التي تغدقها على نفسك؛ فتكبح جماح تعطّشها للنجاح، وتقتل فيها كل فرصة للتغيير وتجديد دماء الأمل في عروقك، ترفض مستبدًا أن توسّع شرايين خيالك، تلتحف بعباءةٍ من الكلمات الانهزامية التعيسة، وتصر جاهدًا أن تتوارى خلف أطنان من الخوف والرهبة والتقوقع! في هذه الأثناء، لا يخطر ببالك أن كلماتك السلبية تغذي فيك الخنوع والتراجع وقتل أحلامك بيديك، يبدو ذلك جليًا في سلوكك وتعاملاتك مع الآخرين، واستقبالك للفرص التي تمر مرّ السحاب.

ينقلك -بعدها- إلى مقوّمات النجاح، ويلخصها في الاستغناء عن الأعذار بجملة (لماذا لا أستطيع؟)، وعندما يداعبك توقعٌ ما، سل نفسك (لماذا سأفعل هذا الشيء؟)؛ فعندها تتعرف إلى أسباب تحدوك لإتمام الأمر على وجهٍ يأخذ بيدك إلى مستقبل أفضل. ولتحقيق ذلك، يقترح عليك أن تكتب أعذارك المفضلة، والأعذار والمبررات الثلاثة الأكثر أهمية والتوقعات الثلاثة الأكثر رواجًا في حياتك.

أن تعرف الأعذار المفضلة/ السهلة، التي تركن إليها هربًا من التحدي والتغيير؛ فهذا يضعك على المحك، وتحاول أن تختبر قوة تحملك وتبحث عن تغيير يقلب كيانك، لس للأسوأ كما تتوهم، وإنما يعيد ترتيب تحركاتك ويرسم من جديد آمالك وأحلامك، وكتابة الأعذار والمبررات، يجعلك تسخر منها لاحقًا وتطردها من عقلك الواعي وتعمل على إحلال طرق أكثر إفادة في عقلك الباطن.

إذن، سجّل أعذارك المفضلة، ثم أعذارك ومبرراتك الأكثر أهمية، وكذلك أبرز توقعاتك لنفسك وللمحيط الذي تعيش فيه، ومن بعدها تعلّم ألا ترهب موقفًا ولا مواجهة مهما بدت عصيبة؛ لأن التغيير هو الثابت الوحيد في العالم، وإن لم تتغير بإرادتك؛ فإنك ستتغير رغمًا عنك، وقد تكون حياتك وسيلة لوصول غيرك إلى طموحاته وأهدافه، وقتها ستندم شديدًا ولن ينفعك بكاؤك على لبنٍ مسكوب.

في مسألة الخوف والفشل، لم يدرِ ستيف هارفي مبعث قوله في حلقة تلفزيونية "أنا أشجع الناس وأكثرهم جسارة على الإطلاق"، ما من شك أنه كان يحمِّس نفسه لمواجهة موقف أو تحدٍ ما. يكشف عن ذلك بقوله "كنتُ في غاية الخوف.. لم يسبق لي أن شعرت بمثل هذا الخوف في حياتي المهنية". يجزم هارفي عن تجربة أن مواجهة اللحظات العصيبة، والوقوف أمام مخاوفك بجرأة وشجاعة، يقهر جبال الخوف بل وينسفها نسفًا.

تعظم مخاوفك كلما فكرت في الهروب، تتضخم وتتعاظم من حولك حتى تخنقك، لكن بمجرد أن تكشف لها عن ساق، وتنظر لها نظرةً فاحصةً ملؤها الثقة بقدراتك، عندها يتمخض الجبل ليلد فأرًا لا قيمة له ولا كرامة.

الفشل جزء من العملية، طبيعي أن تكسب جولة وتخسر أخرى، جميل أن تفوز أكبر عددٍ من الجولات، لكن ليس معنى ذلك أن تقتل نفسك إن خسرت. يرتبط الوصول إلى فرصنا الحقيقية ارتباطًا مباشرًا بقراراتنا وتعاملاتنا الواعية وغير الواعية؛ فأنت تقرر إلى أين تتجه، سواء فعلت ذلك عن طيب خاطر أو بعوامل أخرى. إن التغيير ليس بالمكان المرغوب لكثيرين؛ ففيه تبديل لأشياء نحبها وأمور نألفها -وإن لم تكن ذات قيمة- ونتكاسل عن غيرها، ونجاحك في هذا التغيير سيؤطر حياتك الجديدة، وسيسهم في تحسين سعيك إلى أهدافك.

في الفصل الثالث، يأمرك هارفي "انزع الغطاء عن فم الجرّة"، يريد ألا تجعل لأحلامك سقفًا، لا تقيّد نفسك، ولا تكبح جماحها بأي وسيلة، اترك لها عِنان الخيال والأمل والحلم، وراقب ما ستدهشك به من قفزات وإنجازات تحثك على تحقيقها وتجسيمها في عالمك الواقعي. انطباعات الآخرين عنك وآراؤهم فيك، تلهفك على متابعتهم لك وتقييمهم إياك، وذوبانك في عوالمهم واستماتتك لأجل إرضائهم، كلها طبقات مطاطية إضافية تُزيد من حجم غطاء الجرّة، ما يكتُم أنفاس أحلامك ويقوِّض خيالك، ثم تقضي آسفًا دون أن تنجز أو تدور في مدارك، هم سعداء بذلك؛ لأنك تدور في فلكهم فتضيف لهم قيمة جديدة، بينما لا تفيد نفسك بقليلٍ أو كثير؛ أيُرضي ذلك غرورك؟!

يعرّفك كذلك على "ودائع الحياة"، ويضع لها تعريفًا يقترب من مصطلح القيمة المضافة؛ فيقول "إنها ببساطة جهود تمارسها بصفة يومية منتظمة، والهدف منها الوصول إلى أهدافك في الحياة، ومن خلال تراكمها تضيف إرثًا إلى سجل إنجازاتك". يتوسع هارفي قليلًا، ويؤكد أن قراءتك لكتاب يسهم في استثمار موهبتك، والتواصل مع أفراد عائلتك بدلًا من إدمان مشاهدة البرامج التلفزيونية والألعاب الإلكترونية، وأيّ نشاط يعزز من نوعية حياتك، كلها تدخل في نطاق ودائع الحياة، ويصنّفها ضمن مستلزمات النجاح.

إن موهبتك وحدها غير كافية، لا بدَّ من رعايتها وتنميتها وصقلها باستمرار، لا تنظر إلى ما بذلته سلفًا حتى لا تتكاسل، انظر إلى ما يجب عليك أن تبذله في الأيام المقبلة، راجع ما قدمته لموهبتك سريعًا لتصحيح مواقفك، لا للبكاء على ما تكبدته من رسوم دورات وورشات عمل لم تؤتِ أكلها حتى الساعة؛ فإن لحظة واحدة ستغير مسارك إن واظبت على طريق الجهد والكفاح، وستأتيك الفرصة من تلقاء نفسها ما دمت في الطريق، ولم تحد عنه ضجرًا ولا كسلًا.