المرأة... وأعباء البيت

المرأة... وأعباء البيت

25 مارس 2020
+ الخط -
بات المشهد لا يُثير الحسد، وما ورد من آراء على لسان الرجال يبدو مثالياً، وخاصةً بين الفئات الأقل انفتاحاً، ويجب الاعتراف بأنَّ شيئاً جديداً بدأ يفرضُ نفسه، ويتمثلُ برواج أفكار المجتمع العصري والمساواة، والحريات الشخصية، مضافاً إلى عمل المرأة الذي بات ضرورة وحاجة، وليس ترفاً، ودخولها ميدان العلم والعمل من الباب الواسع.

وهناك البعض من الشباب لم يعد يعتمد على أمه أو شقيقته بترتيب غرفته، ولا يعتبر أنه يجب عليهن عند عودته من يوم دوامٍ في العمل أن تُعدا له الطعام، أو تغسلا الصحون بعد أن يُنهي طعامه، فهو يؤمن أن العمل حق لكل إنسان، ولا يقبل أن تكون زوجته عاملة في المستقبل، لأن أعباء البيت وتربية الأولاد، أكبر من طاقتها، فكيف سيضاف إليهما العمل خارجاً؟!

ومن الطبيعي أن يعود الرجل إلى بيته ويجده نظيفاً ومرتباً، وكذلك الطعام جاهزاً، والأولاد يدرسون بإشراف أمهم، لكن هذا لا يعني ألا يقدر لزوجته عملها داخل البيت، ولن يتردّد بمساعدتها داخله، وإلاّ فإنّه يُحمّلها أعباءً مضاعفة، وفي حال مرضها لا يتردّد بالقيام بأيِّ عمل منزلي كانت تقوم به وهي معافاة حتى لو كان طبخاً، وهذا هو التبادل بالمودة والتراحم بينهما.


فالقناعة الجديدة التي تشكلت عند الشاب بضرورة الوقوف إلى جانب زوجته العاملة، أو حتى غير العاملة، ومساعدتها في الطبخ، والعناية بالأطفال، نظرة الأمل إليه وإفهامه أنَّ مكانته اهتزّت تجعله يمتنع عن تطبيقها، وهكذا يفرضُ مبدأ عدم المساواة في تقاسم المهام المنزلية نفسه مجدداً على الرغم من النية الحسنة المعلنة من الأزواج الشباب، خاصةً فيما يتعلق بالمسح والتنظيف الذي يعتبر إهانة بالنسبة لهم.

ومهما حاولنا أن ننظر إلى واقع المرأة فهي بالكاد أن تكون عاملاً مهماً جداً في حياة الأسرة والمجتمع ككل، وهذا بالتأكيد يولّد حياة نموذجية لأسرة سعيدة في حال كان هناك تعاون مثمر وصادق بين الزوجين، يجمعهما روح التعاون والألفة الجماعية.

هذا الاستعداد، لا أظنه يولّد نوعاً من الحساسية بينهما، بل إنه يولّد حالة من الرضا، والمحبة الخالصة لاستمرارية الحياة وتنوعها. هذا هو الهدف السامي الذي يجعل من الزوجين أكثر التزاماً مع المحيط الأسري الذي شابه الكثير من المنغّصات في هذا الزمن الصعب.

فالتعاون، صار ضرورة حتمية يجمع كلاً من الرجل والمرأة مادام يجمعهما عش الزوجية القائم أساساً على الوعي والتفاهم والمعرفة، والاحترام المتبادل تاجها.

إنّ المشاركة الوجدانية بين الرجل والمرأة فيها الكثير من القضايا المشتركة، على اعتبار أنهما يولّدان حالة من الاتفاق والمودة الروحية، والتي تجمعهما كأسرة مشتركة. وباعتقادي، أنَّ المساواة بين الرجل والمرأة في عمل المنزل، والمساواة التي يقدّمها الرجل، فعلى الأغلب ليس هناك ما يعيبها، بل إنّها تبوح بسرّ من أسرار الاحترام والوعي.

فالتعاون، هو أساس النجاح القائم على تبادل وجهات النظر، وحتى المشاركة الوجدانية في العمل، داخل المنزل، والعمل هو ما يمكن أن يغيّر الكثير في نفس الزوجين في حال الوفاق الطيب الذي يجمعهما، ويوظف -بالتالي- في مناحي حياتية عديدة، وأهمّها إسعاد الأسرة ككل.

وتبقى المشاركة الوجدانية مطلوبة من الرجل، ويلزمها أن تكون أكثر تلازماً، وبصورةٍ خاصة، نتيجة الانفتاح، والنظرة المختلفة للمرأة، اللذين حسّنا، وإلى حدٍ ما، من واقعها وجعلاها صورة رمزية للألفة والمحبّة، والأم الحنون، ومقياسها، كما يراه العرف الدارج، وهو الاهتمام بها، واحترام كيانها، وأنوثتها، ومعاملتها المعاملة التي تليق بها كامرأة.. ومن المعيب أن نقلل من أهميتها، أو إهمالها ومعاملتها معاملة قسرية خارجة عن روح الأدب، فهي ما زالت تُعاني الكثير من المسائل المطروحة، وبحاجة لاحترام أكثر، وبصورة خاصة من قبل البعض الذي يرى أنها، وللأسف، ما زالت عبارة عن خادمة وطاهية وماسحة!

فالسعادة الحقيقية بين الزوجين تكمن في احترام الزوج للزوجة، والمشاركة في الأعمال المنزلية، وضمن الحدود المتعارف عليها.

فالعلاقة يجب أن تكون مبنية على التفاهم والوعي والإدراك، وحسّ المسؤولية المرنة المراد منها في النهاية احترام وجهات النظر، والمشاركة بوجهة عامة بكل ما يمكن أن يُرضي الطرفين.
6C73D0E8-31A0-485A-A043-A37542D775D9
عبد الكريم البليخ
صحافي من مواليد مدينة الرقّة السوريّة. حصل على شهادة جامعيَّة في كلية الحقوق من جامعة بيروت العربية. عمل في الصحافة الرياضية. واستمرّ كهاوي ومحترف في كتابة المواد التي تتعلق بالتراث والأدب والتحقيقات الصحفية.