سلاح مواجهة كورونا في العراق... بيد المجتمع

سلاح مواجهة كورونا في العراق... بيد المجتمع

23 مارس 2020
+ الخط -
تقع المسؤولية الأساسية في الحد من تفشي الأوبئة والأمراض داخل الشعوب على عاتق المجتمعات، عبر التزام الإجراءات الوقائية والتعاليم التي تصدرها الجهات المعنية، ولا سيما الجهات الطبية والمختصون، للحد من تفشي فيروس كورونا.

وفي ظل الأزمة العالمية التي يمرّ بها سكان الأرض بسبب تفشي فيروس كورونا ووصول عدد المصابين إلى نحو ربع مليون إنسان حتى 20 مارس/ آذار، بدأت المخاطر تتزايد، ولا سيما في البلدان التي تعاني من التدهور الصحي، وكما في بلداننا العربية، مثل سورية واليمن والعراق.

كورونا يتفشى في العراق
بعد التنبؤات والتحذيرات التي بدأت تطفو إلى السطح تزامناً مع الأيام الأولى لظهور الفيروس في المدينة الصينية الموبوءة به "ووهان"، مطلع العام الجاري، تحققت هذه التنبؤات ودخل العراق في دوامة الأزمة التي حذّر منها المختصون في البلاد، وأصبح الفيروس يهدد مضاجع العراقيين.

بدأ دخول فيروس كورونا عبر الحدود العراقية الإيرانية، وبسبب اتباع إيران لسياسة التكتم عن الإصابات وحقائق الإحصائيات المتعلقة بالفيروس، حيث إن السلطات العراقية لم تعِر أهمية كافية لتنفيذ الإجراءات الوقائية للحد من الفيروس، حتى دخل عبر الإيرانيين والعراقيين الوافدين من البلد المجاور الموبوء، وبهذا أصبح الفيروس رسمياً موجوداً في العراق.


أخطاء السلطات ومخاطرها
تجاهلت السلطات العراقية مخاطر تفشي فيروس كورونا خلال الأسبوعين الأولين، عبر استمرارها في استقبال الوافدين من إيران، في ظل الفحص الهزيل الذي لا يتناسب مع خطورة انتقال كورونا بسرعة بين الأشخاص.

إن من الأخطاء التي وقعت بها السلطات العراقية في مواجهة تفشي فيروس كورونا، خلقها أزمة المستلزمات الوقائية المتمثلة بقلة الكمامات والمعقمات والعلاجات اللازمة في المستشفيات، وذلك لأسباب عديدة تتعلق بسياسات الحكومات السابقة وتسببها في تدهور الواقع الصحي، فضلاً عن إهداء السلطات العراقية (76 طناً) من الكمامات للصين في بداية تفشي الفيروس، التي هي أصلاً صناعة صينية استُوردت سابقاً من الصين.

وتكمن المخاطر الحالية التي يشهدها العراق في تفشي الفيروس بنقطتين:
أولاً: ضعف إجراءات الفحص المخبرية التي لا تتناسب مع حجم مخاطر تفشي الفيروس، حيث تجري السلطات العراقية (60 إلى 130) عملية فحص مخبري في اليوم الواحد، بينما الدول النامية تجري ما بين (10 – 15 ألف) عملية فحص للتأكد من الإصابات بفيروس كورونا، وهذا يعني أنه قد يكون هنالك آلاف الإصابات غير المكتشفة داخل المجتمع العراقي، ولا سيما أن نحو (10 آلاف) شخص قد عادوا من إيران بعد تفشي الفيروس في هذا البلد، وكل هذه الأعداد قد تنقل العدوى منها إلى عائلاتها وأقاربها والمحيط.

ثانياً: دخول الأشخاص بصورة غير شرعية من إيران (البلد الموبوء) نحو الأراضي العراقية، من دون إجراء فحص طبي للتأكد من الإصابة بفيروس كورونا من عدمها، حيث إن مسؤولاً أمنياً في السليمانية يؤكد أنه يومياً يدخل نحو 250 شخصاً أراضي كردستان، فيما يؤكد مسؤول عراقي آخر أن أعداداً أكبر بدأت تدخل إلى العراق، تزامناً مع قرب مناسبة الزيارة الدينية لدى الشيعة.

المجتمع ينفخ على نار الأزمة
يمكن القول إن المجتمع العراقي يقع عليه العاتق الأكبر لمواجهة تفشي فيروس كورونا بين الشعب، من خلال اتباع الإجراءات الاحترازية التي تنفذها البلدان المتقدمة وشعوبها، عبر الاستماع إلى توجيهات الجهات المعنية والمختصين.

ومع شديد الأسف، الكثير من المجتمع العراقي لم يعِ أهمية كبيرة لمخاطر تفشي الفيروس في العراق، حيث التقصير واضح من قبل الشعب، عبر تجاهله لتوجيهات خلية الأزمة وتحذيرات  المختصين. ففي محافظات جنوبية وصل كسر حظر التجوال المفروض ضمن الإجراءات الوقائية إلى نحو (50%)، في حين أن اللجان الطبية تتوسل المواطنين لالتزام التعليمات، وانتشرت مقاطع مصورة في منصات السوشيال ميديا، تحذّر من هذا الاسلوب الذي يتبعه بعض "المتخلفين".

المعطيات أعلاه تشي بأن الفيروس سريع الانتقال، يهدد العراق بكارثة صحية، التي لم يستطع احتواءها بصورة سريعة الكثير من البلدان، كإيطاليا وأميركا وألمانيا، وحتى الصين، في ظل بلد موبوء بالفساد ويعاني من تدهور صحي بجانب مخاطر الأزمة المالية الكبيرة والانهيار الاقتصادي المرتقب، وتخلّف الكثير من المجتمع عن توجيهات اللجان الصحية، وهذا ما حذرت منه مفوضية حقوق الإنسان وبعثة الامم المتحدة في بغداد، وبعض الأطباء والمختصين.

دلالات