ثقافة وكورونا

ثقافة وكورونا

16 مارس 2020
+ الخط -
في برنامج أطفال يتحدث عن ديناصورات صغيرة تعيش مغامرات تتخللها أسئلة تساعدهم في الوصول إلى نهاية سعيدة لكل حلقة، هناك ديناصور صغير يردد: أنا أعرف أنا أعرف، هذا في عالم الأطفال أما في عالم الكبار فللمعرفة مكان وزمان.

إن المعلومة التي تحصل عليها تأتيك بجهد وتعب، إذا قيلت بغير وقتها وزمانها المناسب ضاعت وقد تجلب لك المتاعب، هذا لا يتعارض مع الشفافية والمصداقية، فالعلم واسع والمعلومات لها مصادر مختلفة تصب في جداول متنوعة، فمن غير المنطق نقاش المعلومات التي تعرفها عن الفلك مع شخص اختصاصه علم الاجتماع، إلا إذا كان ذلك يفيد موضوعا يلتقي مع علم الفلك في نقطة مشتركة.

اختيار الوقت والمكان المناسب للمعلومة لا يقل أهمية عن المعلومة نفسها، فلو أنّ برنامجا عن العلوم يبث على قناة رياضية عقب مباراة ديربي لن يكون ذا أهمية تذكر، وقد لا يتابعه أحد، لأن مشاهدي القناة ينتظرون تحليلا من المختصين الرياضيين لمباراتهم المفضلة.

مشاركتك للمعلومة من دون شروط ومع كل الأشخاص المهتمين وغير المهتمين يعرضك لكثير من الجدل السفسطائي العقيم، ويعرضك لمواقف محرجة بسبب سوء الفهم الذي يحدث عندما لا تلتقي المعلومات في مجرى واحد.

الممارسة والتدرب على النقاش وإلقاء المعلومات في مكانها وتوقيتها المناسب أحد أهم أساليب الوصول إلى جمهور يتلقاها بصدر رحب، سواء كان ذلك على مواقع التواصل في العالم الافتراضي أو في مجالات المحاضرات والنقاش الهادف على أرض الواقع.


يختلف كثير من الناس حول لقب مثقف، تسمع من يقول عن نفسه مثقفا ويضمها إلى خانة مثقفي المجتمع، على صعيد آخر يطلق بعضهم لقب مستثقف على دخلاء عالم الثقافة، فمن هو المثقف حقيقة؟

المثقف هو من يمتلك هدوء النقاش وسلاسته وسعة المعلومة وقوة مصدرها، ولأطلق على نفسي لقب مثقف عليّ إدراك حجم معلوماتي ومدى إثرائها للمواضيع التي تدور حولها، وأهميتها في نهضة المجتمع وتقدمه، وتقبل وجود شركاء لنا في هذه المعلومات يضيفون إليها أو يعارضونها ويدحضونها، وكل ذلك يؤدي إلى الهدف نفسه إثراء المثقف والمعلومة معا.

في حفلات الصالونات الثقافية تظهر أخلاق المثقف الحقيقية وأهدافه وتوجهاته وميوله من خلال النقاشات التي تدور رحاها في حقولها.

في مثل الأوضاع الراهنة تظهر أهمية الثقافة في توجيه الوعي المجتمعي بخطورة فيروس كورونا وضرورة الالتزام بالتعليمات الواردة من الجهات المعنية وقبول القوانين المفروضة لمواجهة المرض والحد من انتشاره، فمثلا الحجر الصحي لمدة أسبوعين لأن حضانة الفيروس تبلغ هذه المدة وهي التي ينتشر فيها ومن خلال ضبط التجمعات والتجمهر يحد من انتقاله من شخص لآخر، فإن الشخص الواحد المصاب قادر على نقل العدوى لحوالي خمسين شخصا، وإذا لم يسيطر على انتشار المرض قد تصل المستشفيات إلى أقصى طاقتها الاستيعابية للحجر وهنا تتفاقم أزمة المرض.

من الضروري معرفة أن المدخن الذي يستهلك أكثر من ست سجائر يوميا تكون أعراض المرض عنده أكثر حدة من غيره وذلك لأن رئتيه أكثر هشاشة وأقل قدرة على مقاومة الفيروس من غير المدخن، كذلك الأطفال وكبار السن تكون مناعتهم أقل من غيرهم.

المسافرون القادمون من الدول الذي ينتشر فيها الفيروس يجب الالتزام بتعليمات الحجر الصحي وذلك من أجل المصلحة العامة، إن على الجميع تقبل رؤية أشخاص يرتدون كفوفا طبية وكمامات أو إذا رأينا شخصا يفضل عدم السلام باليد والتقبيل مهما كانت صلة قرابته بك فله ذلك، أو شخصا يحمل معقما يستخدمه بكثرة هو يرى أن هذه الطريقة التي تقيه من الفيروس، أو شخصا آخر يمضغ العلكة باستمرار حتى لا يستقر الفيروس في حلقه جميعها طرق احترازية قد لا تقيك من الفيروس مائة بالمائة ولكن علينا عدم الاستهزاء بهم وأخذ الأمر على محمل الجد لا الهزل والسخرية فالوضع لا يحتمل المزاح والاستخفاف بذلك، ولنجد لنا طريقة حتى لو كانت عدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى.

أخيرا نرجو السلامة للجميع وانتهاء الأسبوعين على أفضل النتائج وندعو الله بالشفاء التام لجميع المصابين وأن يبقى الوطن سالما آمنا.
A70A6B05-880A-46F3-93C3-09859D5CFC65
إيناس عبد الفتاح
صيدلانية كاتبة مقالات وقصص على مواقع التواصل الاجتماعي، نرتقي بالفكر ونكتب لنصل إلى العقول وشيء من العاطفة