لست ملحدة...!

لست ملحدة...!

11 مارس 2020
+ الخط -
اعتدت على حب الله منذ أول فجر لي عندما فتحت عيني على هذه الدنيا، أول نظرة كانت إلى السماء وكأن فطرتي تقودني إلى الباب الصحيح، إلى المكان الصحيح بطريقة ما، لا أعلم كيفية ذلك، ولكن أعلم أن تلك اللحظة كانت الأكثر نقاء في وجودي كله، لم يكن هنالك أحد يقول لي سوف تذهبين إلى النار إن فعلت كذا أو إلى الجنة لو فعلتي كذا، كنت أضحك للسماء وأرى الله بقلبي وأستشعر وجوده يلامس روحي.

كلما كبرت تعلقت بالله، كنت أسأل دائماً لماذا السماء لا تقع علينا، لا توجد أعمدة تثبتها، فتكون الإجابة الأجمل والأكثر طمأنينة الله يمسكها، وأعاود السؤال لماذا الشمس تذهب في الليل فيقولون لي ذهبت للنوم نامي أنت أيضاً وعندما تستيقظين ستكون الشمس موجودة، فأذهب مسرعة إلى فراشي، براءة الوجود الأول ليتها بقيت وبقينا نسأل الله أسئلتنا ذاتها ونجد الإجابات الشافية ذاتها.

كبرنا وكبرت التساؤلات حول الوجود، ولكن بتنا نخاف السؤال خشية الموت أو التكفير، وكأن التفكر والتأمل باتا حكراً على أصحاب اللحى ومن أسميهم "المتأدينين"، من يظنون أن الله لهم وحدهم، من يظنون أن الجنة وجدت لهم فقط. الله لطيف، الله السلام، لقد جعلوه عرضة لمزاعمهم وأهوائهم، استخدموا دين السلام للحرب، أرهبوا الخلائق من الخالق جعلوهم يهربون منه بدل الهرب إليه.. ولله المثل الأعلى ومعاذ الله قالوا إن الله ظالم، ولكن بذلك والله هم أنفسهم يظلمون.


فالله العدل بيده الخير وهو على كل شي قدير. نصّبوا أنفسهم مكان الله يحاسبون ويأمرون وينهون، حكموا على فلان بالموت لأنه مختلف وعلى آخر بالسجن لأنه أعطى رأيه. أنا مؤمنة بأن كلا منا لديه إيمانه الخاص بالله، طريقته الخاصة بالحديث معه، أسلوبه الخاص بالدعاء، بالطلب، بالاستغفار، بالتضرع، باللجوء إلى عظيمه.

ليس لأحد غير الله أن يحاسبني، الله اللطيف المحب من نذهب إليه مثقلين بالذنب ونعود من عنده محملين بالأمل والمغفرة. أقنعوني، هل الخلائق كالخالق الآن؟

البشر أوغاد حقودون متوحشون، يبطشون، يظلمون، ينهبون، لا خير فيهم إلا من رحم ربي.

الله الودود يقبلنا بكل أحوالنا، يحبنا كما نحن، لا نضطر للتصنع في حضرته. الله المحب يعطينا سؤلنا ولا يطردنا مهما أخطأنا، ليس كالبشر الذين ينتظروننا لنخطئ. الله السلام، فهو يحمينا من حروب أنفسنا، فيدعونا ليسمعنا ونعود من عنده مطمئنين. أما البشر فيشعلون فيك آلاف الحروب، وتكون الوقود لنيران حقدهم.

فبالله أأكون ملحدة لأنني أنصف الله وأذهب إليه؟!.. يصفونني بالإلحاد، فأقول لنفسي كيف لفطرتي السليمة أن تتضرر بمثل هذه الاتهامات الباطلة. الملحد لا يستطيع إدراك الحياة، وأنا أدركها فكيف يدرك الملحد؟

أنا مؤمنة بأني فانية وأني سوف أبعث من جديد وأنه لا وجود للعدم، أؤمن بأنني كنت نطفة فعلقة فمضغة.. ثم خلقني الله عظاما فكساني لحما فأنشأني الله وخلقني فصورني وسواني ونفخ في الروح فأحياني، أليس ذلك من التوحيد؟

أتساءل أحيانا كيف تكون حياة الملحدين أولئك الذين لا ملجأ لهم عند الخوف أو الحاجة..؟ كيف لهم أن يعيشوا دون استشعار قوة الله فيهم، أنا دون الله أضيع وأجد نفسي حينما أعود إليه. الملحد هو من يظنني ملحدة، فأنا لو استيقظت من نومي أجد لساني يقول لا إله إلا الله.

إننا تحت رحمة إله صبور نجحد وجوده وهو ينقذنا ويعطينا!! ما أعظمه سبحانه. في ظل الله نحن أحرار فلماذا نقيد أنفسنا.. لماذا نسمح للآخرين بتقييدنا. أرواحنا مفطورة على حب خالقها فلماذا نربطها بفكرة عقيمة لا أساس لوجودها.. حتى من يعتنقونها.. يعتنقونها فقط لإثارة الجدل حولهم.. روحك ليست لك، إنها أمانة لديك، فلماذا تزهقها، دعها تجد سبيلها إلى خالقها، أطلقها لتجد طريقها.

ما قيمة الحياة إن لم تغامر وتتعثر، ألم يوجدنا الله لنبحث عنه.. لماذا نحن في هذه الحيرة وكل شيء واضح.. تذكر الروح لله والجسد سيعود من حيث نشأ.. اسْمُ بروحك.. مؤمناً بأنك تحت مظلة الواحد وأنك له، مستسلم لأمره، مدرك لعظمته.. سوف تتخبطك الشهوات وتجرك إلى الهاوية، فإما أن تستسلم وترضخ فتقعد ملوما مدحورا تتلاطمك أمواج الحياة فتضيع روحك وتغرق في دواماتها إلى أعمق الظلمات.. وإما أن تصارعها وتنجو، أو تستسلم لها فتهلك.

ابحثوا عن الله دون خوف، لا أحد موكل بالحساب على الأرض، الله للجميع ومع الجميع فكونوا لله.. فالله لا يفسد ملكه.

دلالات