الأوبئة العالمية ضربة حظ أم أسلحة بيولوجية؟!

الأوبئة العالمية ضربة حظ أم أسلحة بيولوجية؟!

10 مارس 2020
+ الخط -
قبل أن نتعمق في التحليل عن إن كان ما يحدث ضربة حظ أم سلاح بيولوجي، نطرح سؤالاً عن ماهية السلاح البيولوجي؟ في الحقيقة، الأسلحة البيولوجية لا تكلف من المال الكثير فيكفي أن تعرف مسببات الأمراض لتقضي على قوم بشكل كامل، فالسلاح البيولوجي أو الإرهاب العضوي هو الاستخدام المتعمد للفيروسات والبكتيريا والجراثيم المسببة للأمراض بهدف قتل أو إيذاء إنسان أو حيوان أو حتى نبات وهو أحد أنواع أسلحة الدمار الشامل.

سنة 1279 غزا الطاعون شعب المغول ففتك بالعديد منه وصارت الجثث كثيرة، فاستخدم المغول جثت المرضى الذين ماتوا كسلاح بيولوجي، إذ كانوا يرمون الجثث فوق أسوار حصون أعدائهم، فينتشر المرض وتخر قوى العدو بكثرة الوفيات وانتشار الوباء فيسهل على المغول استعمارهم ودك حصونهم، فكانوا سبباً في قتل الملايين من الأوروبيين عن قصد، ولكن عن جهل بموضوع المرض وخطورته، فكان أول سلاح بيولوجي يستخدمه بني البشر في ما بينهم.

أما في الماضي القريب وخلال الحرب العالمية الثانية فقد سممت اليابان 100 بئر يشرب منها الصينيون بالكوليرا والتيفوئيد، كما قامت طائرات يابانية برمي حاجيات ملوثة بمرض الطاعون، ونشر حشرات ناقلة للمرض في عدد كبير من المدن الصينية، ووصل عدد الضحايا إلى ما يفوق 300 ألف، ولم تتوقف الأمراض عن الانتشار حتى بعد الحرب، فقد كان هناك 30 ألف قتيل كل سنة حتى سنة 1947.


نعم إنها اليابان، بلد الأخلاق والمبادئ، وهو ما حول "شيرو ايشي" من مجرم حرب إلى عالم كبير، فتهافتت عليه الدول العظمى للظفر ببحوثه. وهو ما حدث حينما سألت الولايات المتحدة الأميركية اليابان عن البحوث التي قامت بها على البشر خلال الحرب اليابانية الصينية الثانية مقابل الصمت والتستر على جرائمها البشعة آنذاك.

أما في أواخر القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، فقد كان أخطر سلاح بيولوجي هو الجمرة الخبيثة، إذ كانت تصل إلى الناس أظرف بخط مجهول وحين تفتحها يتصاعد منها غبار يصيب الضحية بمرض قاتل.

جنّدت الولايات المتحدة الأميركية كل إمكاناتها وكالت التهم إلى الجميع من أعدائها، كالعراق وصدام حسين وتنظيم القاعدة وغيرهم، ولكن حتى يومنا هذا لم يتوصلوا إلى المتسبب وصاحب الفكرة التي أسست للجمرة الخبيثة، لكن الغريب هو انتهاء المرض والتعتيم الإعلامي عليه بمجرد غزو العراق وسقوط صدام حسين.

بعد ذكرنا لقصص واقعية وحقيقية عن أسلحة بيولوجية استخدمت في الواقع، يقودنا الوضع إلى أمراض الإنفلونزا التي كانت بدايتها من الإنفلونزا الإسبانية التي تعتبر الأكثر فتكاً وصاحبة العدد الأكبر من الضحايا حتى زماننا هذا، فقد أصيب نحو 500 مليون شخص بالعدوى وأظهروا علامات إكلينيكية، في حين مات ما بين 50 إلى 100 مليون شخص جراء هذا المرض، ما يعادل ضعف المتوفين في الحرب العالمية الأولى.

كانت إنفلونزا إسبانيا 1918 "أعظم هولوكوست طبي في التاريخ"، وكان عدد الوفيات يفوق حتى عدد ما حصده الطاعون الأسود في القرن الرابع عشر، فقد كانت تتميز الإنفلونزا الإسبانية على عكس كل أنواع الإنفلونزا الأخرى بأنها ذات قدرة على إحداث مضاعفات مميتة على من أعمارهم أقل من 40 سنة، فالإحصائيات كانت تشير إلى أن 99% من الوفيات كانت لدى أشخاص أقل من 65 سنة، أما عن مكان ظهور هذا المرض، فقد سرب الكاتب السياسي أندرو برايس سميث وثائق من الأرشيف الحكومي النمساوي تشير إلى أن أوائل حالات الوباء ظهرت في النمسا، الموطن الأصلي للزعيم النازي أدولف هتلر، في ربيع عام 1917.

أما في العشرية الماضية فقد ظهر إلى الوجود وباء عالمي تحت اسم H1N1 قبل أن يطلق عليه العلماء اسم H1N1v ويشير حرف v إلى كلمة "variant" وتعني التنوّع، وهو ما يعني أن الفيروس يصيب الحيوان، لكنه اكتشف في البشر.
في ربيع 2009 بينما كان العالم مشغولاً بالكساد والأزمة الاقتصادية الخانقة التي بدأت بالظهور، تعرف العلماء إلى سلالة إنفلونزا الخنازير، وهو فيروس ناتج عن مزيج من الفيروسات الواردة من الخنازير والطيور والبشر، كان هذا الفيروس يصيب الجهاز التنفسي البشري، وأصيب عدد هائل من البشر بهذه العدوى، لهذا صنّف المرض من منظمة الصحة العالمية وباء عالمياً، إذ كان مجموع الوفيات ما يناهز 18.183 حالة وفاة على الأقل، وكان من بين المصابين الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي والرئيس الكوستاريكي أوسكار آرياس.

وحتى لا نواصل التفسيرات والتشفيرات ونصل إلى قناعة ثابتة أو شبه ثابتة، نعود اليوم إلى وقتنا الحاضر وفيروس كورونا، فإن جيمس ستافيردس القائد السابق لحلف الناتو حذّر من أسلحة بيولوجية وأوبئة يمكن أن تقضي على خمس سكان العالم، وأكد أن ذلك يعني وفاة أكثر من 400 مليون نسمة.

كذلك قبل ثلاثة أشهر من تفشي المرض في الصين، اكتشف علماء من مركز جوب هوكينز البريطاني، بعد قيامه بمحاكاة، تركيبة وبائية يمكنها أن تقضي على 65 مليون شخص حول العالم من خلال 18 شخصاً حاملاً للمرض فقط.

فهل كانت المحاكاة من فراغ وهل نفترض هنا حسن النية لهذا البرنامج الوبائي أم أن القصد تقليص سكان العالم وإرغام النامي على إيقاف نموه وتقسيم موازين القوى أو إبقاؤها كما هي؟

للعلم، لم يكتشف لقاح لـCOVID19 حتى يومنا هذا، لذلك لا يمكننا الجزم ولنترك الحكم للمستقبل، فهل سيكون شبيهاً بالإنفلونزا الإسبانية أم إنفلونزا الخنازير والطيور أم هو جمرة خبيثة بطابع جديد.

دلالات