كورونا قد يبيد الشعوب العربية

كورونا قد يبيد الشعوب العربية

09 فبراير 2020
+ الخط -
الفيروس الذي بدأ يغزو العالم مؤخرًا ويثير قلق الدول والشعوب، يبدو أن اسمه لم يُثِر القلق لدى حكومات عربية، حيث ترى الوضع وكأن هذه البلدان تتمتع بنظام صحي متطور للغاية، يفوق ما هو موجود في الدول العظمى، كالصين وأميركا واليابان وغيرها من الدول، والتي سجلت إصابات ووفيات، ولا تزال الحالات متصاعدة، رغم الجهود المبذولة من قبل الجهات المختصة، والأنظمة المتطورة التي تتمتع بها تلك البلدان.

إن حديثنا عن مخاطر إبادة الفيروس القاتل للشعوب العربية، ليس بمعنى الخطورة التي يحملها الفيروس، بقدر ما هو خطر تحمله الأنظمة الحاكمة، والأوضاع المنهارة التي تعاني منها شعوب المنطقة، ولا سيما العراق وسورية واليمن، وبقية الدول التي تعاني من تراجع في النظام الصحي، كالجزائر ومصر وتونس والصومال وغيرها.

فلو أخذنا لمحة موجزة عن الوضع الصحي لدى البلدان العربية التي ذكرنا بعضها آنفًا، سنجد أنه يمر بأسوأ حالاته اليوم، في ظل التوترات السياسية والأمنية التي تعاني منها دول المنطقة، والتدخلات الخارجية التي أنهت الاستقرار النسبي الذي كانت تتمتع به تلك الدول؛ فمنظمات دولية، وعلى رأسها الصحة العالمية، اعتبرت أوضاع اليمن الصحية أسوأ كارثة صحية في العالم، بسبب نسب الفيروسات والأوبئة والأمراض التي تغزو المدن وتخطف أرواح الشعب كبارا وصغارا، في ظل الحرب التي حرمت السكان من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة وإنهاء خطر الأمراض.


كما أن العراق هو الآخر، قد جاء متذيلًا قوائم التصنيفات الدولية المتعلقة بالقطاع الصحي، فوفق مؤشر أمن الصحة الشامل تفتقر 195 دولة حول العالم إلى إمكانية مواجهة الفيروس، فقد احتل العراق المرتبة الـ167 عالميا والـ13 عربيا، وبدرجة 25.8، إذ إن متوسط درجة مؤشر GHS هي 40.2 درجة من أصل 100، فضلًا عن أنه يعاني من ضعف بقدرة منع الأمراض واكتشافها، ويفقد القدرة على الاستجابة للطوارئ الصحية، وبهذا يكون حاله حال الدول التي تعاني هذه المشكلة، مثل سورية واليمن وغيرهما.

كما أن سورية، في ظل ما تمر به المناطق الشمالية والشمالية الشرقية اليوم، تعدّ بيئة مناسبة لنشر الوباء الذي قد يبيد السكان كافة ومعهم النازحون، ويجره الإهمال الحكومي لسائر المدن التي تتمتع باستقرار أمني نسبي ليكمل حصاد الأرواح حتى إنهاء الشعب.

إن الدول الثلاث التي تحدثنا عنها في الفقرات أعلاه، هي النموذج الأبرز للبيئة المناسبة التي قد تكون حاضنة لأيّ وباء قاتل، في ظلّ عدم الاستقرار الذي تعانيه هذه الدول، وغياب النظام الصحي والرعاية، وجدية الحكومات في ضرورة توخي الحذر بمواجهة مخاطر الأوبئة والأمراض.

ماذا لو وصل "كورونا" إلى العراق؟
أحدثكم عن بلد منكوب كالعراق، وعن مخاطر ظهور هذا الفيروس القاتل فيه إذا ظهر -لا قدّر الله- والذي قد يكون انتشاره بداية انطلاقة لكارثة إبادة جماعية تورطت فيها الحكومات المتعاقبة في العراق وسائر دول المنطقة، والجهات الدولية التي تتمتع بنفوذ كبير والتي عمدت إلى جعل هذه البلدان منكوبة وضعيفة لخدمة مصالحها الاستعمارية والطائفية.

الخطر الذي نتحدث عنه، والتخوف بدأ على لسان الباحث العراقي في الصناعات الدوائية بجامعة شانسي الصينية للعلوم الدكتور زياد طارق، عندما نشر مقالا على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا: "تقديري أن فيروس كورونا قد وصل إلى العراق، وحاليا هو في فتره الحضانة"، عازيا سبب عدم الكشف عنه إلى "عدم امتلاك العراق نظاما صحيا".

إن هذا التحذير لم يكن توقعًا أو تصورًا فحسب، بل كان واقعًا مخيفًا كشفته الصور والفيديوهات والمصادر في وزارة الصحة، والتي أكّدت أن الإجراءات الحكومية كانت معيبة ومضحكة، ولا تتناسب مع حجم الخطر الذي يحمله هذا الفيروس.

لقد تعاملت وزارة الصحة خلال الأسبوعين الأولين، مع بدء ظهور الفيروس حول العالم، بتشكيل لجنة متخصصة مكونة من شخصين فقط يتجولان في مطار بغداد الدولي، في حين غابت أجنحة الحجر الصحي وباقي المستلزمات والأجهزة الواجب توافرها لفحص المسافرين القادمين من الصين واستقبالهم، ولا سيما المنطقة الموبوءة بهذا الفيروس.

كما أن صورًا أظهرت عددًا من المتخصصين وهم يفحصون مسافرين عراقيين قادمين من الصين في مطار البصرة، بجانب مسافرين آخرين يسرحون ويمرحون، فلو كان أحدهم مصابا، فهذا يعني وقوع الكارثة بمعناها الحقيقي! فهل نجد حقًّا عقولا تحملها تلك اللجان أو المؤسسات المعنية في العراق؟ لا أتصور أن العاقل يقدم على فعل يدرك أنه تصرف غبي.

الطامة الكبرى ليست في ظهور الفيروس في العراق أو دولة عربية أخرى، بل في مدى الاستعداد لحصر هذا الفيروس ومواجهته ومنع انتشاره، فبالرغم من أن الصين الدولة الصناعية العظمى، والقدرة البشرية الهائلة التي تمتلكها، والذي أكّدته حملة بناء مستشفيين يسع كل واحد منهما أكثر من ألف سرير في غضون أسبوعين فقط؛ لم تستطع إلى اليوم مواجهة الفيروس، فكيف ببلد عجز عن بناء مستشفى واحد منذ نحو عقد من الزمن أن يواجه خطر الفيروس، بل قد يكون الأسبوعان اللذان بَنَتْ فيهما الصين مستشفاها، هي المدة التي قد يقضي فيها هذا الفيروس على الشعب برمّته!