هل تزايدت الجهود الدولية لحل الأزمة الليبية؟

هل تزايدت الجهود الدولية لحل الأزمة الليبية؟

27 فبراير 2020
+ الخط -
عقب مؤتمر برلين الخاص بحل الأزمة الليبية، الذي انعقد في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، ظهرت عدة تحركات تؤشر إلى وجود رغبة دولية لحل الأزمة الليبية، منها:

1- تصاعد الانتقادات الأممية، فبعد حالة من السبات العميق والتجاهل التام للأزمة الليبية، فقد أعادت الأمم المتحدة تركيزها مرة أخرى على ليبيا، موجهة انتقادات قوية وصريحة للدول الداعمة لطرفي الصراع الليبي. وهو ما ظهر في تسمية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والوسيط الأممي غسان سلامة، ولأول مرة، دولاً بعينها (مصر- الإمارات- تركيا- روسيا)، موجهين انتقادات قوية لتلك الدول لما تقدمه من دعم عسكري لطرفي الصراع (حفتر والسراج).

ولعل تلك الانتقادات تفسر قيام حفتر بمنع رحلات البعثة الأممية من ليبيا وإليها، وهو المنع الذي قابلته البعثة ببيان تعرب فيه عن مخاوفها من القرار الذي قالت إنه سيعرقل المساعي المبذولة لإنجاح الحوار. ما أثار العديد من التساؤلات عن قدرة تلك البعثة في وقف الصراع العسكري وفرض الحلول السياسية، في حين أنها غير قادرة على الهبوط بطائراتها داخل ليبيا.


2- تحرك مجلس الأمن، فقد تبنى مجلس الأمن القرار 2510 حول ليبيا، الذي يدعم مخرجات مؤتمر برلين ووقف إطلاق النار. وتكمن أهمية القرار الأممي في أنه يمثل الإرادة الدولية في أهم مؤسساتها، وهو مجلس الأمن. كما أن هذا القرار يعد الأول الذي يتخذه المجلس منذ بدأ حفتر هجومه العسكري على طرابلس في إبريل/نيسان 2019. فضلاً عن الإصرار الدولى، خاصة البريطاني، على صدور هذا القرار برغم وجود معارضة روسية، ولتكتفي موسكو بالامتناع عن التصويت دون استخدام حق الفيتو لمنع صدوره.

3- توحيد الموقف الأوروبي، فقد اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، في 17 فبراير/شباط الجاري، على إطلاق مهمة بحرية لمراقبة تطبيق حظر دخول الأسلحة إلى ليبيا الذي تفرضه الأمم المتحدة، وستركز تلك المهمة على شرق المتوسط، حيث تعبر الأسلحة في طريقها إلى ليبيا. والجدير بالذكر أن هذه العملية ستكون عسكرية تقوم بمراقبة تهريب السلاح إلى ليبيا، وليست إحياءً لعملية صوفيا التي بدأت في عام 2015 وتوقفت أواخر عام 2019، التي كانت عملية إنسانية تستهدف انتشال المهاجرين في عرض البحر إلى أن تم تعليق المهمة بسبب خلاف حول المكان الذي ينبغي أن ينقل إليه الأشخاص الذين تم إنقاذهم.
وإن كان البعض يرى أن هذه التحركات الأوروبية الهدف منها هو مواجهة النفوذ التركي المتصاعد في ليبيا على خلفية عقد الاتفاقية الأمنية والبحرية مع حكومة الوفاق. وهو ما ظهر في حديث رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الذي أكد أن "قرارات الاتحاد الأوروبي الأخيرة بشأن تشديد المراقبة على حظر الأسلحة عن ليبيا تتعلق بمراقبة الجانب البحري فقط، وبذلك يكون الهدف منها بالأساس الاتفاق مع تركيا". وأضاف المشري في حديث لـTRT عربي، أن "القرارات تأتي بعد امتلاء مخازن حفتر بالسلاح، فضلاً عن أن معظم الأسلحة التي تصل إلى حفتر تأتي من مصر عبر الحدود البرية أو من خلال طيران مباشر من القاهرة وعمان وأبوظبي".

أكثر من ذلك، فهناك خلاف حول من يقود تلك المهمة البحرية، ففي حين تصر الدول الأوروبية على أن تكون تلك المهمة تحت إشراف الاتحاد الأوروبي، فإن تركيا تطالب بأن تكون تحت قيادة الأمم المتحدة، وفقاً للمتحدث باسم حزب "العدالة والتنمية" التركي عمر جليك، الذي أكد على أن "تطبيق حظر الأسلحة على ليبيا ينبغي أن يتم من قبل الأمم المتحدة". فيما تصر روسيا على أن تكون تلك المهمة تحت قيادة مجلس الأمن، وهو ما أكده وزير خارجيتها سيرغي لافروف، الذي أشار إلى أن "مهمة الاتحاد الأوروبي الهادفة إلى منع وصول السلاح إلى ليبيا يجب أن تعمل باتفاق مع مجلس الأمن الدولي".

4- دور أميركي أكثر جدية، فقد عقد مجلس الشيوخ الأميركي جلسة استماع بشأن ليبيا، إثر تقدم عدد من أسر ضحايا قصف الطيران الموالي لحفتر بدعوى في المحكمة الفيدرالية بواشنطن ضد حفتر ومعاونيه. يذكر أنه لأول مرة تجتمع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ كاملة في جلسة استماع حول سياسة أميركا في ليبيا، فضلاً عن تأكيد مساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر، ونائبه كريستوفر روبنسون، خلال تلك الجلسة، على اعتراف واشنطن بحكومة الوفاق كطرف شرعي، ورفض الاعتراف بحفتر، وانتقاد الدور الروسي الداعم للأخير عبر شركة فاغنر.

ولعل تلك العودة الأميركية للملف الليبي هي التي شجعت بريطانيا على تقديم مشروع قرار وقف إطلاق النار إلى مجلس الأمن، وشجعت قبلها ألمانيا على عقد مؤتمر برلين. وإن كان البعض يرى أن واشنطن لا تقترب من الملف الليبي إلا بقدر اقتراب موسكو، فالأخيرة لم تتدخل بالشكل الكافي لترجيح كفة حفتر، واكتفت ببعض مرتزقة شركة أمنية فقط، وعليه فإن الانخراط الأميركي في الأزمة الليبية لن يكون بصورة كبيرة ومستمرة.