إرهاب السلطة في لبنان

إرهاب السلطة في لبنان

06 يناير 2020
+ الخط -
منذ بدء انتفاضة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، نزل الشعب اللبناني إلى الشارع رافضا للسياسات الحكومية المتعاقبة والنظام الطائفي التي أدت إلى انهيار الوضع الاقتصادي والمالي وانهيار دولة المؤسسات وبالتالي بناء مشروع غياب الدولة.

معظم أركان السلطة ما زالوا في زمن "خبر كان" لم يتعاطوا بواقعية مع الانتفاضة الحاصلة، حاولوا ضربها بوسائل مختلفة، ولكن هذه الانتفاضة ليس لها تمثيل تنظيمي أو مجموعة أو فرد، إنها عبارة عن وجع وغضب المواطن اللبناني، وعند حصول مزيد من الانهيار سوف نصل إلى مزيد من الغضب.

السلطة ما زالت حتى اليوم في زمن 16 تشرين الأول 2019، ولم تعِ أننا في 17 تشرين وشتان الفرق ما بينهما، ومسار تشكيل الحكومة اليوم هو دليل على أنها ما زالت في ذلك الزمن، ليس مستبعدا هذا السيناريو لأنه يوجِد صدمة فعلية والخروج من تلك الصدمة والعنجهية بالتعاطي ليس سهلا عليهم.


السلطة اليوم أمام واقعين، إما أن تختار أن تكون في زمن الانتفاضة والحراك الشعبي، وإما أن تختار الانهيار وبالتالي سقوط المركب بالجميع، أما الخيار الآخر فهو أخذ قرار جريء بإنقاذ الوطن عبر إجراء مراجعة ذاتية للسلطة وتصرفاتها والأخذ بالاعتبار الإنذار الذي وجهه الشعب، لأن اليوم جزء من مناصريهم شاركوا إضافة إلى رأي عام، ولكن المرة المقبلة، ولن تكون بعيدة، سوف يشارك بها جزء كبير من مناصريهم لأن الجوع لن يرحم.

القرار الجريء يكون بسلخ الذات عبر الاقتناع بالإصلاحات وليس اللف عليها، لمحاولة اعتبار كأن شيئا لم يحصل، لأنه لا يوجد أحد أكبر من وطنه. طبعا كل فريق سياسي له تمثيله، ولكن عند سقوط الوطن الجميع سوف يكون بخبر كان، والبلد سوف ينتقل إلى مزيد من الفقر والبطالة والعنف.

في الأيام الماضية عدنا نسمع أن الوزير باسيل لا يؤيد ذلك أو ذاك، وأن الأطراف تقبل بذلك أو ذاك وكأن شيئا لم يحدث في لبنان. الوطن يمر بفترة اقتصادية حساسة والجوع يأكل المواطن من جميع الطوائف والمذاهب والسلطة سوف تدفع المواطن اللبناني إن لم تلمس بعد حتى الآن أننا في زمن 17 تشرين وما زالت تراهن على الوقت، سوف تدفعه إلى ثورة تحت عنوان ثورة الجياع في لبنان، ما يعني الذهاب إلى المجهول.

أي حكومة لا تأخذ بمعايير الأخصائيين ضمن برنامج عمل ينقذ لبنان من آفته، سوف تكون مسؤولة عن آخر طلقة في نعش الجمهورية اللبنانية، وبالتالي في نعش اتفاق الطائف، وسوف نتجه نحو الإفلاس.

إنها سلطة مجرمة بحق المواطن اللبناني، استفادت من خيراته وتريد أن تستفيد من إفلاسه أيضا عبر صفقات جديدة تتعلق بثرواته. إنه الإرهاب الاقتصادي والمالي بحق الشعب اللبناني، إنه إرهاب المسؤولية في تجويع المواطن، إنه إرهاب حجز أموال المواطنين، وفي المقابل السلطة تحول أموالها إلى الخارج. إنه إرهاب موت المواطنين على أبواب المستشفيات، إنه إرهاب المباني المهددة بالانهيار، إنه إرهاب العاطلين من العمل والكثير من الأعمال الإرهابية المالية والاقتصادية في لبنان.