خنفساوات خلدون الملونة

خنفساوات خلدون الملونة

05 يناير 2020
+ الخط -
بينما أكتب هذا العنوان فكرت في الطريقة التي انبعثت بها في حياة خلدون فجأة.. واتهمته لاحقاً بأنه من ظهر في منشور لي دون سابق إنذار، وأنا التي كنت أقرأ نصوصه بنهم دون أن أستطيع فهم شيء أو التوقف عن الابتسام. آنذاك لم أكن ملونة.

خطر ببالي كتابة هذا النص بينما أعيد كتابة "نملات خلدون" في أوراق أخرى من أجل صديق جميل. فاكتشفت فجأة كم أعرف نفسي وكم أخفيت عني الكثير من الأشياء الجميلة متعللة بغدر الزمان. ثم ما لنا وما لهذا؟ يجب أن أكتب عن خنفساوات خلدون الملونة.

إنها تبدو كالأسماك الذهبية الخاصة بالعقيد أورليانو التي دأب على صنعها وإذابتها حتى انتهى به المطاف مرتاحا على شجرة الكستناء التي احتملت أكثر من أي فرد من عائلته جنون والده.

اكتشف خلدون ولعه بالخنافس حين وجد في طريق عودته من المدرسة كتاباً عن عالم مدهش من ذوات غمديات الأجنحة ومقصاً صغيراً يصلح لإمساك الحشرات أكثر منه لتقطيع الأوراق.

وهكذا دأب في كل مرة يرى فيها خنفسة ميتة على فحصها ودراستها ثم إخفائها في كيس صغير كان قبل أن يراه ذلك الطفل المهووس خاصاً بالمسامير الصغيرة والبراغي. وبذلك وبعد مرور عدة أشهر من تلك الظهيرة الحارقة التي وجد فيها كتابه الأجمل صار يمتلك في غرفته مشرحاً خاصا لكل حشرة على حدة.. ولم تكن والدته قادرة على منعه من فعل ما يريد وقد رأت فيه فيلسوفا عظيما فلم تتوقف عن "حشوه بالموز طوال ثماني سنوات" على حد تعبيره ذات ليلة.

وبعد أشهر أخرى من البحث والتدقيق والاختبارات التي جعلت رائحة المنزل لا تطاق انتهى أخيرا إلى صناعة أول خنفسة نحاسية. استطاع فيما بعد ابتكار دهان لا يزول بعوامل البرودة والحرارة المتعاقبين.

استمر يصنع الخنافس حتى لم يعد يملك الوقت لفعل أي شيء في المنزل سوى النوم أو الاستلقاء في السرير وأفكاره تلقي به في الجحيم. في المرة التي قرر فيها إخفاء مختبره الصغير اكتشف أنه استطاع مرة تلوين خنفسة واحدة بكل الألوان التي استطاع صنعها.

دلالات