عن أصحاب المحاسن والمساوئ وفظائع المستشفيات ومختارات أخرى

عن أصحاب المحاسن والمساوئ وفظائع المستشفيات ومختارات أخرى

27 يناير 2020
+ الخط -
ـ "وما خلا الناس منذ قامت الدنيا من تقصير واجتهاد، وبلوغ الغاية، وتصور عن النهاية، وتشارك في المحامد والمذام، والمساوئ والمحاسن، والمناقب والمثالب، والفضائل والرذائل، والمكارم والملاثم، والمنافع والمضار والمكاره والمسارّ ومن بعض ما يكون للقائل فيه مندوحة، والمشاغب به استراحة، وللناظر فيه متسع، وللسامع مستمتع. وأحسنهم حالاً وأسعدهم جداً، وأبلغهم يُمناً، وأربحهم بضاعة من كانت محاسنه غامرة لمساويه، ومناقبه ظاهرة على مثالبه، ومادحه أكثر من هاجيه، وعاذره أنطق من عاذله، والمُحتجّ عنه أنبه من المحتج عليه، والنافح عنه أصدق من النافح فيه، وليس العمل على عدد هذه وهذه، ولكن على أن لا يكون مع صاحب المحاسن من الخصال اللئيمة وما يُحبطها، ويجتاحها، ويختلعها، ويأتي عليها، وإن صغر جُرم تلك الخلة، وخمُل اسم تلك الخصلة، وأن يكون مع صاحب المساوئ من الخلال الكريمة وما يعطيها ويسبل الستر عليها، ويعين الزائد عنها، ويبيّض وجه الناصر لها، ويمدُّ باع المتطاول إليها، وكما وجدنا السيئات يحبطن الحسنات، وكذلك قد وجدنا الحسنات يذهبن السيئات".

أبو حيان التوحيدي من كتاب (مثالب الوزيرين)

ـ "كانت تأتي عليّ لحظات يبدو لي فيها أنه لا يوجد شاب في الدنيا يبدد وقته بطريقة غبية، كما كنت أفعل أنا خلال هذه الأشهر. لم أقرأ كتاباً واحداً، وأنا على يقين من أنني لم أحصّل جملة معقولة واحدة ولا نطقت بمثلها ولا تمثّلت أدنى فكرة حقيقية. كنت أتجنب بالغريزة كل تجمع ثقافي، مؤملاً أن أشعر بقوة في جسدي الذي استوى، بطعم كل جديد وباللذات التي كانت محظورة عليّ حتى تلك اللحظة. من الممكن أن يكون هذا الضّرب من السُّكر بنسغ الذات ومن إلحاق الأذى بالنفس بإذاعة الوقت يشكل في اعتبار معين، متطلبات شباب فوّار متروك فجأة لنفسه، غير أن الحماسة الخاصة التي كنت آخذ بها الأمور، كانت قد وسمت هذا النوع من الكسل القبيح بخطورة فائقة، ولقد كان من المحتمل جداً أن أسقط كلية في الخَوَر، أو أن أستطيب الخَدَر وأستكين له لو أن مصادفة لم تمسك بي فجأة واقفاً على جسر السقوط الداخلي".

من رواية (التباس الأحاسيس) لـ ستيفان زفايغ ترجمة محمد بنعبود

ـ "السياسة هي تحقيق ما كان يمكن أن يحدث على أي حال"

هانز ماجنوس إنزنبرجر

ـ "متى يبدأ المرء بحب ابنه؟ الآباء الطبيعيون، أو أكثرهم نفاقاً، يجيبون دون تأخر أنه منذ البداية، كما لو أن حمى لحمية تنبثق فجأة في خلايانا أمام صورة خدوده المكتنزة ورياله. كذب. طبعاً انتهينا أنا وراشيل إلى حب ولدينا. لكن فقط بعد مرحلة تأقلم بطيئة. عندما اعتدنا أخيراً على وجودهما المتوعد. عندما تعلمنا أن نقاوم صراخهما وابتزازهما، حين اكتشفنا أن أكبر عملية أنانية تتركز في حب تلكما النسختين غير التامتين عنّا، قناع البراءة والعجز الذي يملكه الرضّع، نعرف ذلك، ليس غير قناع تطوري، قناع يجبروننا من خلاله على أن ننظر إليهم، نضحي لأجلهم، نلبي رغباتهم الاستبدادية والفاشية: الرقة هي الإجراء الساخر لانتصارهم، ومع ذلك ينتهي المرء بالحاجة إليهم وحبهم، اعتقاداً منه بأنهم الشيئ الوحيد الذي يمكن أن يبرر وجودنا في الإفلاس".

من كتاب سجل الخديعة لـ خورخه فولبي ترجمة رفعت عطفة

ـ "ببساطة، فإن المستشفيات ما هي إلا مكان لإنتاج الفظاعات. الفظاعة تلو الفظاعة، بشكل لا يمكن إيقافه، كما لو كانت كل فظاعة جديدة ضرورية لإضفاء الشرعية على الفظاعة السابقة، كما لو كانت كل فظاعة سابقة ضرورية لإضفاء الشرعية على الفظاعة التالية. توقف الآن و.. ولكنك لا تتوقف أبداً. الفظاعة تلو الفظاعة، ثم فظاعة آخرى، ثم مزيد من الفظاعات"

من رواية (السهم الزمني ـ طبيعة الجريمة) لمارتن أميس ترجمة عماد منصور

ـ "حاشتنا أغراض الحياة عن النظر"

عبد الرحمن الأبنودي

ـ "يا للفرح الغامر الذي كان يسود في ذلك الزمن اللا مبارك من اللا مشاركة. زمن كان التلقي بكل بساطة وصدق هو أهم شيء، ربما أنبل موقف، زمن لم تكن ثمة حاجة للتعبير عن النفس لاختبار الذات، لأن يكون المرء متطفلاً مزعجاً على نفسه. أنى ذهبنا في هذه الأيام يصفق الجمهور في الختام. لا صمت. لا ثانية واحدة من الانكفاء. بسرعة. تصفيق. بسرعة. أظهر نفسك بسرعة. كن جزءاً منها. تحدث عنها. أفصح عن شهادتك العظيمة."

من رواية (هامر كلافيير) لـ ياسمينة رضا ترجمة نزار آغري

ـ "لا يوجد من هو أحمق من الإنسان: في الطفولة يحلم بالهروب نحو البلوغ، لكنه حينما يصل لمبتغاه يرغب في استرداد تلك الأيام، ويتيه بين الجانبين فيلتف حبل العمر حول رقبته ويصرعه ببطء وبرضاه دون أن يحقق آمال الماضي، ستحاول أصابعه التشبث باستماتة بأفعال الحاضر وأحلام المستقبل كأنها آخر سبل النجاة، لكن لا طوق سينقذه من الغرق، فقانون الطفو يبطل تأثيره هنا"

محمد الفولي من مجموعته القصصية (تقرير عن الرفاعية)

ـ قال ذات مرة "إن أردتِ الاختيار، عليكِ أن تكوني إلهة". كان هذا حين أرادت أن يكون لها طريقتها الخاصة في انتقاء الأشياء. لم يكن من السهل أن يكون المرء إلهاً وهو بعيد عن جبل الأولمب".

من رواية (شاركني هذا الفالس) لزيلدا فيتزجيرالد ترجمة عزة حسون

ـ "يقول الشاعر أن أبيات الشعر تحرر الأشياء. وأننا حين ندرك شاعرية الحَجَر فإننا نحرره من "تحجره". ننقذ كل شيء بالجمال. ننقذ كل شيء بالشعر. ننظر إلى جذع ميت فنبعث فيه الحياة. هو فقط، نسي ماذا كان. علينا تحرير الأشياء وهذا عمل كبير. أعرف أن اشياء كثيرة في حياتي تغيرت بفضله".

من رواية هيا نشتر شاعراً للكاتب ألفونسو كروش ترجمة عبد الجليل العربي

ـ "يبدو أن أبي كان محقا في اعتقاده بسوء حظنا ونحسنا، ويبدو كذلك أن هذا العالم غريب كبير وضئيل، مترابط ومتنافر، سعيد وبائس، وكل حدث فيه ينعكس على سائر الناس، صرخت وأنا أنظر إلى الضفة الأخرى حيث قبور موتانا: ما ذنب أخي ما ذنبه؟ ما ذنب جيلنا كله؟ وقتها أيقنت أن أمورا كثيرة يجب أن تتغير ووجوها عديدة عليها أن تزول، كي نمحو هزيمتنا السوداء، لكننا بدلا من ذلك فوجئنا بمن يسميها "أزمة الشرق الأوسط"، فأدركنا أن الأمر سوف يطول، وفي الحقيقة لم تكن هذه الهزيمة سوى هزيمة شخصية لأخي وأمي ولي ولجميع أصحابنا ومعارفنا ومن كافة الجوانب."

مجيد طوبيا من مجموعة (الحادثة التي جرت)

ـ "سيأتي وقت سيتوقف فيه الرجال عن الخوف من المعرفة، ولن يعودوا يخفون مواطن ضعفهم وراء قناع "قانون أخلاقي"، وسوف يجدون الشجاعة لكسر قيد "يجب أن تفعل"، عندها سيتوق الرجال إلى حكمتي الحية، عندها سيحتاج الرجال إلى توجيهي لهم إلى حياة صادقة، حياة الشك والاكتشاف، حياة التغلب، التغلب على الشبق، وأي شبق أعظم من شبق الاستسلام؟"

من رواية (عندما بكى نيتشه) للكاتب الأمريكي إرفين د. يالوم ترجمة خالد الجبيلي

ـ "فوضى: انتصار الروح على اليقين ـ جمال: سلطة تنفيذية ـ كرامة: فرضية ملائمة لأيام الاستقبال ـ امرأة شريفة: احتكار جنسي ـ فكرة: لعبة غير قابلة للكسر، مجانية وأحيانا مميتة ـ شرعية: كمّامة الشعوب ـ أنا: الشيء الأكثر أهمية في العالم ـ متحف: مزبلة كبرى معترف بها رسمياً ـ صوفية: وسيلة روحية لعدم تمضية الوقت ـ عمل: كل ما لا نرغب في القيام به ـ عيب: نزول الدرابزين فرشخة"

جورج حنين من نص (قاموس لاستعمال البورجوازيين) الذي نشرته مجلة (جهد) السوريالية الناطقة باللغة الفرنسية في مصر ترجمة ساران ألكسندريان
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.