من وراء الحرب على الليرة اللبنانية؟!

من وراء الحرب على الليرة اللبنانية؟!

16 يناير 2020
+ الخط -
نظمت مهنة الصيارفة رسميا في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 1987، بقانون أقر في مجلس النواب ووقّع عليه رئيس الجمهورية أمين الجميل ورئيس الحكومة سليم الحص، ومؤلف من 18 مادة، أبرزها، أن هذه المهنة تقع تحت رقابة مصرف لبنان، ويبلغ عدد الصيارفة المنتسبين إلى النقابة 305، أما عدد الذين يعملون من دون رخص قانونية فيتراوح ما بين 200 و300 آخرين.

لبنان مر بفترات صعبة منذ انتهاء الحرب الأهلية حتى اليوم، ولكن على الصعيد النقدي والمالي لم تحدث سوى في 1992 عند ارتفاع الدولار إلى حد 2800 ليرة لبنانية، وهبوطه من بعدها إلى حد 1500 ليرة، لكن كان الوضع الاقتصادي والاجتماعي أفضل بكثير من واقعنا اليوم، حيث كانت كافة النسب من بطالة وفقر وغيرها، أقل بكثير من واقعنا اليوم.

من بعدها جاء دعم دولي وإقليمي حافظ على وضع إلى حد ما مستتب، وأصبح لبنان دولة تعيش على أساس الدعم الخارجي بسبب فسادها وهدر أموالها يمينا ويسارا من قبل قلة حاكمة، مما أدى إلى تدمير الطبقة الوسطى. هذه السياسات المالية والاقتصادية المتتابعة وهدر أموال قدرات الشعب اللبناني، كانت نتيجتها ثورة 17 تشرين.


قبيل الثورة ببضعة أشهر، بدأ شح الدولار وكان عمر لبنان أشهراً قبل الانهيار.. أدت الثورة إلى فضح السلطة وسياساتها الفاشلة، ولكن على الشعب دائما أن يدفع فاتورتين، مثل الكهرباء في لبنان، حيث يدفع فاتورة للدولة وفاتورة للقطاع الخاص..

خلال فترة ما قبل الثورة، كان الشعب يدفع الثمن من جراء هدر الأموال وتهريبها، اليوم يدفع فاتورة ثانية خلال فترة الثورة من مافيا مشتركة بين قطاع المصارف وشركائه من نافذين وصرافين يلعبون بحياة الشعب اللبناني.

هذه المافيا المشتركة هي المستفيد الأول من اللعب بسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، إذ تم تهريب أموال خلال الفترة الماضية إلى خارج المصارف، بالإضافة إلى صفقات تجري من تحت الطاولة بين الصرافين والمصرفيين النافذين في المصارف وبعض رجال الأعمال وساسة بالإضافة إلى مصرف لبنان..

هذه الفئة مسؤولة عن اللعب بأسعار سعر الصرف ومسؤولة عن تجويع نسبة كبيرة من الشعب اللبناني، ومسؤولة عن ازدياد نسبة البطالة في لبنان. إنهم المافيا التي تتحكم بأموال اللبنانيين ويجنون أرباحا باهظة على ظهر الشعب اللبناني..

في المقابل، مصرف لبنان لم يتخذ أي إجراء لوقف هذه الجريمة، مع أنها من ضمن اختصاصاته ومسؤولياته، فأصبح شريكا واضحا، تتشارك معه جميع الطبقة السياسية الساكتة عن هذا الواقع المرير..

أصبحوا يتنعمون بأموال المواطن اللبناني على حساب معيشته وإذلاله في الوقوف بطوابير على أبواب البنوك، لأخذ "خرجية" من فئة المائة دولار أسبوعيا. ألا يكفي المواطن الذل الذي كرسته الدولة من جراء الكهرباء والماء والاتصالات وكافة الخدمات التي هي من حقه أساسا؟

هذا من ناحية المودعين، أما من ناحية أخرى فيوجد 36% من الشعب اللبناني دون خط الفقر وبالتالي ليست لديهم ودائع في البنوك، لكن هذه المافيا تزيدهم فقرا وتجلب لهم زملاء جدداً، لأن لبنان قريبا سيصبح أكثر من نصف شعبه فقيرا، بسبب فقدان الليرة قيمتها، حيث تدنت حوالي 40 في المائة، وبالتالي من كان فوق الفقر بقليل أصبح تلقائيا فقيرا بسبب هؤلاء الذين يزداد غناهم على حساب الفقراء، ومن تبقى من الطبقة الوسطى وعلى حساب المودعين الكبار ولكنهم ليسوا من التركيبة حيث يستغلونهم بشح الدولار.

هذه التركيبة دائما تجد مخرجا لنهب أموال الشعب وبطريقة قانونية وشرعية. قطاع الصرافين حقق في الشهرين الماضيين 200 مليون دولار على حساب الشعب اللبناني، لكن هذا الواقع لن يستمر، لأنه في حال بقائه فإن الطاولة سوف تنقلب على الجميع لأن الشعب لن يرحم.