أذني على الرحلة... وقلبي على مصر

أذني على الرحلة... وقلبي على مصر

22 سبتمبر 2019
+ الخط -
من المطار، أكتب، وأرى فيه واقعاً محاكياً للحياة، فما هي إلا رحلة سفر، تنتقل فيها من مكان لمكان، في الغالب تختلف الوجوه التي تقابلها، من موظف الاستقبال إلى موظف الفندق إلى سائق التاكسي، رغم اني أحب أن اتنقل بالحافلات والمترو..

يتغير كل شيء إلا باب الفندق الذي نزلته، فهو نفس الباب الذي ستخرج منه بكل حقائبك، لا أمارس تسلية بالكتابة، ولا أحاول تضييع أوقات الانتظار المملة، لكن قلوبنا مع مصر التي لا نعلم عنها شيئاً الآن إلا "طشاشا" من خلال موقع العربي الجديد، ومواقع أخرى كالجزيرة التي لا أستطيع سماعها، كوني فقدت السماعة وأكتفي فقط بالمشاهدة بصوت خافت حتى لا يعرف أحد أنني عربي، خوفاً من خوفه.. جازى الله حكام "آل سعود" والإمارات عنا شراً وألف شر.


حين تم خلع أول قائمة الفاشيين العرب من تونس، تحمس الشعب المصري وأعلن موعداً لثورته المرتقبة قبل شهر، كانت مصر تعيش إرهاصات تغيير حتمي وقتها، لم نعهد ثورات شعبية بالعالم العربي ولم نعرف أن هناك مواعيد تضرب لها، الحالة الوحيدة التي شهدتها كنت حينها فتى صغيراً، كانت ثورة الشعب السوداني ضد النميري، فرعون السودان، وذيل حكام مصر الفاسدين، وقتها انحاز الجنرال سوار الذهب لرغبة الجمهور. سوار الذهب وعد بعام يرتب فيه انتقال السلطة وأوفى العهد، لتكون أول حكومة مدنية منتخبة لم تدم سوى ثلاث سنوات، حتى انقض عليها العسكر، بقيادة مجرم الحرب، البشير. سقط البشير بعد أن صار مشيراً، وهو الآن يُحاكم، إثر هبة شعبية غيرت وجه السودان ولا نزال نخشى عليها غدر من احترف الغدر.

ليومين مضيا، وجهت الدعوات، بشكل سريع، ولم يكذب خبراً الشعب المصري العظيم الذي يحاول العساكر دوماً تقزيمه وإذلاله وإفقاره، وخرجوا للموت بصدور عارية وعلموا أن الموت قضاء وقدر وأمر محتوم لا يقدمه ولا يؤخره السيسي، و"زلزلوا" العسكر الذي يخشى من ظله.

هذه خطوة على الطريق الصحيح، فما هو الأمر الذي يجعل المصريين يسكتون على تصرفات السيسي الغبي وحريمه المتخلف، بعد أن أجاعهم، وأفقرهم، ووصل الحال ببعضهم أن يأكل من المزابل أو يرمي بنفسه ليفرمه قطار مسرع، يخال أنه سيكون بمثابة الطوق للنجاة من كل عذابات متطلباته اليومية التي يجد نفسه مكبلاً وقاصراً أمامها وعيونه "بصيرة" لكن الأيادي "تقصر" عن الإيفاء بالمتطلبات. وأني لا أعجب كما يعجب قائل العبارة "من أناس لا تملك قوت يومها ولا تخرج شاهرة سيوفها في وجه الحاكم".

ما حدث أول أمس زلزال وسيكون له "توابع" رغم أن الدعوة لم تنتظر يوماً واحداً ناضجاً مكتملاً، هذه من مبشرات زوال حكم هذه الطغمة الفاسدة المفسدة بمصر، وإن استمروا في حراكهم، لن يدعهم الله وحيدين أبداً ولن يتركهم دون أن يجبر كسرهم طيلة ست سنين ونحن في مطلع السابعة المبشرة.

ولن يستطيع أقوى قوي أن يهزمهم، سواء أكان بن زايد أو بن سلمان ورجالهم الذين عاثوا في الأرض فساداً، أما الرئيس ترامب فكل من يأتي لحكم مصر على استعداد للتعامل معه، كذلك "إسرائيل".

كم هو عبقري هذا الشعب المصري، فرغم الوجع، والقبضة الفولاذية، وآلة الكذب "الشغالة" بغسل رؤوس الناس، إلا أنه دوماً ملهم يعطي الدروس للشعوب، وقد أعادنا لربيع 2011 وذكرياته، وخواتيمه المبدئية بأن وصل لهدفه، ولولا التسامح وحسن النوايا لما "نط" السيسي في لحظة غفوة مرت على الجميع، كما لو أنهم، تحت وقع "مخدر".

نصر المصريين أمر محتوم "اليوم أو غداً" كما أنه من حتميات التاريخ "أن يذهب السيسي كما جاء"، والأيام "دول" "ودولة الباطل ساعة ودولة الحق لقيام الساعة".
8E38CF27-B10A-4916-A022-177616221C42
أحمد يوسف علي
مختص في نظم المعلومات ومحاضر جامعي سابق.