عبد الله الجاسم.. في وداع الملاعب القطرية

عبد الله الجاسم.. في وداع الملاعب القطرية

02 سبتمبر 2019
+ الخط -
لا يمكن أن يذكر نجم كرة اليد السورية عبد الله الجاسم، ابن مدينة الرّقة، دون ذكر ملاعب كرة اليد القطرية التي قضى فيها سنوات طويلة من عمره لاعباً ومدرباً وموجهاً وخبيراً، وبعد أن حقق جملة من الإنجازات والنتائج التي تجسّد مدى عشقه وولعه بهذه اللعبة التي أعطاها الكثير من وقته، ومنحته بدورها ما كان يصبو إليه، وها هو الإنجاز الذي حلم به يوماً نراه يتحول إلى واقع ملموس.

عبد الله الجاسم الذي ترك بصمة لا تُمحى من الذاكرة، وهو الذي طالما رسم الابتسامة الصادقة، والحب الكبير وروحه المرحة لكل من عرفه، وشاركه فرحة الانتصار في الملاعب القطرية، وأخيراً في وداعه ملاعب كرة اليد التي جبل عليها منذ الصغر، ومن خلال علاقاته تمكن من أن يصل إلى الهدف الأسمى الذي وضعه نصب أعينه.
وبعيداً عن العواطف الجيّاشة التي تقف في كثير من الأحيان حجر عثرة في طريق النجاح، نقف اليوم وباحترام شديد أمام نجومية مدرب كبير، وخبرة لها اسمها في عالم كرة اليد، عبد الله الجاسم الذي كسر الكثير من الحواجز التي من شأنها أن تحد من نجاحه، فبذل جهوداً حثيثة بإمكاناته المتواضعة لكن بإصرار كبير على الصعود لمنصة التتويج بالانطلاق في عالم لعبة كرة اليد التي أعطاها الكثير من وقته وجهده. وعلى ضوئها، حقق المزيد من النجاحات تلو الأخرى، أسعد محبيه ونغصت على أعداء النجاح.

لا شك في أن كرة اليد في مدينة الرّقة ــ السورية، أنجبت الكثير من النجوم الذين رفدوا المنتخب الوطني وكانت لهم بصمات ظلّت ذكراها عالقة في أذهان محبّي وعشّاق اللعبة، ولا يمكن أن تذكر لعبة كرة اليد دون استحضار طيّب الذكر، اللاعب والمدرب والخبير الإداري عبد الله الجاسم، الذي لفت إليه الأنظار، وسجّل بحضوره العديد من الإنجازات، والتي لا يمكن بحال أن يطويها الزمن بدون أن تترك أثراً، وأجاد اللعبة التي أعطاها الكثير من وقته، فسطع نجمه، كما هو حال نهر الفرات، الفيّاض، الذي لا ينضب.
وقد أنهى الجاسم إجراءات نهاية الخدمة الطويلة التي قضاها في الأندية القطرية التي بدأها في عام 1980، في نادي الريان كلاعب، والفوز ببطولة الدوري القطري في أكثر من مرّة، وبعد سنوات قضاها هناك عاد أدراجه إلى مسقط رأسه الرّقة، وعمل في ناديه الشباب، بيته الثاني، لعدّة سنوات مدرباً، فضلاً عن كونه استلم إدارة النادي فترة من الوقت، إلاّ أن استمراره في الرّقة لم يدم طويلاً بسبب الأحداث التي شهدها القطر، ففضّل العودة إلى الدوحة وتسلّم مهمة تدريب نادي الجيش، كما شغل منصب خبير إداري فيه لسنوات.

ولد اللاعب والمدرب عبد الله الجاسم الحاج في الرّقة عام 1959. حصل على دبلوم تربية رياضية ـــ اختصاص كرة يد من هنغاريا، ومسيرته الرياضية في سورية وخارجها حافلة بالمحطّات والإنجازات الرياضية.

بدأ بصقل موهبته في لعبة كرة اليد في صفوف نادي الشباب في الرّقة، وخلال مسيرته الحافلة بالإنجازات برزت موهبته كحارس مرمى في عام 1970، وتدرّج في فئات النادي إلى أن أصبح حارساً أساسياً للفريق الأول في النادي. التحق بنادي الريّان القطري لاعباً، ثم مدرباً فيه، ومن ثم مدرباً لنادي التعاون القطري، كما أشرف على تدريب منتخب سورية للشباب في 1998 - 2000 وسافر بعد ذلك إلى السعودية وعمل مدرباً لنادي حراء السعودي وحقق معه إنجازاً عظيماً حيث استطاع الصعود بالفريق من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى في وقت قياسي إضافةً إلى تدريب نادي النجمة السعودي.
بعد ذلك، سافر إلى بلغاريا، ألمانيا، رومانيا، يوغسلافيا، وغيرها من الدول الأوربية الأخرى بقصد تطوير نفسه واستفاد من تدريب أشرف عليه "ألبير فريد ريكسون"، وهو حائز على جائزة أفضل مدرب في العالم عام 1990.

وعن الشهادات التي حصل عليها، والدورات التدريبية التي التحق بها، نال شهادة تقدير من قبل رئيس اللجنة المنظمة لجهة إنجاح الدورة الرياضية العربية المدرسية السابعة التي أقيمت على أرض الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية بمدينة طرابلس، وشهادة مشاركة من الاتحاد الكويتي، وشهادة مشاركة من الاتحاد البحريني، وشهادة تقدير من نادي حرّاء السعودي، وشهادة تقدير من أمانة التعليم والتربية في ليبيا، وأخرى من نادي الريّان القطري، وشهادة تقديرية من إيطاليا، والتحاقه بعدّة دورات تدريبية منها: دورة التضامن الأولمبية في دمشق، دورة إعداد المدربين العرب في الإمارات العربية، ودورة الاتحاد العربي في الإمارات، كما حصل على عدّة جوائز أبرزها: بطولة "شنغلي" الدولية في إيطاليا، ودرع المملكة السعودية للمركز الأول في عام 2003.

وحقّق مع نادي الشباب "الرقّاوي" المركز الأول لفئة الشباب في عام 1997، والمركز الثاني للناشئين في العام نفسه. وفي عام 2005، حقّق مع نادي الشباب المركز الأول في دوري الدرجة الأولى، وهو الفريق الوحيد الذي لم يهزم في مسيرة الإياب.

الجدير ذكره أن الكابتن عبد الله الجاسم أنهى مهامّه التدريبية في الدوحة منذ فترة قصيرة، ويقيم حالياً في تركيا بانتظار العمل في مجال التدريب الذي يعشقه ويبرع فيه.

وفي حفل وداع الجاسم، حضر عدد من الشخصيات الرياضية المعروفة، في الدوحة فضلاً عن أصدقائه الكثر الذين قدموا له الهدايا التذكارية عربون وفاء ومحبة لما قدمه خلال مسيرته الرياضية الطويلة كلاعب ومدرب، كما حضر حفل الوداع عدد كبير من الكوادر السورية التي تهتم بكرة اليد.

بقي أن نقول إن من حقنا أن نفاخر به أيضاً كمدرب خبير، يتوق دائماً إلى نيل المزيد من النجاحات والنتائج التي إن دلّت على شيء، فإنّما تدل على مدى حبّه لمحبوبته، كرة اليد، التي عشقها حتى الثمالة، ومن حق لاعبنا ومدربنا الجاسم أن يُحتفى به وبصورةٍ مستمرة لما قدمه من نجاحات ستظل خالدة.

6C73D0E8-31A0-485A-A043-A37542D775D9
عبد الكريم البليخ
صحافي من مواليد مدينة الرقّة السوريّة. حصل على شهادة جامعيَّة في كلية الحقوق من جامعة بيروت العربية. عمل في الصحافة الرياضية. واستمرّ كهاوي ومحترف في كتابة المواد التي تتعلق بالتراث والأدب والتحقيقات الصحفية.