المنظومة التربوية والتعليم

المنظومة التربوية والتعليم

04 اغسطس 2019
+ الخط -
لا يمكن فصل التربية عن التعليم أو الاستناد إلى أحدهما دون الآخر، فالتربية السليمة في المنزل تدعم رسالة التعليم السامية بإنشاء أجيال من الطلاب الأكفاء، والذين يشاركون في تنمية المجتمع، ويؤكّد هذا المنطلق وجود رابط قويٍ وعلاقةٍ وثيقةٍ جدًا تجمعُ بين التربية والتعليم، وينبثقُ عنها انطلاق الكثير من المفاهيم والعناصر الأخرى المكوّنة للنظام التربوي التعليمي، ومنها (المنظومة التربوية) التي تعتبر مكوّنًا تربويًا وتعليميًا واجتماعيًا متكاملًا ومهمًا في حياة كل طالب.  

تمتازُ المنظومة التربوية بدورها البارز في بناء شخصيات الطلاب، وترسيخ الأخلاق والقيم والأصول والمبادئ في نفوسهم، وقد تنوّعت مفاهيمها وتعريفاتها، وعمومًا تعرف بأنها القواعد المرتكزة على أُسسٍ ومعايير اجتماعية تنقلُ المعارف والخبرات والنتاجات التعليمية إلى طلاب المدارس، بما يتوافق مع الأنماط السلوكية والحاجات المجتمعية، أمّا نجاحها فيتطلبُ توفير دعم كامل ومتكامل من عائلات وأهالي الطلاب بتوجيههم لاتباع السلوكيات السليمة، بالتشارك مع الهيئات التعليمية الإدارية والتدريسية في توفير الوسائل والأدوات ذات الكفاءة، وتفعيلها الإجراءات الضامنة للحدّ من الصعوبات أمام الغايات المنشودة والمشتركة بين التربية والتعليم.

تشملُ المنظومة التربوية عددًا من الجوانب التي تتفاعل معًا، وينعكس تفاعلها على كلٍّ من الطالب والمدرسة والمجتمع، وتبدأ من العادات والقيم المستمدة من الموروثات الاجتماعية والثقافية والشعبية، يليها الجانب البشري المتمثل بالطلاب وعائلاتهم ومعلّميهم، ومدى تعزيز التعاون بينهم، يأتي بعد ذلك الجانب التقني الظاهر في التكنولوجيا والإنترنت والتواصل الاجتماعي ودورهم في التربية، وأخيرًا الجانب الإداري الذي يشمل الإدارة المدرسية وكادرها الوظيفي، وامتلاكهم المهارات والإمكانات الملائمة لتوجيه جميع الجوانب السابقة، وهكذا يكون من الضرورة وجود تفاعل يكفلُ تحقيق النتاجات التعليمية والتربوية.

مع أن جوانب المنظومة التربوية مهمّة جدًا، إلا أن المسؤولية الكبرى الضامنة للتكامل بين التربية والتعليم تقع فعليًا على العائلة والمعلم؛ لأنهما المؤثّران الأساسيان في حياة الطلاب، كما أن لهما دورًا فعّالًا في تطبيق المنظومة التربوية، فيجب أن تقومَ التربية المنزلية على أساسات الأسرة السليمة، والجامعة للأم والأب والأبناء بما يُحقق التكافل بينهم، بعيدًا عن المشاحنات والمشكلات والضغوطات أو غياب دور أحد الوالدين أو كليهما؛ بسبب الانفصال أو الوفاة، أمّا دور المعلم فيكون في التزامه بواجبه التعليمي والتربوي؛ إذ إن دوره لا ينحصر في التعليم فقط، ولكن بالتوجيه والتوعية والتحفيز والتشجيع وغيرها من الأساليب التي من الواجب عليه إتقانها، لينجح في وظيفته ومهمّته ورسالته في تنشئة الأجيال؛ ممّا يؤدي إلى تطبيق المنظومة التربوية بصورتها الصحيحة.

تواجه المنظومة التربوية عوائق متعددة تعرقلُ مسيرتها، ومن أهمها غياب الترابط الأسري بين أفراد الأسرة الواحدة؛ أي أن تكون العائلة مُفكّكة وغير مترابطة، فتقل أو تُلغى متابعتها لأبنائها تربويًا وتعليميًا في المدرسة، وهذا العائق ضار وشديد الخطورة، كما أن عدم الاستقرار في البيئة الاجتماعية التي يعيشُ فيها الطالب يعتبر عائقًا؛ خصوصًا إذا كانت تعاني من ظواهر سلبية، كانتشار الفقر، وعمالة الأطفال، والكثافة السكانية الهائلة، ومن العوائق الأخرى افتقار بعض المدارس للمؤهلات المادية كالكهرباء والماء ومصادر التبريد والتدفئة، ويتمثّلُ العائق الأخير في انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وغياب أو محدودية الرقابة العائلية على الأبناء أثناء استخدام الإنترنت ومواقعها وتطبيقاتها، والتي قد تبثُّ محتوى ضارًا يُؤثّر في سلوكياتهم وردود أفعالهم، ويجعلهم أكثر عدوانية في تصرفاتهم، وعنفًا في كلامهم عند وجودهم في المنزل أو تعاملهم مع أقرانهم المختلفين عنهم اجتماعيًا أو دينيًا أو ثقافيًا. 

إن تطبيق المنظومة التربوية في بيئة التعليم يحتاج إلى إحاطة وإدراك الأهل لأهميتها وإيجابياتها، وامتلاك المعلمين للمهارات والخبرات المُحفّزة لاستمرارها على المدى الطويل، فيجب تكثيف الدورات التدريبية وورشات العمل التأهيلية التي تستهدف العائلات والمعلمين على حدٍّ سواء، لتثقيفهم ورفدهم بالمعلومات والأفكار والأساليب، وتزويدهم بالأدوات المساعدة لتفعيل دور المنظومة التربوية، ومن شأن ذلك زيادة وعي الأهل ورفع جاهزية الهيئة التعليمية، والذي ينتج عنه في النهاية الوصول للهدف المنشود من المنظومة التربوية في التعليم؛ وهو بناء جيل كفوء وفعّالٍ من الطلاب.