وطني سجن من نوع آخر

وطني سجن من نوع آخر

08 يوليو 2019
+ الخط -
في وطني، يزداد الألم ألمين.. تغلق المطارات ويحاصر المرضى ويصعب عليهم السفر وينعدم الدواء، وتقفل المنافذ والحدود، وتطول المسافات بين المحافظات لمن أراد السفر..

في وطني، تزداد الأوبئة وتقضي على حياة الكثيرين.. على سبيل المثال، لا الحصر مرض الكوليرا وحده أصيب به أكثر من 600 ألف، ونصف مليون حالة مشتبه بها منذ إبريل/ نيسان الماضي، حسب منظمه الصحة العالمية..

في وطني، يحاصر الجوع الشعب إثر الفساد والحرب الدائرة، ويفتك الفقر بهم وبأجسادهم النحيلة، وينهب الفاسد ثرواتهم، ويلهث الطفل طلبا للماء ولا يجد من يقف بجانبه..


في وطني، يخون الأمين ويترك الفاسد، ويقتل الضعفاء والأبرياء دون جرم ارتكبوه سوى أنهم ولدوا في هذا البلد. في وطني، يتعالى الصراخ من تحت الأنقاض، ويصرخ الأطفال للنجدة، فمن ينقذ من في هذه اللحظة، فالكل أمام الموت سواء.

في وطني، يعين الجاهل مكان المتعلم، ويحرس المتعلم مكان الجاهل، وتعطى الوظائف لمن لديه الواسطة، أو كما يقولون "فيتامين.. (و)"، في وطني، يصبح الشيخ هو سيد الأمور حتى لو كان جاهلا، ويقدم على كثير من الأمور، بل يزداد عن ذلك أن البعض منهم يعمل له سجون خاصة..

في وطني مؤخرا يتم اكتشاف أننا ما زلنا نفتقر للعيش بحرية، فما زال لدينا عبيد، وهو ما أثبته تحقيق استقصائي حمل عنوان "أسياد وعبيد" على قناه DW. في وطني فقط يتوقف التعليم ويذهب المعلم بدون راتب، ويذهب طفل ببطن خاوية، لا تحمل سوى رشفة ماء فقط.

في وطني، يتصارع الطرفان دون جدوى، مزيد من الألم في وطني.. فقط تتعالى أصوات البنادق والمدافع، وأزيز الطائرات. في وطني فقط يحرم الطفل من أبسط حقوقه في الحياة، ويتم الزج به في محارق الموت وميادين القتال.

في وطني، تباع الكتب على أرصفة الشوارع، وتندر المكتبات، ويقل الزائرون لها. في وطني يهتم الجاهل بالجهل، ويبحث المتعلم عن التعليم رغم رداءته وزيادة رسومه وصعوبة العيش.

في وطني، يعيش الكثير في خيام مهترئة لا تقيهم حر الشمس ولا برد الشتاء، بعدما شردتهم الحرب الدائرة. في وطني يحرم المواطن والأسير من أبسط حقوقه الآدمية في العيش الكريم.

في وطني فقط تنذر الأمم المتحدة بأسواء كارثة إنسانية، وسط تزايد المنظمات التي لا تعمل للمواطن أي شيء يذكر إلا من رحم ربي. في وطني فقط يكافح الصغير قبل الكبير أملا في حياة أفضل ومستقبل لا يعلمه أحد!
BD32D3E8-90B9-47F3-B624-71D936C152EA
محمد عبد الواحد الحسني

يمني الهوى والهوية، أعيش في موطني وأسكن صنعاء العاصمة.. خريج كلية الإعلام جامعة صنعاء قسم إذاعة وتلفزيون.مهتم بالقضايا الوطنية والسياسية التي تهم الوطن العربي، وشغوف بالأخبار والتحقيقات والوثائقيات والتقارير الإخبارية.. ميلادي في يونيو/ حزيران 1994.

مدونات أخرى