حصيلة رونار.. ما له وما عليه

حصيلة رونار.. ما له وما عليه

27 يوليو 2019
+ الخط -
وقع الطلاق بين المدرب الفرنسي هيرفي رونار، والجامعة الملكية لكرة القدم برئاسة فوزي لقجع، كما كان متوقعًا عقب الإخفاق الأخير في بطولة كأس الأمم الأفريقية، والخروج المبكر الذي لطخ صورة عمل هذا المدرب، الذي ظل يشرف على العارضة التقنية للمنتخب المغربي لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، وهي مدة كافية لكي يستقيم مشروع رياضي رُصدت له أموال كثيرة وسخرت له جميع ظروف النجاح.

أرى شخصياً أن فترة عمل رونار على رأس المنتخب المغربي تنقسم إلى مرحلتين بروحين وإيقاعين مختلفين: فأما الأولى فيمكن تسميتها بمرحلة البناء والعمل وحصد الثمار، التي امتدت من أول مباراة قادها المدرب الفرنسي إلى غاية الإقصاء من الدور الأول من كأس العالم 2018. وأما المرحلة الثانية، فقد بدأت حين اختتمت المرحلة الأولى واستمرت إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية الأخيرة، ويمكن عنونتها بمرحلة الركود والشبع الكروي الذي يحصل عادة حينما تتحقق جميع الأهداف.

فإذا كان هذا التقسيم صحيحاً، فلمَ لم يغادر المدرب هيرفي رونار المنتخب المغربي بُعيد انتهاء كأس العالم، ما دامت الأهداف التي جاء من أجلها قد تحققت أو أنه قد اكتشف أن تحقيق ما تبقى منها مستحيل لسبب ما، علماً أنه شخص يحب الانتصار وتحقيق الألقاب؟ ولمَ ظلت الجامعة الملكية لكرة القدم مكتوفة اليدين؟ وعجزت عن إبداء أي ردة فعل من أجل استكمال المشروع الذي وضعته بمعية المدرب، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان ووقوع ما وقع مؤخراً في مصر؟

أحدث الناخب الوطني سابقاً هيرفي رونار، منذ حلوله بالمغرب تغييراً ملموساً في المستوى الفني للمنتخب المغربي، وزرع روحاً قتالية افتقدناها لدى اللاعبين المغاربة لفترة طويلة، وهذه حقيقةٌ لا يمكن أن ينكرها إلا عدميّ. ومع ذلك، فإن إنجازات رونار لا يمكن وصفها بالخارقة كما يحاول هو بالذات إقناعنا بذلك، فالتأهل إلى ربع نهاي كأس الأمم الأفريقية أقل ما يمكن أن ينتظره الجمهور المغربي، وإن لم يبلغ المغرب هذا الدور منذ أكثر من عقد من الزمن، والتأهل إلى المونديال أمر إيجابي بعد أن تعذر ذلك منذ عشرين سنة لكنه قد تحقق في أربع مناسبات سابقة.

فبقدر ما نجح الناخب الفرنسي في تكوين مجموعة منسجمة، ظلت تتعايش مع بعضها البعض مدةً تفوق ثلاث سنوات مع إدخال بعض المستجدات عليها بين الفينة والأخرى، غلبت عليه العاطفة تجاه هؤلاء اللاعبين وأصرَّ على توجيه دعوة إليهم، ضارباً عرض الحائط مبدأ التنافسية التي غابت عن البعض منهم عند المناداة عليهم لحمل قميص المنتخب المغربي. فكما لا يخفى على الجميع، حينما تطغى العاطفة والذاتية في أي مجال من مجالات الحياة، فذلك يتعارض تعارضا كلياً مع المهنية التي هي سبيل النجاح في العمل.

تغير موقف رونارد بعد فترة من توليه تدريب المنتخب المغربي إزاء فكرة، لطالما كان يرددها على مسامعنا، مفادها أن أي لعب ينشط في دوريات الخليج لن تتاح أمامه الفرصة لحمل القميص الوطني، لكن بمجرد رحيل مجموعة من اللاعبين المغاربة الذين يشكلون العمود الفقري للمنتخب إلى هذه البلدان، حتى صار جزء كبير من لائحة المنتخب المغربي مكوناً من لاعبين يمارسون في هذه الدوريات. لا أعتقد أن المدرب كان يتناقض مع نفسه لما قرر في وقت ما عدم الاهتمام باللاعبين المغاربة المتألقين في دوريات الخليج، بل إنه انتبه إلى خطئه وفرضت عليه الظروف مراجعة أفكاره وإن لم يعترف بذلك صراحةً.

انتهى فصل جديد من فصول الكرة المغربية مع استقالة هيرفي رونار، وبدأ الحديث عن هوية مَن سيخلفه في تدريب المنتخب في المرحلة القادمة. والحال أن المسألة لا تقتصر على اختيار مدرب صاحب اسم كبير في مجال التدريب، بل البحث عن شخص يمكنه مواصلة العمل الذي أنجزه في مرحلة أولى بادو الزاكي، وفي مرحلة ثانية هيرفي رونار، من خلال تعزيز الأشياء الإيجابية وتدارك وإصلاح الأشياء السلبية، في إطار مشروع قائم الذات لا تنتهي صلاحيته بذهاب مدرب ومجيء آخر.

دلالات