بين فيسبوك وتويتر وإنستغرام

بين فيسبوك وتويتر وإنستغرام

22 يوليو 2019
+ الخط -


مع كثرة وسائل التواصل الاجتماعي من تويتر إلى فيسبوك إلى إنستغرام وغيرها نجد أنفسنا أحياناً متخبطين في استخدام هذه الوسائل، وخاصة عندما نكن موجودين على هذه الوسائل كافة وبشكل فعّال ونشيط.

فموقع إنستغرام اشتهر بخاصية مشاركة الصور والفيديوهات القصيرة لمدة دقيقة واحدة إلى أن تم إضافة بعض التحديثات عليه منذ فترة ليست بالبعيدة كاستطاعتك مشاركة فيديوهات لمدة أكثر من دقيقة وأيضاً لإضافة "ستوري" لمدة 24 ساعة وتزول بعدها.

وفي هذه الـ"ستوري" تشارك فيها ما يحلو لك من يومياتك أو منشورات من صفحات عامة أخرى، أما فيسبوك وتويتر فيشتهران على أنهما ساحة التواصل الاجتماعي الأكبر، ومنبر إعلامي ضخم قادر على جعل أي فرد يملك حساباً عليهما أن يعمل كصحافيّ، وأن يطرح رأيه بشكل حر، إضافة إلى إمكانية مشاركة الصور والفيديوهات كإنستغرام. وبعضهم يصف تويتر على أنه ساحة للمشاهير والسياسيين أكثر من فيسبوك، أما أنا شخصياً فلم أجد فرقاً بين هذه الوسائل كلها من حيث الممارسة.

عندما تتابع أداء أشخاص على فيسبوك وإنستغرام، وخاصة إذا كان هؤلاء الأشخاص فعّالين ويشاركون منشورات مع متابعيهم، فأنت تتحوّل تلقائياً إلى مراقب لهم، وأحياناً تشعر بتخبطهم، وتذهب إلى أبعد من ذلك كمحاولة تحليل منشوراتهم، وفهم وضعهم النفسي الآني لحظة النشر.

الغريب أحياناً وهو ما يدعو للقلق الأشخاص الذين يقومون بالنشر مثلاً على فيسبوك وإنستغرام في نفس اللحظة أو بين فترات زمنية متقاربة جداً، وهنا أركّز على المدّة الزمنية عن قصد للحديث عن قضية التخبّط التي تصيب الشخص بين نشره لشيء حزين على فيسبوك وفي ذات اللحظة نشر صورة له مثلاً على إنستغرام أو "ستوري" معنونة بـ"أنا سعيد/ة جداً الآن".

المتابع لهذا الشخص سيصاب بهذا التخبط أيضاً بين رؤيته لمنشور الشعور بالحزن على فيسبوك ومنشور الشعور بالسعادة على إنستغرام، ويجادل بنقطتين لا ثالث لهما، هل هذا الشخص يعاني من خلل في المشاعر؟ أم أن هذا الشخص ينافق اجتماعياً؟ فكيف لعقل أن يتحمّل الشعور بالسعادة والحزن في ذات اللحظة ومشاركة هذه المشاعر أمام الجمهور بكل هذه الجرأة؟

لا بدّ من وجود خلل ما. نعم الشعور آنيّ ولحظيّ ولكن أن تجعل على سبيل المثال من فيسبوك منصّة لمشاركة المشاعر اليائسة والاستعراض البطوليّ للحديث عن قضايا الشعوب وأن تجعل من إنستغرام منصة لعرض يومياتك السعيدة من نزهات وتصوير الطعام الشهي الذي تأكله يومياً وحياة الترف التي تعيشها. أعتقد أن خللاً كبيراً يصيبك ويصيب المتابع لك وربّما يقود إلى فقدان الثقة بين المرسل والمتلقّي.

وفرضيّة أن إنستغرام هو موقع لعرض الصور وأحداث حياتك، أليس الأجدر إذاً أن تصوّر حياتك البائسة التي تنشرها على فيسبوك؟ أم أنّنا اعتدنا في الصور على نشر ما هو جميل فقط؟ لماذا إذاً التكلم عن البؤس على فيسبوك وإلحاق هذه المنشورات بصور لك على إنستغرام وإرفاقها بعبارات مثل "أوقات سعيدة مع الأصحاب"؟ كيف كنت وحيداً ومتعباً نفسياً على ما يحدث في العالم على فيسبوك، وفي ذات اللحظة أنت مع الأصدقاء تشعر بالمرح على إنستغرام؟ ماذا فعلت بنا وسائل التواصل الاجتماعي؟ أصابتنا بخلل ما في المشاعر؟ أم جعلت منّا منافقين؟

كما في أرض الواقع تفضح الممارسات اليومية أصحابها، تكشف الآن كثرة وسائل التواصل الاجتماعي عيوبنا والتخبط الذي نعيشه، هل هذه الوسائل فعلاً قادرة على إيصال مشاعرنا إلى الآخرين؟ أم أنّنا بسبب الكتابة عن المشاعر والمبالغة أحياناً بنشرها على جميع الوسائل نفقد القدرة على التحكم بمشاعرنا ونصاب ونصيب متابعينا بالتخبط هذا؟

أفكر بعض الأحيان أن الحل هو التوقف عن عرض هذه المشاعر على مواقع التواصل الاجتماعي ولكن ماذا لو كان الإنسان وحيداً أحياناً ويحتاج إلى المشاركة؟ فيعود إلى هذه الدوّامة.

78156CF2-F4A1-4736-AC35-4685AC3AD091
علي الحاج إبراهيم

طالب في قسم الإعلام في جامعة برلين الحرّة مقيم في ألمانيا منذ العام 2015.

مدونات أخرى