هذه الكلمات لكِ أنتِ

هذه الكلمات لكِ أنتِ

20 يوليو 2019
+ الخط -
البداية صعبة، والنهاية أصعب

ولكن ما بينهما .. تفاصيل الحياة بأكملها.

كان علي أن أمشي كثيراً خلف كل السيارات في الشارع، ولكنك للأسف لم تكوني تمشين أمامي.. كنت ألعن الحظ وأشتم المارين وكأنهم هم من أبعدوا عينيكِ عني.. كنت أريد أن أصل، فقط أصل .. الوصول راحة .. أصل لأقرب نقطة من "الكساير" لأصرخ في تلك المنطقة الفارغة من الناس .. المكتظة بعطرك .. أني تعبت، تعبت من الوقوف بعيداً عنكِ!.

هل تعرفين أنني أتحدث معكِ يومياً.

لا أعرف إن كنت أخبرتك من قبل بأنني منحدر من عائلة تاريخية عريقة! من مدينة بيت لحم تسكن بالقرب من دير الخضر، وهو دير قديم أقيم تخليداً لذكرى القديس مار جرجس.
ربما كنتِ هناك مع القديسين .. تبتسمين والروج الأحمر يقطر كالدم، كالورد، كشهد العنب من شفتيكِ .. عندما مررت وأنا صغير من هناك، وأحسست بابتسامة غامضة ابتسمتها ذاتها، عندما التقينا بعد 20 عاماً.
أدركت تماماً أنكِ لست حدثاً جديداً في حياتي، لقد كنتِ منذ طفولتي ترافقينني مثل الخيال، وها أنت تتحولين إلى حقيقة صعبة ترافقني في أصغر الأشياء في حياتي. وستبقين كذلك.

لا أعرف إن كنت أخبرتك من قبل أن جدتي؛ والدة والدي اسمها "مريم".
لا أعرف ماذا يعني هذا أيضاً! لا أعرف لماذا أخبرتكِ أو لم أخبركِ!

لا أعرف إن كنت أخبرتك ذات مرة أنني أتعذب كما المسيح، الآلام التي أمشي عليها تذبحني، قربي منكِ يساوي تلك المسافة التي تبعدني عنكِ وأحاول خوض هذه الحرب اليومية التي لا تنتهي.
أخسر جنودي .. الأرض والذخيرة، وأربح فيها عينيكِ .. آه عينيكِ، كم أشتاق لذلك الضوء الخافت المنعكس على عينيكِ، وهما مبتلتان بكلام الروح.
لا أعرف كم مرة قلتُ لكِ إن الشوق يذبحني، أنا رجلٌ مصابٌ بداء الشوق والحنين، مشتتٌ بقدر لا يمكن تخيله، غارق في أوهامي وأحلامي وليلي اللامنتهي، أشعر وكأنما العالم يضعني دومًا أمام الحرب وجهاً لوجه، كم مرة يجب أن أخوض الحروب لكي أنتصر؟

بصراحة، إن خوض الحرب عندي هو المتعة الحقيقية، الحرب من أجلك وعنكِ متعة لا يمكن تصورها، وكأنها دائرة لا تنتهي.

كم كنت أنانياً، قلتها أكثر من مرة، كسرت هشاشتي الداخلية، لم تعرفي للحظة كم أن هذا الرجل القوي أمام الناس، هو بالكاد يقف على عكاز أمامك، أتكئ على كتفيك، تحملني عينيكِ ويطوقني شعركِ القصير بنعومته.

لا أعرف إن كنت أخبرتك أن قدميكِ أجمل وهما أمام الضوء، لا تخف قدميكِ عني! تفاصيلكِ الصغيرة لوحة لا يمكن تخيلها، أتذكرين تلك اللوحات المرسومة على جدران الشارع؟

لو كنت رساماً لرسمتكِ على الطرقات .. على الغيم، على أكواب القهوة التي تباع في الشوارع، على زجاجات الأراجيل في المقاهي .. لوضعت ابتسامتكِ شعاراً وطنياً على العلم، لأعلنتك وطني وبلدي، ترابي وأرضي .. وهتفت بأعلى صوت: أنت البلاد .. أحلى البلاد أنت .. أجمل البلاد.

نيسان شهر البدايات، شهر النسيان والكذبات الجميلة
أرجوكِ لا تكوني كذبة .. كوني الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن نسيانها
اكتبي لي.

دلالات