ماذا لو أُلغي الوقت؟

ماذا لو أُلغي الوقت؟

21 يونيو 2019
+ الخط -
جزيرة Sommarøy (سوماري) النرويجية التي يبلغ عدد سكانها 300 نسمة تقرر إلغاء الوقت، لتغدو أول منطقة في العالم خالية من الزمن. والسبب لإلغاء الوقت هو أن الجزيرة تعيش معظم أيام السنة إما في ظلام دامس وإما تحت ضوء الشمس. فلم يعد يرى سكان هذه الجزيرة أن للوقت فائدة فيها، فببساطة بإمكانك أن ترى الأطفال يلعبون خارج المنازل أو يسبحون، والناس يجزّون العشب أمام منازلهم ويمارسون نشاطاتهم الاعتيادية في ساعات متأخرة من الليل تحت أشعة الشمس.

فلماذا التقيد بالزمن؟ يقول Kjell Ove Hveding مقترح هذه الفكرة التي لاقت ترحيباً من سكان الجزيرة. ويضيف كييل أن الهدف من إلغاء الزمن في هذه الجزيرة هو توفير أقصى مدى من المرونة خلال أيام الأسبوع لقاطني الجزيرة فهم أحرار ليس ثمة جدول زمني يقيد حركتهم، فإذا أردت ممارسة نشاطاتك اليومية خارج المنزل في منتصف الليل فقط افعل ذلك، دون التقيد بالزمن فمنتصف الليل هنا أحياناً تزوره أشعة الشمس.

فكرة إلغاء الزمن هذه تم عرضها على البرلمان النرويجي في 13 يونيو/ حزيران من هذه السنة، وبانتظار تشريع القرار لتصبح الجزيرة المنطقة الأولى في العالم لا يقيدها الزمن.

كم تقيّدنا الجداول الزمنية يومياً في حياتنا التي نعيش؟ كل شيء مرتبط بالزمن، الذهاب إلى عيادات الأطباء، الذهاب إلى العمل، النوم، التقدم إلى الوظائف والجامعات، كم مرة تمنيت ممارسة نشاطات تحبها ولكن الوقت قيّدك؟ كالعزف على آلة موسيقية مثلاً في منتصف الليل أو سماع أغنية تحبها بأعلى صوت.. إلخ. 

تخيل أن تمضي اليوم كاملاً تحت ضوء الشمس أو تحت جنح الليل، تخيل أنك تستطيع القيام بالنشاطات التي تمارسها عادة أثناء النهار أو قبل هبوط الليل طيلة اليوم، فلم يعد الزمن وتعاقب الليل والنهار هنا مهماً. هل تشعر بأن الوقت هو المقيّد الأكبر لك على هذه الأرض؟ 300 شخص لن يشعروا بذلك بعد الآن. فكيف ستكون الرحلة إلى تلك الجزيرة وأنت قادم من عالم آخر محكوم بجدول زمني منظّم؟ كم ستشعر بالغرابة هناك وكم ستشعر بأنك مختلف وخائف لأنك معتاد القيام بكل شيء وفقاً للدقائق والساعات. وكيف لشخص من تلك الجزيرة عندما يغادرها سيعود مقيداً بالوقت، كم كان حراً في جزيرته بعد أن ضرب الوقت بعرض الحائط وحرر نفسه من عبودية الزمن. 

يُقال بأنك كلما تقدّمت في العمر تشعر بأن الوقت يمرّ بشكل أسرع، فكم هي بديعة وجميلة فكرة الانعتاق من الزمن فتمضي حياتك غير آبه بمضيّ الثواني والدقائق والساعات ويتقدم بك العمر دون الشعور اليومي بأنك تكبر، فالهدف من إلغاء الزمن هذا هو أن تعيش حراً دون التفكير بأن هناك جدولاً زمنياً يلاحقك أينما تذهب ويزيدك ضغطاً وتفكيراً بأن عليك القيام بكل المهامّ في وقت محدد وغالباً هذا الوقت يكون مفروضاً عليك فحتى جدولك الزمني غير حرّ!

إلغاء الزمن في هذه الجزيرة الصغيرة ربما سيشعرنا بالغيرة بعض الشيء، والفضول أن نذهب إلى هناك لعيش تلك التجربة، لعيش فترة قصيرة ولو ليوم واحد في بقعة صغيرة على هذه الأرض لنفكر للمرة الأولى بقضاء يوم جميل، دون التفكير بالجداول الزمنية التي تخنقنا مراراً وتكراراً. 

78156CF2-F4A1-4736-AC35-4685AC3AD091
علي الحاج إبراهيم

طالب في قسم الإعلام في جامعة برلين الحرّة مقيم في ألمانيا منذ العام 2015.