صديقي السيسي

صديقي السيسي

26 مايو 2019
+ الخط -
بالأمس، ضجت وسائل الإعلام الانقلابية لتستنكر جملة (عزيزي بيريز)، تلك الجملة الديباجية المعتادة في المراسلات المصرية الصهيونية، والتي استخدمها إعلاميو الانقلاب لاتهام الرئيس المنتخب ديمقراطيا بعد ثورة يناير، بالخيانة..

واليوم، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تغريدة له على "تويتر"، قال فيها: أشكر (صديقي الرئيس المصري، السيسي)، على قيامه بإرسال مروحيتين للمشاركة في عمليات إخماد الحرائق التي نشبت في أنحاء متفرقة من إسرائيل. لا يجرؤ كثيرون على الاعتراف بأن أول من أرسل (عزيزي بيريز) هو من يستقبل (صديقي الرئيس المصري)، إنه العسكر.

في رأيي، إن هذه المكانة المميزة للمنقلب في قلب العدو قد استحقها عن جدارة بعد مجهوداته الدؤوبة لتوثيق عرى "الصداقة والأخوة". قدم السيسي عربون الصداقة الأول بتنفيذ عملية انقلاب على أول رئيس إسلامي، واعتقال جماعته، واتهامهم بالإرهاب ثم حظرهم لكونهم أهم وآخر ظهير لحركة "حماس"؛ وعليه، كان من الوفاء أن يرد الصهاينة الجميل بدعمه إعلاميا وسياسيا عبر جماعتهم الضاغطة بأميركا، وفرضه كأمر واقع على كل دول العالم (الديمقراطي)!


ونسأل: إن كان مرسي متخابرا مع "حماس"، فماذا نسمي ما يفعله قائد الانقلاب؟ استطاع السيسي أن يخلط مفهوم الثورة بالانقلاب، وأن يصبغ مفهوم البطولة بلون قطران الخيانة؛ وأن يخفي خضوعه خلف لافتة كتب عليها هنا يرقد الداهية، وإليكم بعض ملامح حنكته الذليلة:

1- في مقابلة بثتها قناة "سي بي إس" الأميركية ضمن برنامج "60 دقيقة"، قال السيسي، إن دولته تعمل مع إسرائيل في سيناء ضد الإرهاب وأن العلاقات بين البلدين هي الأمتن منذ بدأت، وأنهما يتعاونان في مجالات شتى.

2- كشفت "نيويورك تايمز" الأميركية أن الطائرات الإسرائيلية نفّذت أكثر من 100 عملية عسكرية متنوعة في سيناء بموافقة السيسي.

3- في دراسة أعدها البروفيسور أفرايم كام، ونشرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، تحدث عن أن إسرائيل ترى في نظام السيسي فرصة لتمتين العلاقات مع مصر، حيث إن مستوى المصالح المتبادلة بين القاهرة وتل أبيب اتسع في السنوات الأخيرة، ليصل إلى درجة غير مسبوقة من الحميمية والود، وتبقى المسألة الأمنية هي بيضة القبان في هذه العلاقات الثنائية؛ وأضاف أن هناك تعاونا بين البلدين في مجالات لا داعي لذكرها؛ وأن إسرائيل تنظر بعين الرضا إلى ما يقوم به السيسي تجاه حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من تدمير أنفاق، وإعلانها منظمة إرهابية عدوة لمصر لعلاقتها بجماعة الإخوان.

4- دخل السيسي على خطّ تشكيل حكومة وحدة إسرائيليّة لرأب الصدع بين رئيسي حزبي الليكود والعمل الإسرائيليين اللذين غادرا إلى القاهرة سرا، وكان ذلك عقب قمة سرية أردنية مصرية إسرائيلية أميركية في العقبة 2016 تعهّد فيها السيسي بعقد مؤتمر إقليمي للسلام تشارك فيه دول خليجية؛ وأكد أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق سلام أكثر دفئا في ظل وجود عدة مبادرات إقليمية ودولية، وقال: "لو قدرنا كلنا نحقق حل هذه المسألة وإيجاد أمل للفلسطينيين وأمان للإسرائيليين ستكتب صفحة جديدة تزيد عما تم إنجازه من معاهدة السلام (بين مصر وإسرائيل)".

5- نقل موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني، عن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن السيسي يعكف على استقطاب زعماء عرب لحشد تأييدهم خطة السلام التي تصوغها الإدارة الأميركية والشهيرة باسم "صفقة القرن". ونقل الموقع عن سمدار بيري كبير محرري شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة أن الأمر الجلي هو مدى استغراق الرئيس المصري في الاتفاقية.

6- يحتفل الكيان في قلب القاهرة بما سمّاه "عيد الاستقلال" الذي يتزامن مع "ذكرى النكبة" وضياع فلسطين، تحت حراسة أمنية مشددة في فندق فخم، ويوجه الدعوات لشخصيات رسمية رفيعة مصرية لحضور الحفل، بعد انقطاع تام لأي احتفال إسرائيلي رسمي طيلة ثماني سنوات، عقب اقتحام متظاهرين مصريين مبنى السفارة الإسرائيلية عام 2011.

7- صرحت صحيفة "جيروزاليم بوست"، أن لقاء استمر ساعتين في القاهرة جمع بين السيسي ووفد من أعضاء اللجنة الأمريكية التي دعمت منح السادات ميدالية الكونغرس الذهبية. تحدث مؤسس اللجنة عن استقبال السيسي الحار واعتزازه بالطائفة اليهودية وأنه في حال عودتها إلى مصر، ستقدم الحكومة كل الضرورات الدينية المطلوبة؛ وعن وعده بتنظيف مقابر البساتين القديمة في القاهرة؛ وعن أنه يبحث عن دعم الولايات المتحدة وأنه من واجبهم الأخلاقي أن يدعموه إلى أقصى حد ممكن. وكان المنقلب قد أعلن عن تمويل ترميم مواقع التراث اليهودي في البلاد.

8- أشارت صحيفة "هآرتس" -أهم الصحف الإسرائيلية- إلى أن البطل الإسرائيلي الجديد هو السيسي، معبرة عن تعاطف النخبة الإسرائيلية وإعجابها بقائد القوات المسلحة بعد عزله الرئيس المنتخب مرسي.

9- شارك وزير الطاقة الاسرائيلي لأول مرة منذ ثورة يناير في الاجتماع الوزاري الأول لمنتدى غاز الشرق الأوسط في القاهرة، لتكون مصر بوابة إسرائيل لتصدير الغاز.

10- دعا الكاتب اليهودي الأميركي البارز مايك إيفان إلى منح السيسي جائزة نوبل للسلام بسبب دوره في إقصاء الإسلاميين عن الحكم؛ ووصفه إيدي كوهين الأكاديمي الصهيوني المتشدد بأنه لا خطورة منه على إسرائيل، فالسيسي صهيوني أكثر منه.

11- طالب إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل السابق بأن يدعم العالم السيسي والقيادات الليبرالية لإقصائهم نظاما يستند إلى الشريعة الإسلامية.

13- رفض سامح شكري وزير خارجية الانقلاب وصف الصهاينة بالإرهابيين، وشاهد نهائي "اليورو" مع نتنياهو في القدس المحتلة.

14- صوّت مندوب مصر في الأمم المتحدة لمصلحة عضوية إسرائيل في لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي، وهناك شكوك حول تصويته لمصلحتها لرئاسة اللجنة القانونية.

15- خاطب المنقلب الاحتلال لقبول مبادرة سلام الفلسطينيين، بل وطلب منه إذاعة خطابه أكثر من مرة على شعبه.

16- مدح السيسي نتنياهو ووصفه بأنه قائد ذو قدرات عظيمة، خلال لقائه وفد المنظمات اليهودية في أميركا.

17- أعاد السفير المصري لإسرائيل بعد ثلاثة أعوام من قرار الرئيس مرسي سحبه في 2012.

18- صرح السيسي لترامب بأنه داعم وبكل شدة لكل الجهود المبذولة لإنجاح "صفقة القرن".

فيا أولي الألباب، اغرسوا المفاهيم السليمة في عقول الصغار قبل أن يعبثوا بأدمغتهم، علموهم أن خيانة الحكام العرب عار، وأن فلسطين هوية، وأن الصهاينة محتلون.
7048540C-B765-4399-A999-CB7869F215E2
رانيا مصطفى
باحثة مهتمة بالتاريخ والسياسة والأدب والعلوم الإنسانية. تقول: كل فكرة فى مقال ماهى إلا رسالة فى زجاجة ملقاة فى بحر تتقاذفها أمواج الأيام حتى تصل إلى من يهمه الأمر