عن الحكايات المبهجة والكئيبة وبوليس الأدب!

عن الحكايات المبهجة والكئيبة وبوليس الأدب!

21 مايو 2019
+ الخط -
أواصل اليوم نشر المزيد من نصائح الأديب الروسي العظيم أنطون تشيكوف، التي وردت في عدد من رسائله التي كان يتبادلها مع أخيه وبعض أصدقائه وتلاميذه، والتي قام المحرران والباحثان بييرو برونيللو ولينا لينشيك، بجمعها وترجمتها إلى الإنجليزية في كتاب جميل بعنوان (أن تكتب كأنك تشيكوف ـ نصائح ملهمة من قلب أدب ورسائل الأديب الروسي العظيم أنطون تشيكوف)، والذي وقعت في غرامه منذ قرأته، وتحمست لأن يكون تجربتي الأولى في الترجمة، وهنا أنشر الحلقة الثانية التي تحمل مقتطفات جديدة من الكتاب الذي يحمل خلاصة تجارب تشيكوف في الكتابة، لعلها تكون مفيدة لحديثي الكتابة والراسخين فيها أيضاً.

.....

عن الحكايات المبهجة والكئيبة
(رسالة إلى ليديا أفيلوفا، نيس، 6 أكتوبر 1897)
إذن، فأنت تشكين من أن شخصياتي كئيبة، هذا، ويا للأسف، ليس خطئي، هذا هو فقط ما انتهى إليه أمر شخصياتي، دون أن أفعل ذلك متعمداَ أثناء الكتابة، لم يخطر على بالي أبداً أن أكون كئيباً. على الدوام، عندما أكتب أكون في مزاج جيد. يقولون أن الأشخاص المكتئبين والسوداويين يكتبون دائماً كتابات مبهجة، بينما الأشخاص المبتهجون تتحول كتاباتهم دائماً لتصبح باعثة على الكآبة. لكنني كما تعلمين أحمل استعداداً للبهجة، أو على الأقل، دعيني أقل أنني أمضيت الثلاثين عاماً الأولى من حياتي أحظى بالبهجة، كما يقولون.
الرغبة في الكتابة، الرغبة في الحياة

(رسالة إلى أليكسندر تشيكوف، ميليخوفو، 15 ابريل 1894)
لا أشعر أنني أحب الكتابة، علاوة على ذلك، من الصعب أن تمتزج الرغبة في الحياة مع الرغبة في الكتابة.

قواعد الطبيعة
(رسالة إلى أليكساندرا خوتيانيتشيفا، نيس، 26 نوفمبر، 1897)
لقد لاحظت قاعدة أخرى من قواعد الطبيعة: كلما حظيت بالمزيد من المرح، كلما أصبحت قصصي أكثر كآبة.

لماذا أكتب؟
(رسالة إلى مكسيم جوركي، يالطا، 18 يناير 1899)
"حديثك عن تعطل القطارات والسكك الحديدية ومقدمات المراكب جذاب لكنه غير منصف. إذا عَلِقت مقدمة القطار وتوقف عن الحركة، فإن ذلك لا يعطل الكتابة، بل على العكس تماماً، الكتابة هي نتيجة حتمية لأن يتعطل بك قطار، ولا يكون لديك مكان آخر تذهب إليه.

بدون حبكة أو نهاية
(رسالة إلى أليكساندر تشيكوف، بابكينو، 16 يونيو 1887)
مبروك على ظهور عمل لك في "ذي نيو تايمز" لكن قل لي: لماذا لم تختر موضوعا جادا؟، الشكل الذي كتبته كان رائعا، لكن الشخصيات كانت عديمة الحيوية، والموضوع نفسه كان مبتذلاً... بدلاً من أن تختار كلاما غامضا ملغزا، كان يجب أن تكتب عن شيئٍ معتاد، شيئٍ من الحياة اليومية، بدون حبكة أو نهاية.

القراءة، المشاهدة، الاستماع
(رسالة إلى أليكسي سوفورين، موسكو، 9 مارس 1890)
فيما يتعلق بـ (سخالين) ـ جزيرة قبال الساحل الشرقي لسيبيريا قضى تشيكوف فيها فترة منقطعاً من أجل الكتابة ـ أردت أن أكتب على الأقل مائة أو مائتي صفحة، وبهذه الطريقة أتمكن من سداد بعض ثمن الدواء الذي أنا مدين به، كما تعلم، تصرفت كخنزير. وربما ينتهي بي الأمر فعلا دون أن أكتب شيئاً، لكن على أية حال، لم تفقد الرحلة شيئاً من جاذبيتها. بالقراءة والمشاهدة والاستماع اكتشفت وتعلمت درسا عظيما. لم أغادر بعد، لكن الشكر للكتب التي قرأتها لأنها علمتني الكثير عن أشياء يجب أن يعرفها الجميع ولو حتى بضرب الكرباج، أشياء كنت أجهل بكثير من أن أتعلمها مبكراً.

كل أنواع المواضيع
(رسالة إلى ماريا كيسيليوفا، موسكو، 29 سبتمبر 1886)
اكتبي عن جميع أنواع المواضيع: الطريف، المثير للشفقة، الجيد، السيئ. أرسلي لي قصصك ومسوداتك ونوادرك ونكاتك وألعابك اللفظية إلخ إلخ.

بوليس الأدب
(رسالة إلى ماريا كيسيلوفا، موسكو، 14 يناير 1887)
لا توجد قوة بوليس يمكن أن تعتبر نفسها مختصة في مجال الأدب. سأوافق عليها لو كانت موجودة، فما العمل مع كل أولئك المزيفين الذين يحفرون طريقهم كالديدان نحو الأدب، من المستحيل أن نتخلى دائما عن الكمامة والسوط. على أية حال، لو نظرنا للمسألة بشكل آخر سنجد أنه لن يوجد بوليس أدبي أفضل من النقاد ووجدان الكاتب نفسه.

الكتابة للذواقة
(رسالة إلى ياكوف بولونسكي، موسكو، 18 يناير 1888)
بالمناسبة، أنا أعمل الآن على قصة طويلة غالبا ستنشر في مجلة (ذي نورثرن هيرالد). في هذه "النوفيلا" أصف السهوب، وسكانها، طيورها، لياليها، عواصفها إلخ. أنا مستمتع جدا بالعمل، لكني أشعر بالقلق لأني لا أمتلك خبرة كتابة القطع الطويلة وربما يكون هناك شيئ من عدم التناسق في أسلوبي. شعوري بالتعب يزداد، ولم أعد أقول كل شيئ يحتاج أن أقوله، ولم أعد جاداً بالقدر الكافي. هناك فقرات كثيرة لن يفهمها نقادي ولا قرائي، وسيجدونها تافهة ولا تستحق الإهتمام، لكني أشعر بالسعادة في ترقب أن تحصل نفس تلك الفقرات على تقدير وفهم إثنين أو ثلاثة من الذين يتذوقون الأدب، سيكفيني ذلك. مع ذلك وبشكل عام فإن قصتي الطويلة هذه لا تلبي توقعاتي. إنها معقدة ومملة وموغلة في التخصص. لقراء اليوم أعتقد أن موضوعاً مثل السهول الشاسعة وبيئتها الطبيعية وناسها، متخصص وغير مهم على الإطلاق.
(ملاحظة: كلمة السهوب تعني السهول الواسعة، وهي عنوان أول قصة طويلة أو رواية قصيرة يكتبها تشيكوف).

من أجل أبناء زمني
(رسالة إلى ديميتري جريجوروفيتش، 12 يناير 1888)
اخترت من أجل ظهوري الأول في الصحف واسعة الإنتشار أن أكتب عن السهوب التي لم تكن قد تم وصفها أدبيا منذ عهد بعيد ... حرصت على أن تخرج كل الصفحات التي كتبتها محكمة ومكثفة أيضا، لذلك اندفعت الانطباعات واحدة فوق الأخرى، متكدسة، مكتظة عكس بعضها، المشاهد، أو كما تسميها الإضاءات محشورة في بعضها البعض، من غير فاصل، وقد كان ذلك مرهقاً للغاية. ولم يكن التأثير العام لكل ذلك صورة للسهوب، وإنما كانت النتيجة "كتالوجا" جافاً ومفصلاً من الإنطباعات، تستطيع بإيجاز أن تقول أنني بدلا من أن أعطي القارئ صورة فنية متكاملة للسهوب، أنتجت له "موسوعة السهوب".

كانت المحاولة الأولى فشلا ذريعا. لكن ذلك على أية حال لم يفقدني شجاعتي. من يدري؟، ربما تصبح تلك الموسوعة في متناول الأيدي بعد ذلك. ربما تفتح أعين المعاصرين لي على غِنى وثراء الجمال الروسي الخفي الذي لم يلمسه أحد، وعلى المدى غير المحدود الذي لا زال مفتوحاً لكل فنان روسي. لو ذكّرت حكايتي الصغيرة رفاقي بالسهوب التي نسوها، لو نجحت أي فكرة قمت بتصويرها بخفة وخشونة في أن تدفع شاعراً حتى لو كان متواضعا لكي يفكر فيما كتبته، ستكون تلك المكافأة التي أريد الحصول عليها. أنا أعرف أنك ستفهم "سهوبي" ومن أجل خاطرها ستكون قابلا لمسامحتي على الخطايا التي ارتكبتها غير متعمد وأنا أكتبها. لم تكن خطاياي متعمدة لأنني بدأت الآن أفهم أنني لا أعرف بعد كيف أكتب قطعا طويلة.
(ملاحظة: لن تجد ترجمة عربية لرواية (السهوب) ضمن أعمال تشيكوف التي صدرت في أربعة مجلدات في أكثر من طبعة آخرها عن دار الشروق المصرية والتي ترجمها باقتدار الدكتور أبو بكر يوسف، لكنك ستجدها ضمن مجموعة أقل شهرة وانتشاراً من قصص تشيكوف المبكرة التي ترجمها إلى العربية المترجم عدنان جاموس وصدرت عن وزارة الثقافة السورية بعنوان (السهب وقصص مبكرة)، وقد أشار المترجم في مقدمته المتميزة إلى ظروف كتابة تلك الرواية القصيرة وما أثارته بعد نشرها من ردود فعل متضاربة، حيث هاجمها أغلب النقاد واعتبرها البعض عملاً إثنوغرافياً لا علاقة له بفن القصة لأنها تتسم بالطابع الوصفي البحت، ووصفها البعض الآخر بأنها عمل متعب للقارئ وباعث على الملل، في حين أعجب بها الأدباء المتمرسون أكثر من النقاد، لدرجة أن ليو تولستوي أديب روسيا العظيم كان يمتدحها دائما ويعتبرها من أكثر أربعة أعمال يحبها لتشيكوف، وبرغم أن تشيكوف كما يبدو من رسالته أخذ مسافة من قصته واعترف بعيوب كتابتها، لكنها كما ينقل لنا عدنان جاموس دشنت مرحلة جديدة في تاريخ أدب تشيكوف ومسيرته الفنية، فلم يعد الأدب بعد ذلك عشيقته والطب زوجته الشرعية كما كان يقول، بل أصبح الأدب زوجته الحبيبة التي وهبها فكره ونفسه وكيانه كله).

اعرف قراءك
(رسالة إلى مكسيم جوركي، موسكو، 27 يونيو 1899)
إذن أنت تخطط للسفر عبر روسيا؟، سأتمنى لك رحلة سعيدة، وكل التوفيق، برغم دهشتي أنك لا زلت لديك الحماس والقدرة على أن تفعل ذلك؟، كان أفضل لو أنك قمت بدراسة البشر الذين يقرأون عملك بالفعل، بدلا من أن تنفق بضعة سنين في المشي أو ركوب عربات الدرجة الثالثة. إذا كنت لا تزال تشعر بأهمية أن تذهب في رحلة كهذه، مهما يكلف الأمر، إذن، اذهب.

الاختصار
(رسالة إلى أليكسندر تشيكوف، موسكو، 4 يناير 1886)
لا تسمح لأحد أن يقوم باختصار أو تنقيح قصصك... ربما كان من الصعب أن تمنع ذلك تماماً، لذلك من الأسهل أن تلجأ إلى الحلول العملية وتقوم بقص وتشذيب قصصك كلما كان ذلك ممكناً وتقوم بمراجعتها بنفسك. كلما قمت باختصار قصصك أكثر، كلما وجدت طريقا أفضل إلى النشر... لكن الشيئ الأهم في كل ذلك أن تظل القصة واضحة وحية ويظل لعملك فيها طعمه، أعد الكتابة خمس مرات إذا كان ذلك ضروريا، اختصر، إلخ، وضع في حسبانك أن (بيتسبرج) ـ مدينة روسية كبيرة ـ كلها ستشاهد عمل الأخوين تشيكوف.

سقراط والطباخ
(رسالة إلى أليكسي سوفورين، ميليخوفو، 2 يناير 1894)
من الأسهل أن تكتب عن سقراط، لا أن تكتب عن سيدة صغيرة أو عن طباخ.

متى تكتب؟ وكم؟
(من رسالة إلى إيلينا شافروفا، ميليخوفو، 28 فبراير 1895)
عندك حق، إنه موضوع به مخاطرة. لا أستطيع أن أخبرك بشيئ محدد، لكن أستطيع فقط أن أنصحك بأن تضعي القصة في الحقيبة وتتركيها هناك لمدة عام، وعندها فقط يمكنكِ أن تقرأيها مجددا.

مخزن المؤلف
(رسالة إلى أليكسي سوفورين، موسكو، 27 أكتوبر، 1888)
هذا ما يخبرني به وجداني، حتى على الرغم من أنني قبلت الجائزة، لكن مشواري الأدبي لم يبدأ بالفعل. في رأسي تقبع حبكة خمس روايات قصيرة وروايتين طويلتين. إحدى الروايتين كانت متخيلة منذ وقت طويل، لدرجة أن عدداً من الشخصيات كانت قد كبرت وأصبحت خارج الزمن قبل حتى أن تحين الفرصة لأن تجد طريقها إلى الورق. هناك جيش كامل من البشر داخل رأسي يتوسل الخروج وينتظر فقط أوامري. كل شيئ كتبته حتى هذه النقطة ليس سوى "زبالة" مقارنة بما أريد كتابته وما أرتعش شوقا لكي أكتبه.... لا أحب حقيقة أنني ناجح، الحبكات الروائية التي لا تزال في رأسي تكاد تبكي من غيرتها الحانقة من الأفكار التي أخرجتها بالفعل على الورق. يضايقني كثيرا أن أفكر أن كل المادة التي كتبتها هي بالفعل هراء، بينما المواد الجيدة لا تزال تجلس في المخزن كأنها بضاعة غير مباعة. بالطبع هناك كثير من المبالغة في هذه الولولة، هناك أيضاً الكثير في كلامي مما لا يمكن اعتباره سوى انطباع، لكن هناك أيضا مقدار أستطيع أن أقول أنه مقدار ضخم من الحقيقة. ما الذي أعنيه بذلك؟، الصور التي أشعر بسببها أنني من ضمن "الأفضل". إنني أستطيع أن أحب وأحتفظ بالفرحة بدلا من أن أضيع وأُذبَح في عمل لا طائل منه...

لو كان حبي خطأً، فأنا مخطئ، لكن من الممكن أيضا ألا يكون كذلك، لذلك إما أنني أبله أو أحمق متغطرس، أو أنني كائن حي قادر على أن يكون كاتبا جيدا. كل شيئ أكتبه في الوقت الحاضر يصيبني بالملل ويشعرني بأنني لست كاتبا مختلفا، لكن كل شيئ لا زال في رأسي يمتعني، يحركني ويثيرني. لقد استنتجت من كل هذا أن الجميع على المسار الخاطئ وأنني الوحيد الذي يعلم سر ما يريده أن يكون. هذا على الأرجح ما يعتقده معظم الكتاب. على أية حال. هذه هي طبيعة المواضيع التي يمكن أن تصيب الشيطان نفسه بالجنون.

خمسة أو ستة أيام
(رسالة إلى ألكسندر لازاريف ـ جروزينسكي، موسكو، 13 مارس 1890)
لكي تكتب قصة تحتاج إلى خمسة أو ستة أيام، خلال وقت كهذا يجب أن تفكر في كل لحظة، وإلا فإنك لن تكون قادرا على صياغة جمل جيدة. قبل أن تصل إلى الصفحة، كل جملة لابد أن تقضي يومين في رأسك، ترقد مكتملة وتكتسب وزنها. يمكن أن تمضي مع الشائع وتقول أنني كسول جدا لكي أراقب دائما قاعدتي الخاصة، لكنني مع ذلك أوصي الكتاب الشبان بهذه القاعدة لأنني مع مرور الوقت ومع نتائج الكتابة الأولى اكتشفت حسنات تلك القاعدة، وعرفت أن المخطوطات الأولى لكل الفنانين الحقيقيين، ليست سوى فوضى من الشطب والتصحيحات، يتم تعليمها من الأعلى إلى الأسفل برُقَعٍ من الاختصارات والإضافات، التي يتجاهلونها ويُتلفونها بعد ذلك.

عام ونصف
(رسالة إلى ليديا أفيلوفا، سانت بيتسبرج، 15 فبراير 1895)
اكتبي روايتك. اعمَلي في الكتابة لمدة عام. بعدها اقضي نصف شهر في اختصارها، بعد ذلك فقط يمكن أن تنشريها. هذا ما يحدث، عندما تنفق ككاتب وقتا قليلا جدا في تفصيل عملك، في حين أن الكاتب لا يجب أن ينفق وقتا كثيرا في العمل كمزخرف على الورق، بل لا بد أن يكون عمله مثابرا ومرهقا.

المواعيد النهائية
(رسالة إلى أليكسي سوفورين، موسكو، 21 فبراير 1886)
نسبياً أكتب القليل، ليس أكثر من قصتين أو ثلاثة قصص قصيرة كل أسبوع. سأجد طريقا لتدبير الوقت للكتابة من أجل مجلة "الأوقات الجديدة"، لكنني فخور بأن الوفاء بمواعيد التسليم ليست واحدة من شروط النشر المسبقة في صحيفتك. تحديد مواعيد للتسليم يتسبب في العجلة ويجعلني أشعر أن هناك ثقلا يضغط على عنقي، وكلا هذين الشعورين يقفان في طريق الكتابة.. بشكل شخصي، مواعيد التسليم لا تناسبني لسبب بسيط، لأنني طبيب وأمارس الطب.. لا أستطيع أن أعد بأنني في الغد لن أستطيع أن أبتعد عن طاولة الكتابة طيلة اليوم.. وبسبب ذلك سأظل دائما أواجه بخطورة أن أفوت موعدا نهائيا للتسليم تم تحديده من قبل.

لا تندفع أبداً
(رسالة إلى أليكسي بليشكييف، موسكو، 9 إبريل 1888)
على أية حال، دع أنّا ميخاليوفنا تعلم أنني لست متعجلاً لأقوم بالتسليم طبقا لموعدي، لأنني لست سعيداً بما كتبته، سأرسله فقط عندما أكون راضياً عنه أو سعيداً به... سأرسل لها القصة الآن، لكنني فعلا لا أعتقد أنه من الحكمة أن أستعجل. أنا حذر بطبيعتي وشكاك، وأخاف من العجلة، وبشكل عام أخاف من النشر. يقلقني دائماً أن الناس سيضجرون مني، وأنني سأتحول إلى واحد من أولئك الذين توقد بهم المراجل بناءً على أمر من ياسينسكي أو مامين، أو بازهين إلخ إلخ، الذين كانوا مثلي أنا نفسي "يثيرون الكثير من الآمال العظيمة". هذا الخوف مؤسّس جيداً بداخلي، أنا الآن أنشر منذ وقت طويل، لدي ما يعادل وزنه مائتي باوند من القصص المطبوعة، لكن حتى بعد كل هذا الوقت الطويل، لا أستطيع حقاً أن أقول أنني أعرف نقاط قوتي ونقاط ضعفي ككاتب.

.....

نواصل غداً بإذن الله.

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.