عن مكونات الإنسان ومميزاته ووهم الحنين وأفكار أخرى

عن مكونات الإنسان ومميزاته ووهم الحنين وأفكار أخرى

29 ابريل 2019
+ الخط -
ـ "يتكون الإنسان من خمس حواس وأربع مميزات وثلاث أعاجيب وتجربتين وحزن واحد، أما الحواس الخمس فمعروفة، أما المميزات الأربع: فأنثاه تحيض وكفه نجسة ولسانه أعمى وقلبه مريض، أما الأعاجيب الثلاث فقد غابت عن ذهني، وأما التجربتان فهما الميلاد والموت، وأما حزنه الوحيد فإنه يعرف كل ذلك."

محمد مستجاب من قصة (التتويج) نشرت في مجلة الثقافة فبراير 1974

ـ "إنه لأمر صعب حقاً أن يتذكر المرء تفاصيل شيء ما يعرفه جيداً، أو هذا ما يمكن أن أقوله عن نفسي على الأقل، فأنا أعرف الأشياء وأكتفي بذلك، ولكن إذا ما سئلت عن لون عيني أمي مثلاً فلن أكون قادراً على الإجابة. إنني أعرف روح الناس الذين أشعر بألفة تجاههم، وروح الأماكن التي أنتسب إليها. بيد أنني أعجز أحياناً عن الحديث عن أقرب الأمور إلى قلبي وأضطرب كما لو أن عاصفة تضرب أعماقي، وإذ أكون منهمكاً بقضية ما أفكر فيها كما لو أنني لا أفكر فيها، كما لو أن غيمة غير ممطرة تعبر رأسي، إنني أنظر الآن وأرى الناس كما لو أنني لا أراهم، ذلك لأنني منغلق على نفسي كالدائرة"

فاضل العزاوي من رواية (القلعة الخامسة)

ـ "في الأسلوب القديم للتفكير، بصرف النظر عما يكون لديك، يُفتقد دائماً شيء ما. الاسم الذي تختار أن تسمي به هذا الشيئ الإضافي المفتقد هو العاطفة. لكنني مستعدة للرهان على أنك لو قدمت لك كل العاطفة التي أردتها ـ عاطفة هائلة ـ فسوف تجد على الفور شيئاً جديداً تفتقده، ينقصك. هذا عدم الرضا الذي لا ينتهي، هذا الحنين لشيء إضافي مفتقد، طريقة في التفكير تخلصنا جميعاً منها، في رأيي. لا شيء مفتقد. اللا شيء الذي تعتقد أنك تفتقده وهم. تعيش بوهم."

من رواية (طفولة جيسوس) لـ ج. م.كوتزي ترجمة عبد المقصود عبد الكريم

ـ "لا يعرف المرء أبدا لم عليه أن يقطع مسافات تمزق قلبه وروحه قبل أن يدرك أنه في قلب مستنقع من خراء. حتى العودة لن تجدي. فالخراء سيصير جزءا من روحه، جزءا قد يطلق الندى وتحوم حوله الفراشات. نتحول مع طيلة البقاء في الخراء إلى أحد صانعيه دون أن ندري."

أحمد الفخراني من رواية (سيرة سيد الباشا)

ـ "العالم لن يبدو جميلا لنا على هذه الصورة إلا حين نتوصل إلى جعل الكلمات مرآة له، إذ تقرأ في الليل كلمة: ضوء، يكون ضوء، حتى العتمة فإنها تعمينا أحياناً، أما الكلام فينغرز في المقابل أعمق في اللحم، ويثقبه مثل فيروس في الدم، ويتفشى فينا ويدمرنا ببطء، دافعا بنا صوب اليأس، لا خلاص من سلطة الكلام".

من رواية (الرجال الذين يحادثونني) لـ أناندا ديفي ترجمة شربل داغر مراجعة د. ليلى عثمان فضل

ـ "وهكذا نجد طوال التاريخ الإنساني تيارا أدبيا هابطا من القمة إلى القاع، من السلطة وأدبائها إلى الجماهير المحكومة الأسيانة، يحمل هذا التيار بوظيفته السياسية رواسب يهيلها على عقول الجماهير، فتتراكم لتلفع الملايين بالعدمية واليأس والسلبية والغيبية، يقابله تيار آخر صاعد من القاع إلى القمة يزيح بوظيفته السياسية الرواسب ما أمكن ويخرب في القمة ما أمكن، ويتمرد على القاعية والتناقض، ويبعث الحيوية والأمل والإيجابية، وينزع في إصرار إلى مستقبل من النور والخبز والحرية والسلام."

نجيب سرور من كتابه (هموم الأدب والفن)

ـ "تُرى من أكلم اليوم: الإخوة لا خير فيهم والأصدقاء لا يُركن إليهم. تُرى من أكلم اليوم: القلوب تضمر الخيانة والجار يعتدي على الجار. تُرى من أكلم اليوم: فطلاقة الوجوه أعقبها وجوم وغاب ما بين الناس من معروف. تُرى من أكلم اليوم: لقد غدا الأشرار بآُثامهم مهابين مرموقين. ترى من أكلم اليوم: لقد أصبح الخائن يسمي أمينا والأمين يسمى خائنا. ترى من أكلم اليوم: فليس ثمة رجل عدل وليس على الأرض ثمة مكان إلا لظالم جائر".

حديث يائس في مصر القديمة يناجي روحه ـ من بردية مصرية بمتحف برلين

ـ "في هذه المدينة يخرج مصاصو الدماء في وضح النهار، بل إنهم يستيقظون من نومهم مبكرا، نشيطين ومستعدين بشكل جيد لعمل اليوم، يكونون أول من ينزل إلى الشوارع، قبل أن يبدأ عمال النظافة في إزالة بقايا الليل، أو يخرج الخبازون من أفرانهم عيش الصباح، يطبقون شعارهم الخالد والذي يحرصون على ترديده قبل النوم "كلما بكرت في النزول زادت حصيلتك من الصيد"، يسلي مصاصو الدماء أنفسهم بالتسكع مثلي في الشوارع، باحثين عن ضحاياهم بتؤدة، وفي أوقات فراغهم يسلون أنفسهم بمعاكسة البنات بغزل يصيبهن بالدوخة، ستجدهم في المقاهي ودور السينما، وعلى نواصي الشوارع يدلّون الغرباء التائهين إلى مقاصدهم، ويمازحون سعاة المكاتب وعمال المحلات، يجيدون ارتداء الملابس واختيار الألوان، هم بحق ملوك الأناقة، يبدون بهيئتهم تلك كأصحاب نعمة أو سلطة، يمتلكون ألسنة حلوة تليِّن الحديد العاصي، تعلو الابتسامة وجوههم بشكل دائم، بينما تحافظ أحذيتهم على لمعتها طول الوقت دون نقطة تراب واحدة، أما الجو الساخن والشمس الحارقة فلا يمثلان لهم أي عائق ولا يسببان لهم ضيقا، رغم ذلك فهم لا يتواجدون كثيرا في الشوارع الرئيسية، فما إن يقضون مصالحهم فيها حتى يسارعوا بالعودة إلى الشوارع الجانبية الغارقة في ظل دائم يغري بالبقاء. عادة لا يتيح مصاص الدماء لأحد فرصة الحديث في حضرته، الشيئ الوحيد الذي يسمح به هو الإيماء بالرأس بين الحين والآخر، أو التمتمة ببعض الكلمات، التي يفهم منها إعلان الموافقة التامة على ما يبديه من آراء أو أنك ما زلت متابعا لكلامه، ولم تشرد منه وراء البنت التي مرت من أمامكما.

الطاهر شرقاوي من رواية (الذي يربي حجرا في بيته)

ـ "يقول البعض أحياناً أن الإنجليز باردون كالأسماك، متحفظون، أنهم ينظرون إلى الأشياء بطريقة خاصة، حتى المآسي يتناولونها بشكل ساخر. هنالك بعض الحقيقة في هذه النظرة، ولكنها غبية جداً أيضاً. السخرية لن تنقذك من أي شيء، الفكاهة لا تفعل شيئاً على الإطلاق. بإمكانك أن تنظر للحياة نظرة ساخرة لسنوات طويلة، ربما لعقود طويلة، هناك بعض الأشخاص الذين يقضون حياتهم بأكملها وهم ينظرون فقط للجزء الساخر من الحياة، ولكن في النهاية، تتمكن الحياة دائماً من تحطيم قلبك، لا يهم إلى أي درجة كنت شجاعاً أو متحفظاً أو إلى أي درجة استطعت تطوير حس الفكاهة لديك، سوف ينتهي بك الأمر بقلب محطم. في تلك اللحظة ستتوقف عن الضحك، وبعدها لن تجد سوى الصمت البارد والوحدة، وربما ستقول ألا شيء بعد ذلك سوى الموت".

ميشيل ويلبيك من رواية (الجسيمات الأولية)

ـ "احفروا، وستكون ثمة ابتسامة، ابتسامة قبرية، لكل أولئك الذين يقبلون اقتراح الحياة فورا، احفروا، وسيغمر الغبار قلبكم، وستمضون وقلبكم في الغبار، والحب الخامل، الجامد عند مفترق طرق الرفض، احفروا، وستكون ثمة السماء، ربما تبدد الأنواع، أو المذاق المحزن للمطر، احفروا، لكي تنشر هذه المرآة مروحة سقوطها، لكي تصفع إلى الأبد لا مبالاة الفضاء، لكي يقترن وجهها الجميل من بلور مكسور، بالأرض الثابتة، احفروا، وستكون ثمة العينان الأكثر وحدة في العالم، وعلى أرض الشارع الواسعة الباردة، فجأة غريبة كشباك، احفروا لهاتين العينين نظرة مستحيلة، احفروا اسمنا في ليلنا، احفروا لأجلنا".

جورج حنين ـ ترجمة ساران ألكسندريان
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.