الدستور الذي لا نريده أن يحكم مصر

الدستور الذي لا نريده أن يحكم مصر

14 ابريل 2019
+ الخط -
تأثرت كثيراً حين أرسل إليّ شقيق الكاتب الجميل حازم دياب رحمه الله صورة لغرفة أخيه في المنيا التي تركتها أسرته كما هي، حين سافر إلى القاهرة ليعمل في صحافتها قبل سنوات، قبل أن يحرمنا المرض الخبيث من كتابته الجميلة وجهده المتميز. لم أتأثر فقط، لأن حازم شرّفني بتعليق صورتي على الحائط وسط كتابه المفضلين، بل لأنه قام أيضاً بتعليق صفحة كنت قد نشرتها في صحيفة (الدستور) عام 2007، عبرت فيها عن رأيي في مهزلة التعديلات الدستورية التي كان الرئيس المخلوع حسني مبارك يحاول بها التمهيد لإدخال مصر رسمياً في حكم العائلة المباركية المديد، وكنت قد قمت في تلك الصفحة بكتابة تصور لما وصفته بأنه "الدستور الذي يحكم مصر بحق وحقيق"، وأظنك حين تقرأ مواد هذا الدستور، ستدرك لماذا اختار كاتب شاب متميز مثل حازم دياب أن يختار هذه الصفحة بالذات ليعلقها على حائط غرفته، وستدرك أيضاً أن ما كتبته وقتها عن دستور مبارك، لا يزال صالحاً للنشر كأنه كتب غداً عن دستور السيسي، حتى وإن تغيرت بعض الرتوش، صحيح أن ما كتبته بالأمس لم يعد قابلاً للنشر اليوم داخل مصر، لكن ذلك ربما يجعل له قيمة أكبر، حين نتأمل كيف كنا وكيف أصبحنا، وإلى أين سنمضي إذا رضينا أن نحكم بدساتير صورية منمقة كاذبة، لا علاقة لها بالدستور الذي يحكم مصر بحق وحقيق. 

كتبت يومها قائلاً بالنص: 

«لا تدعنا نكذب على بعض. لا أحتاج إلى معرفتك عن قرب لكي أدرك أنك لم تذهب للمشاركة في مسرحية الاستفتاء على التعديلات الدستورية؛ آخر عروض المسرح السياسي المزدهر بقوة في السنوات الثلاث الأخيرة من حكم الرئيس مبارك ـ من يدري ـ والتي لم يعد فيها المسرح السياسي مقصورًا على خشبات المسارح بقدر ما أصبح أسلوب حياة ومنهج حكم. 

ربما تكون قد ذهبت يومًا ما إلى الانتخابات البرلمانية مؤمنًا أن صوتك ربما يساهم في إنجاح شريف أو إسقاط فاسد، متحمِّلاً في سبيل ذلك كآبة المنظر وسوء المنقلب ووعثاء الأمن المركزي. وربما تكون قد ذهبت إلى الانتخابات الرئاسية الأولى والأخيرة على أساس أن صوتك لأي من مرشحي المعارضة يمكن أن يكيد العواذل ويحرج أنصار الرئيس الشاق المؤبد. لكن المؤكد أنك هذه المرة استنكفت وتعاليت على الاشتراك، ولو بجملة هامشية في مسرحية سياسية جاب التهريج فيها آخره، ليس فقط لأنك تعلم أن صوتك هذه المرة لن يُقدِّم ولن يُؤخِّر، وليس لأنك خفت أن تؤخذ على سبيل الغلط من أمام لجنة انتخابية لأنك نسيت أن تحلق ذقنك، أو قلت لصديق لك من مدمني الرن على الموبايل "كفاية بقى يا أخي"، بل لأنك ـ ودعنا نجيب من الآخر ـ تعلم كمتفرج مسرح قديم ومتمرس أن الدستور الذي يزعمون استفتاءك على تحديثه هو تمامًا كالدستور الذي زعموا استفتاءك على تعديله قبل عامين هو تمامًا كالدستور الذي زعموا استفتاءك على وضعه قبل كذا وثلاثين عامًا، كلها دساتير لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالدستور الذي يحكم مصر بحق وحقيقي. 

مع الأسى، الدستور الذي يحكم مصر بحق وحقيقي مواده غير مجموعة بين دفتي كتاب، ولا يُدرَّس في كلية الحقوق، ولا يرفعه المحامون في قاعات المحاكم، ومع ذلك فأنت تكتوي بناره كل يوم أنت وأبناؤك وأهلك والذين يتشددون لك، هذا إذا كنت واحدًا من السكان الأصليين لمصر. أما إذا كنت واحدًا من المنتفعين بها فهذا الدستور هو نفسه الذي يضمن لك مصالحك وسبابيبك ومستقبل أولادك ومنافع أهلك ومكاسب الذين يتشددون لك. 

لذلك، ما رأيك أن نحاول ولو لمرة أن نخرج مواد هذا الدستور الذي يحكم مصر من المسكوت عنه إلى النور لنتأمل كيف أمست حياتنا يبابًا وهبابًا في ظله؟ ما رأيك أن نستفتي بعضنا عليه بما يرضي الله دون إعلانات مدفوعة الأجر، ودون ميكروفونات حزب وطني تنشر الكذب في جنبات البلاد، ودون نخبة سياسية متعفنة لا تفكر إلا في الجلوس الأبدي على كنبات الحكم؟ ربما إذا فعلنا سيتهمنا موالسوهم بعدم احترام دستور البلاد، عندها سنقول لهم ولأسيادهم بعلو الصوت: لا ترمونا بدائكم وتنسلوا، فمنذ متى كنتم تحترمون دستور البلاد وقد بعتم البلاد في ظل دستور اشتراكي يدعو للحفاظ على القطاع العام؟! منذ متى كنتم تحترمونه وأنتم تمسخونه بعبارات شيطانية مثل «في حدود القانون»، كانت كفيلة طيلة سنوات سلطتكم العِجاف بإفراغ كل مبادئه الجليلة من مضمونها، ثم فجأة وبين "سَلقةٍ وضحاها" قررتم، قال إيه، أن تُحدِّثوه بعد أن حدَّثتكم أنفسكم بسوء قائلة لكم: إن البلاد يمكن أن تعود فجأة لأصحابها ويحرم أشياعكم من لهط خيراتها التي جعلتكم تتطاولون في البنيان وتتمادون في الطغيان؟! 

إن مصر تستحق دستورًا أفضل من تلك الدساتير التي تلعبون بها كيفما شئتم لتُقننوا أوضاعكم الخاطئة، وتُكرسوا سياساتكم الفاشلة، وتورثوا البلاد مقشَّرة لأنجالكم ومن شايعهم. وربما ولتكن هذه آخر ربما.. لو رفضنا مواد هذا الدستور الجائر الذي فرضتموه على البلاد والعباد لأصبحت مصر، ولأول مرة، وطنًا لسكانها الأصليين.. وطنًا بحق وحقيقي:

مادة 1: جمهورية مصر العربية دولة نظامها ما تفهملوش: اشتراكي من برّه، رأسمالي من جوّه، ديمقراطي القشرة، ديكتاتوري اللب، غربي الشكل، شرقي السمات يقوم على تحالف القوى العاملة على الشعب. 

مادة 2: الإسلام دين الدولة، والإخوان المسلمون أعداؤها، واللغة العربية لغتها الرسمية التي يسقط أغلب تلاميذ الدولة في امتحاناتها، وشريعة الغاب المصدر الفعلي للتشريع. 

مادة 3: السيادة للرئيس وحده، وهو مصدر السلطات والقرارات والسياسات والحاجات، ويمارس هذه السيادة نيابة عن الشعب الذي فوّضه بذلك قبل أن يفوّض أمره لله. 

مادة 4: الأساس الاقتصادي للبلاد هو النظام "اللي بالك فيه"، والقائم على العدل بين كبار المستثمرين بما يؤدي إلى تقريب الفوارق بين دخولهم بما يكفل تحقيق الوحدة الوطنية بينهم. 

مادة 5: يقوم النظام السياسي للجمهورية على أساس تعدد الأحزاب التي ترفضها لجنة الأحزاب سنويًّا؛ بحيث لا يتم السماح لأي حزب سياسي يقدم رؤية مختلفة تجذب إليها المواطن المصري الذي سئم من النظام الحزبي القائم برمته. 

مادة 6: الأسر الحاكمة والثرية أساس المجتمع، قوامها تداول السلطة والنفوذ والبيزنس. وتحرص الدولة على الحفاظ على الطابع الأصيل لها ولمصالحها. 

مادة 7: العمل حق، وواجب، وشرف، لا تكفله الدولة، ويكون العاملون الممتازون على بقاء النظام الحاكم محل تقدير الدولة. أما المواطنون غير المسنودين فتكفل الدولة لهم العمل بمقابل غير عادل. 

مادة 8: الوظائف العامة حق مكفول لذوي الوسايط الذين تكفل الدولة حمايتهم وعدم فصلهم وعدم محاسبتهم بشكل حقيقي. 

مادة 9: تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية والكهربائية والمائية لمن يقدر على ثمنها، وتعمل بوجه خاص على توفيرها لقرى الساحل الشمالي والجونة والغردقة وشرم الشيخ في يسر وانتظام. 

مادة 10: ترعى الدولة وقوف المواطنين في طوابير التأمين الاجتماعي والصحي، وتكفل معاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعًا، لكنها لا تكفل لهم أن يستطيعوا العيش بهذه المعاشات أسبوعًا في الشهر. 

مادة 11: تكفل الدولة رعاية النشء والشباب، وتوفر لهم كل فرص البطالة والعنوسة والإحباط والعدمية واليأس. 

مادة 12: تلتزم الدولة برعاية أخلاق السلبية، والطناش، والتواكل، والتدين المنقوص، والجهل المقنن، والتمكين للتقاليد الاجتماعية السلبية الأصيلة القاضية بأن اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش، وأن البلد بلدهم يعملوا ما بدا لهم، وخطي سنة ولا تعدي قناة، والمكتوب على الجبين لازم تشوفه العين، وعُكّ وربك يفُكّ. 

مادة 13: التعليم حق تكفله الدولة، وهو إلزامي في المراحل الابتدائية. أما الدروس الخصوصية فهي إلزامية في جميع المراحل. وتعمل أجهزة الأمن على تأمين المدارس والجامعات ومراكز البحث العلمي بما يحقق الربط بينها وبين الحزب الوطني ومصالحه، وبما يضمن قمع الأصوات المعارضة والحرة والتي لا تسير وفقًا للمقررات ولا تحرص على كتابة التقارير لأجهزة الأمن. 

مادة 14: التعليم في مؤسسات الدولة مجاني في مراحله المختلفة شريطة دفع الرسوم، وثمن الكتب والتُّخت وتزيين الفصل وهدايا المدرسين في المناسبات وهدايا المدرسات في عيد الأم، ولا تتدخل الدولة في أي اتفاقيات بين الطلبة والمدرسين حول الدروس الخصوصية. 

مادة 15: محو الأمل في التغيير السياسي واجب وطني، تُجند كل طاقات الدولة من أجل تحقيقه. 

مادة 16: يسيطر الشعب على كل أدوات الإنتاج بينما يسيطر الحاكم على الإنتاج نفسه. 

مادة 17: لكل مواطن نصيب من الناتج القومي إن فاض منه شيء. 

مادة 18: للعاملين نصيب في أرباح المشروعات الخاسرة، وليس لهم نصيب في عوائد بيع المشروعات الرابحة، والمحافظة على أدوات الإنتاج واجب وطني، دون أن يكون لأحد حق السؤال عن عوائد الإنتاج. 

مادة 19: تخضع الملكية لرقابة الشعب مع مراعاة أن يخضع الشعب لرقابة الدولة؛ لكي لا يقدر أو يجرؤ أساسًا على طلب حق الرقابة على الملكية. 

مادة 20: الملكية العامة هي ملكية الشعب، والشعب وما يملكه ملك للحاكم الذي هو في مقام الأب عملًا بالمبدأ الشرعي «أنت ومالك لأبيك».

مادة 21: للملكية العامة حُرمة، ولذلك لا يصح أن يسأل أحد عن أحوالها؛ لأن الحُرمة لها حُرمة. 

مادة 22: الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا بمزاج الدولة، ولا تنزع إلا للمنفعة العامة التي تحددها الدولة ومع ذلك سنعتبرها ما زالت مصونة. 

مادة 23: لا يعين القانون الحد الأقصى للملكية الزراعية، ولا يضمن حماية الفلاح والمواطن العادي والعامل الزراعي من الاستغلال؛ لأن الضامن هو الله وحده. 

مادة 24: الادخار في بنوك سويسرا واجب تشجعه الدولة وإن كانت لا تنظمه. 

مادة 25: المواطنون لدى القانون، سواء كان هناك تطبيق للقانون أو تطنيش له، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة، بل التمييز بينهم بسبب الأصل والنفوذ فقط. 

مادة 26: الحرية الشخصية حق طبيعي وانتهاكها شيء طبيعي، وهي مصونة لا تُمس، ولكن تداس فقط، ولا يجوز القبض على أي أحد مسنود أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته أو منعه من التنقل. 

مادة 27: كل مواطن يُقبض عليه أو يُحبس أو تُقيد حريته يجب معاملته بحيث لا تظهر عليه آثار التعذيب. وكل مواطن يلقى حتفه في مراكز الشرطة هو بالضرورة مختل عقليًّا. وتكفل الدولة حماية خصوصية المواطن بحيث لا يتم تصويره في أثناء تعرضه للتعذيب. وفي حالة تصوير تعذيبه تكفل الدولة عدم تسرب الكليب الذي تم تصويره حرصًا على مشاعره. 

مادة 28: للمساكن حرمة؛ فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي، ويستثنى من ذلك مساكن المعارضين وغير المسنودين والذين لا ضهر لهم. 

مادة 29: لحياة المواطنين المسنودين الخاصة حُرمة يحميها القانون، والمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال سريتها مكفولة لأصحابها وللضباط المكلفين بالتصنت عليها، واللي خايف ما يتكلمش. 

مادة 30: حرية الرأي مكفولة، وحرية الدولة في عدم الأخذ بأي رأي يعارضها مكفولة. ولكل إنسان التعبير عن رأيه والقيام بالنقد البَنَّاء، على أن تتولى الدولة تحديد نوعية ومواصفات البناء ويكفل لها القانون حق الهدم. 

مادة 31: حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، وحرية حبس الصحفيين والكُتاب مكفولة أيضًا. وكله وفقًا للقانون. 

مادة 32: تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي للمواطنين، وتوفر وسائل التطفيش والتزهيق اللازمة لمنعهم من ذلك. 

مادة 33: لا يجوز أن تحظر على أي مواطن الإقامة في جهة معينة إلا إذا كان أحد من الكبار حاطط عينه عليها. 

مادة 34: لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد ويتم الاكتفاء بسجنه فقط. 

مادة 35: للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج، وتشجعهم سياسات الدولة على ذلك. 

مادة 36: تمنح الدولة حق اللجوء السياسي لكل أجنبي اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو العدالة، لكنها لا تمنح نفس الحق لكل مواطن يُضطهد بسبب الدفاع عن نفس هذه الأشياء. 

مادة 37: للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحًا ولا رغبة في التغيير والإصلاح ودون حاجة إلى إخطار سابق، شريطة أن يكون هدف الاجتماع فرحًا أو خطوبة أو شبكة أو كَتب كِتاب أو طهورًا أو عزاءً، وينظم القانون إجراءات حضور كَتب الكِتاب وحفلات التخرج وأعياد الميلاد والزواج لضمان عدم استخدامها في أغراض سياسية. والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون الذي يكفل للسلطة التنفيذية إذا أرادت رعاية من يشترك فيها داخل حدود السجن. 

مادة 38: إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتفجيرها من الداخل وفرض الحراسة عليها واجب يكفله أمن الدولة. 

مادة 39: للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبيَّن في القانون وعلى الوجه الذي يُرضي الحاكم عنها. 

مادة 40: كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حُرمة الحياة الخاصة جريمة لا تسقط بالتقادم، وتستحق التعويض العادل، شريطة أن تعمل أجهزة الأمن على استحالة إثبات وقائعها. 

مادة 41: للمواطن حق الانتخاب والترشيح إذا استطاع الوصول إلى لجنة الانتخابات سالمًا، وللحزب الوطني الحاكم حق حماية المواطن من نفسه والعمل على عدم ذهاب صوته لمن لا يستحقه. 

مادة 42: سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وسيادة الرئيس هي الدولة نفسها.

مادة 43: استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، شريطة ألا يشترك رجال القضاء مع الشعب في الدفاع عن هذه الحقوق والحريات. 

مادة 44: المتهم بريء حتى تثبت إدانته، والمتهم السياسي مدان حتى تثبت براءته. 

مادة 45: التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، وتختار الدولة للمواطن قاضيه الذي يمثل أمامه باعتبارها الأدرى بمصلحة الوطن ومصلحته. 

مادة 46: يُبلَّغ كل من يُقبض عليه أو يُعتقل بأسباب القبض عليه إذا لم يكن قد فقد الوعي في أثناء اعتقاله، ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه أو الاستعانة به إذا أراد الله له أن يرى أحدًا، ويجب إعلانه بالتهم الموجهة إليه إذا كانت لديه الجرأة أن يسأل عنها. 

مادة 47: تصدر الأحكام باسم الشعب، لكنها تنفذ برغبة رئيس الدولة. 

مادة 48: مدة الرئاسة يحكمها المبدأ القانوني «واحنا معاه إلى ما شاء الله».

مادة 49: رئيس الدولة يسهر إذا أراد على احترام الدستور وعلى تعديله وتحديثه، ويرعى كما يرغب الحدود بين السلطات التي يرأسها كلها. 

مادة 50: يُنتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر الذي لا يشرف عليه القضاء إشرافًا كاملًا، ويكفل الدستور ضمانات الانتخاب بحيث لا تخرج مطلقًا عمن يريد الحزب الوطني ترشيحه للمنصب. وتعمل أجهزة الدولة على ضمان عدم ظهور شخصية مستقلة تتمتع بحب الناس عبر إحكام القبضة على أحزاب المعارضة واستمرار تفكيكها من الداخل. وتضمن أجهزة الأمن عدم حدوث أي مفاجآت في يوم الانتخابات. وتضمن أجهزة الدولة، وعلى رأسها أجهزة الإعلام، شيوع حالة الإحباط والسلبية والتطنيش والخوف من التغيير. ويعلن انتخاب رئيس الجمهورية بحصول المرشح على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات حتى لو لم يذهب إلى الانتخابات سوى أعضاء الحزب الوطني. 

مادة 51: يحدد القانون مرتب رئيس الجمهورية ويقام الحد على من يسأل عن هذا المرتب. 

مادة 52: لا يجوز لرئيس الجمهورية في أثناء مدة رئاسته أن يشتري أو يستأجر شيئًا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أملاكه أو أن يقايضها عليه، ولا يجوز لأحد أن يسأل عن الجهة التي تراقب ذلك كله. 

مادة 53: إذا قدَّم رئيس الجمهورية استقالته من منصبه تكون القيامة قد قامت. 

مادة 54: يتولى مجلس الشعب سلطة التسريع بإصدار أي تشريع يطلبه الحزب الوطني، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية بما يكفل توفير مواد مناسبة وكافية لإذاعة تقرير مجلس الشعب الذي ينتجه قطاع الأخبار. وتضمن كل أجهزة الدولة أن تكون أغلبية أعضائه للحزب الوطني منعًا لإصدار أي قانون لا يتوافق مع مصالح الحزب الوطني أو أي قرار باتهام أو محاكمة رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو أي وزير أو نائب وزير. 

مادة 55: يختص المجلس بالفصل في صحة عضوية أعضائه بغض النظر عن تعارض هذه المادة مع استقلال القضاء وحصانته. 

مادة 56: لا يجوز لعضو مجلس الشعب في أثناء مدة عضويته أن يشتري أو يستأجر شيئًا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أملاكه أو أن يقايضها عليه، طالما ربنا مبارك له في إخواته وأقاربه الذين يفعلون ذلك بالنيابة عنه. 

مادة 57: ينتخب مجلس الشعب رئيسًا له، شريطة أن يكون اسمه الدكتور أحمد فتحي سرور، ويتولى الدكتور أحمد فتحي سرور تنظيم اللعبة السياسية؛ بحيث يظن الزائر للبلاد أن هناك فعلًا مجلس شعب به خلاف حقيقي حول مصلحة المواطن والوطن. 

مادة 58: يُحال كل مشروع قانون إلى إحدى لجان المجلس لفحصه، وبعد أن يطق المعارضون من فرط مناقشته يقوم نواب الحزب الوطني بتمريره ويكفل القانون للمعارضين حق خبط رءوسهم في الحائط، شريطة أن يتم ذلك خارج القاعة الرئيسية للمجلس. 

مادة 59: إذا حصل وأخطأ أعضاء المجلس في تمرير مشروع قانون لا يريده رئيس الجمهورية، يكون من حق الرئيس رده للمجلس خلال ثلاثين يومًا. ولرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها دون أن يكون من حق أحد السؤال عن جدوى المجلس إذن. 

مادة 60: إلى جوار مجلس الشعب يوجد في البلاد مجلس للشورى؛ لا يلزم الدستور الوزراء بأي مسئولية تجاهه، ولا يعرف أغلب المواطنين عنه شيئًا سوى أنه يقع في شارع القصر العيني. 

مادة 61: لكل عضو من أعضاء مجلس الشعب أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أسئلة أو استجوابات أو طلبات إحاطة في أي موضوع يدخل في اختصاصاتهم، وعلى هؤلاء أن يعطوه برستيجه كاملًا، ويناقشوه دون أن يغيظوه بالقول له إنهم سيفعلون ما يريدونه في نهاية الأمر.

مادة 62: الوزراء مسئولون أمام مجلس الشعب عن السياسة العامة للدولة، والوزراء يعينهم الرئيس ويتابع أعمالهم، لكن مجلس الشعب لا يستطيع محاسبة الرئيس؛ لذلك لم يحدث قطّ أن تم سحب الثقة من وزير وغالبًا لن يحدث. 

مادة 63: ينظم القانون القواعد الأساسية لحماية الأموال العامة وإجراءات صرفها، أما إجراءات سرقتها دون الوقوع تحت طائلة القانون فتترك للاجتهاد الشخصي.

 مادة 64: يعيِّن رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم، وكل ذلك بقدر معلوم وفي توقيت معلوم لا يعلمه أحد غيره. 

مادة 65: يشترط فيمن يعين وزيرًا أو نائب وزير أن يكون مصريًّا بالغًا من العُمر خمسًا وثلاثين سنة على الأقل، ومتمتعًا بكامل حقوقه المدنية والسياسية، ومتمتعًا برضا رئيس الجمهورية والقدرة على تطنيش الصحافة. 

مادة 66: الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته، ويتولى رسم سياسة الوزارة في حدود ما يرضى عنه رئيس الجمهورية. 

مادة 67: لا يجوز للوزير في أثناء تولي منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عملًا تجاريًّا أو ماليًّا أو صناعيًّا أو أن يشتري أو يستأجر شيئًا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أملاكه، طالما رزقه الله بمن يقوم له بكل ذلك من أقاربه.

مادة 68: تقسم الجمهورية إلى وحدات إدارية تتشكل فيها مجالس شعبية محلية منتخبة كده وكده، يُفترض أنها تقوم بالرقابة على عمل الأجهزة التنفيذية، لكنها تعمل على ضمان عدم القيام بأي عمل ضد رغبة الأجهزة الأمنية والتنفيذية. 

مادة 69: تنشأ مجالس متخصصة على المستوى القومي تضم المسئولين الذين تجاوزوا السن الصالحة للبقاء في الحكم، أو أصبح من الواجب إبعادهم عن مناصبهم الحساسة، وتكون هذه المجالس كأي شيء آخر في البلاد تابعة لرئيس الجمهورية، ويمكن أن يتولى رئاستها أي أحد حتى ولو كان كمال الشاذلي. 

مادة 70: القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، وتتولى أجهزة الأمن قمعهم وتشويه صورتهم واتهامهم بالانتماء لأحزاب سياسية أو ارتباطهم باتصالات خارجية في حالة انحيازهم للشعب ودفاعهم عن حريته وكرامته. 

مادة 71: السلطة القضائية مستقلة، ومع ذلك فإن المجلس الأعلى للقضاء يرأسه رئيس الجمهورية الذي هو رئيس السلطة التنفيذية والمتحكم طبقًا للدستور في السلطة التشريعية، وفوق كل ذلك هو الذي يرعى حدود الفصل بين السلطات بحكم امتلاكه لها جميعًا. 

مادة 72: تؤدي الشرطة واجبها في خدمة الشعب، مع أن الشرطة نفسها لا تعترف بذلك وتُصر على أنها هي والشعب في خدمة الوطن، وتسهر على حفظ النظام؛ النظام الحاكم طبعًا، لكي لا يحدث أي لبس في فهم هذه المادة. 

مادة 73: يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية، ويتولى وضع السياسة العامة للدولة، ويتولى الإشراف على تنفيذها، ويتولى إبرام المعاهدات، ويتولى حق إعلان حالة الطوارئ، ويتولى إصدار القرارات بقانون، ويتولى قرارات إنشاء وتنظيم المرافق العامة، ويتولى الله الشعب برحمته».

انتهت مواد الدستور ولست أرغب في أن تقول لي «إنه حقيقي للأسف»، بقدر ما أرغب في أن تقول لنفسك «كيف بالله عليك سمحنا أن يصبح ذلك حقيقيًّا، وإلى متى؟".

مع العزيز حازم دياب رحمه الله في معرض الكتاب سنة 2008





نص الدستور الذي لا نريده أن يحكم مصر معلقاً على حائط حازم دياب







605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.