أنت لم تسأل لكنني أجيب (الموسم الرابع)

أنت لم تسأل لكنني أجيب (الموسم الرابع)

02 ابريل 2019
+ الخط -
أواصل الإجابة على الأسئلة التي تلقيتها من الأعزاء الذين أحبوا لعبة (أنت لم تسأل لكنني أجيب) في مواسمها الثلاثة السابقة. أجيب على هذه الأسئلة آملاً في فهم نفسي أكثر، وأتمنى أن تساعدك الأسئلة وإجاباتها على فهم نفسك أكثر، وأن تشجعك على طرح مزيد من الأسئلة عليّ وعلى نفسك وعلى من حولك، عملاً بمبدأ "أفشوا السؤال بينكم".

...

ـ أهم مقولة فلسفية تتذكرها من حين لآخر؟
"ما تستكترش الرفص على البغل النِجِس".

ـ أهم قرار ستتخذه لو تم تعيينك وزيراً للصحة؟
إلغاء ترخيص كل طبيب تزيد فترة الانتظار في عيادته على نصف ساعة، وقد رفعت مدة الانتظار إلى نصف ساعة مراعاة لأن طبيبي المعالج يمكن أن يقرأ هذا الكلام، ولا أريد أن أخاطر بإغضابه، لكن حق ربنا كان يقضي ألا تزيد مدة الانتظار على عشر دقائق.

ـ كتاب تدعي أنك قرأته؟
هناك كتاب ظللت أدعي لفترة أنني قرأته، ثم توقفت عن ذلك الادعاء، هو رواية (عوليس) لجيمس جويس، والذي فشلت في إكمال قراءته أكثر من مرة وفي ترجمتين مختلفتين، برغم أنني أعجبت بعملين آخرين لجويس. لم أرمِ طوبة عوليس بعد، تضامناً مع مترجمه طه محمود طه الذي قضى أغلب عمره في ترجمة الكتاب والتعريف به، ولا أحب أن أحس أن عمره ضاع سدى، وتأسياً بتجربة للأديب الأمريكي بول أوستر الذي لم ييأس من الكتاب وتأثر به حين أعاد قراءته بعد سنين من هجره، من المهم أن أسجل لنفسي أنني لم يصل بي الادعاء إلى حد القول إن رواية (عوليس) ساهمت في تغيير نظرتي للأدب، كما سبق أن سمعت صديقاً لي يقول ذات ندوة، وهو يعلم وأنا أعلم وطه محمود طه يعلم أنه لم يكمل عشرين صفحة من الرواية.

ـ فيلم تدعي أنك أحببته؟
أقرب إجابة إلى هذا السؤال يمكن أن تنطبق على فيلم (المومياء) للمخرج شادي عبد السلام، وقد كنت فيما مضى أعلن كراهيته على الملأ، بل وهممت بالاشتراك في تأسيس (جمعية كارهي فيلم المومياء) التي كان يبشر بها الصديق الأديب د. فهمي عبد السلام، لكن ذلك كان قبل أن أتشرف بصداقة أستاذي علاء الديب كاتب حوار الفيلم، فأصبحت أكتم عدم محبتي للفيلم، ولا أقول كراهيتي له، لأنني لا يمكن أن أكره شيئاً ارتبط بعلاء الديب، لكنني في الوقت نفسه لم أصل إلى حد الادعاء بأنني أحببت الفيلم، وكنت أكتفي بأن أقول له إنني لا أكف عن ترديد إحدى عبارات حوار الفيلم وأجملها، أعني عبارة: " ما تسميه عيشنا، أشعر به سماً في جسدي، هذا عيش الضباع"، ولم أكن كاذباً في ما قلته ولا مبالغاً، فقد كنت أردد تلك العبارة كلما ابتليت بصعود كوبري ستة أكتوبر ليلاً أو عبور ميدان الجيزة ظهراً.

ـ هل تجد صعوبة في تقديم نفسك للآخرين؟
ليس في الغالب الأعم، لأني أفضل أن أقابل من ألتقيهم لأول مرة على مقهى صاخب مكتظ بلاعبي الدمنة والطاولة، وستجد مثيلاً لهذا المقهى في أغلب مدن العالم، وفلسفتي في ذلك أن التقاءك لأول مرة بمن لا تعرفهم في مكان حي وصاخب، يذيب الجليد الذي تزيد المكاتب والكافيهات الهادئة من صلابته.

ـ ما الذي يمكن أن تكشفه لنا من أسرار الزواج السعيد؟
ألّا ترتكن ولو للحظة إلى وجود وصفة دائمة للزواج السعيد، وأن تلعن الشيطان حين يحدثك عن الكبرياء والكرامة والثبات على المبدأ، في اللحظة التي تدرك فيها أنك "لبّخت".

ـ أكثر ما يثير دهشتك في السنوات الأخيرة؟
التعريص بكافة أنواعه فعل مثير للدهشة، لكن يبقى أكثر أنواعه إدهاشاً: التعريص المجاني.

ـ أسوأ مدينة زرتها في حياتك؟
لا يمكن تقييم المدينة من منظور الأحسن والأسوأ، هناك مدن تحبها ومدن تكرهها ومدن لا تجد لها طعماً يجعلك تحبها أو تكرهها، وأكثر مدينة كرهتها هي لندن، ولكي لا يتهمني محبوها بالتسرع، أريد أن أقول لهم أنني زرتها أربع مرات، أي أنني كرهتها بمنتهى التأني.

ـ أكثر ما تنصح به لإنقاص الوزن؟
كنصيحة معنوية عامة: التفكير في رائحة المستشفيات وظلمة القبر والثعبان الأقرع. أما كنصيحة واقعية بدأت تجريبها قبل أشهر وآتت ثمارها: التوقف الكامل عن أكل النشويات والسكريات.

ـ شخصية تاريخية تتمنى أن يتاح لك اللقاء بها؟
كل الذين أحببت أن ألتقي بهم من الكتّاب أو الفنانين، التقيت بهم بالفعل من خلال كتبهم وأفلامهم وأغانيهم، ولا أحب أن أعرف شيئاً عنهم أكثر من ذلك.

ـ من هم ممثلوك المفضلون من العرب والأجانب والقدماء والمعاصرين؟
بعد سن الأربعين لا يصبح لديك ممثلون مفضلون بشكل عام، بل تصبح لديك أفلام مفضلة بشكل خاص. أو على الأقل كانت هذه تجربتي.

ـ ألدّ أعداءك؟
الوَخَم.

ـ هل تضطر لتبرير أفعالك للآخرين؟
طبعاً، لكن فقط إذا كنت أحبهم، أو إذا شعرت أنهم يرتجون مني خيراً.

ـ مكانك المفضل للكتابة؟
حتى عشر سنين مضت كنت أحب الكتابة على المقاهي والكافيهات، بعدها تعودت أن أعمل على كرسي السفرة، ومنذ ثلاث سنوات أصبحت أفضل الكتابة على "الريكلاينر"، وهو كائن هجين ما بين الكرسي والكنبة.

ـ أكثر شيء تكرهه بعد البسلة؟
النصائح والمستشفيات والبدلة والكرافتة.

ـ رقصة تجيدها؟
كأي مواطن صالح كنت أجيد الرقص الشرقي، لكني اعتزلته قبل تخرجي من الجامعة، وأحاول الآن إجادة الدبكة، وأتمنى أن أجيد التانجو والباليه.

ـ موقف يزعجك كثيراً؟
أصبحت أميل إلى الانزعاج أكثر من المواقف التافهة، ومن بينها مثلاً أن تكتشف نسيان اسم زميل دراسة أو عمل قديم، لكن ما يزعجك أكثر هو إصراره على أن تذكر اسمه، لكي يكشف أنك كذبت حين قلت أنك طبعاً لا يمكن أن تنسى اسمه.

ـ أكثر كتاب أشعرك بالإثارة؟
إذا كنت تقصد إثارة التشويق، فأنا لست من محبي النوع، ولا أحب الرواية التي تستعجل تقليب صفحاتها، لكن إذا كنت تقصد الإثارة الجنسية، فربما كانت رواية (البنات والصيف) لإحسان عبد القدوس التي قرأتها وأنا عندي 11 سنة، وهي السن التي تشعرك فيها حركة "الستاير" بالإثارة، ولذلك أعتقد أن الشعور بالإثارة كان له علاقة بالسن، وليس بكتابة إحسان الذي أصبحت أعتبره بعد ذلك كاتباً روائياً أخلاقياً.

ـ الأمنيات الثلاثة التي يمكن أن تطلبها من مارد المصباح؟
أهم ثلاثة أمنيات لديّ، ليست للأسف ضمن مجال اختصاص مارد المصباح ولا جنّي الإزازة ولا عفريت العلبة، لكن يمكن أن أستبدل أمنياتي الثلاثة بأمنية وحيدة هي مائة مليون دينار كويتي أو أي عملة مكافئة له في القيمة أمام الدولار، وسيساعدني المبلغ على "إنتاج" أمنياتي الثلاثة، وإنتاج أمنيات عدد لا بأس به من الأصدقاء.

ـ لو سألتك عما تتذكره من أيام الدراسة، ما هو أول ما يتبادر إلى ذهنك؟
أكاد أكون نسيت كل شيء درسته تماماً، اللهم إلا بعض أبيات الشعر التي درستها في ثانية إعدادي، لا زلت أحفظها عن ظهر قلب، وهذه من الأشياء التي تجدد في الأمل أنني يمكن أن أتذكر فجأة أشياء تعلمتها قبل ذلك وبعده.

ـ أكثر فترة تكرهها في السنة؟
أول ثلاثة أيام من كل شهر، لأسباب يشاركني فيها كل المبتلون بدفع الفواتير في المدن "الباهظة".

ـ ما هي نصيحتك لمن فقد الثقة في النساء بسبب تجربة سيئة؟
أن يفقد الثقة في دوام التجارب السيئة، وفي أبدية أي مشاعر بما فيها مشاعر الخذلان والأسى.

ـ صديق تكون على سجيتك معه؟
الشخص الذي لا تكون على سجيتك معه، لا يستحق وصف صديق، يمكن أن تستخدم معه تعبير: معرفة أو زميل.

ـ أفضل طريقة لمصالحة من تحب؟
الاستقتال في الاعتذار، والتريقة على نفسك عند اللزوم، وصدق أو لا تصدق سيظل لبوكيه الورد مفعول ناجع لم ولن أفهمه أبداً.

ـ كيف تفهم تعبير (قهر الرجال)؟
بعيداً عن المساحات الحميمة، أعتى قهر يتعرض له الرجال والنساء هو اضطرارهم للعمل مع من يحتقرونه.

ـ عيب تتمنى التخلص منه؟
لخبطة النوم.

ـ عيب لا تتمنى التخلص منه؟
التوتر.

ـ أجمل حلم تتذكره؟
أجمل الأحلام هي التي لا يبقى منها إلا آثارها الجميلة، الملموسة.

ـ أول "لوكيشن" تصوير سينمائي دخلته في حياتك؟
موقع تصوير فيلم (يوم حار جداً) للمخرج محمد خان، وكنت لا أزال وقتها في الجامعة، وذهبت بصحبة أعز أصدقائي الذي كانت أخته تعمل صحفية فنية، وأرسلته لكي يغطي تصوير الفيلم بدلاً منها، وقد اصطحبني معه بصفتي مصوره الخاص، فقد أقنعته أنني أجيد التصوير، مع أنني كنت لا أزال في بدايات تعلمي للتصوير، ولذلك خرجت كل الصور التي التقطتها خرائية الطابع، فلم يصطحبني معه إلى "لوكيشنات تالية.

ـ ندبة في جسدك تحمل ذكرى خاصة لديك؟
عضة من أمي في ظاهر كف يدي اليمنى، بعد أن ضبطتني متلبساً بالتدخين في سن التاسعة، وقد اختارت مكان العضة ببراعة، بحيث تقع عيني على أثرها كلما رفعت سيجارة إلى فمي، مع أنها لو سألتني يومها، لكنت قلت لها أنني لم أحب تجربة التدخين، وأنني لم أكن أنوي العودة إليه.

...

أستقبل المزيد من أسئلتكم إن وجدت على البريد الالكتروني belalfadl@hotmail.com

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.