لبنان... هدوء ما قبل العاصفة

لبنان... هدوء ما قبل العاصفة

06 ديسمبر 2019
+ الخط -

تتجه الأنظار الآن إلى الاستشارات النيابية المحددة يوم الاثنين المقبل في القصر الجمهوري في لبنان، إذ أتت هذه الدعوة بعد خمسين يوماً منذ بدء انتفاضة الشباب اللبناني في 17 تشرين الأول 2019. 

هذه الخطوة أتت من رحم القول "أن نتقبل ما حدث، هو الخطوة الأولى للتغلب على صعاب أي محنة". وللأسف إنها ليست خطوة الشعب بل خطوة السلطة، وهذه الخطوة تأتي لاستيعاب ما حدث من تغييرات في الواقع اللبناني. وفي الوقت ذاته، محاولة انقلاب على الثورة بطريقة دبلوماسية.

وهنا الخطورة أن السلطة تلعب بالنار، لأن ما يمكن أن ينتج بالمستقبل القريب أصعب مما سبق. وأي خطأ اليوم عواقبه أصعب مما سبق، وخصوصاً أننا نعيش فترة "شد حبال". أي أنَّ كل فريق يحاول تحقيق أكثر مما يمكن تحقيقه، وقد استعملت معظم الوسائل السلمية من قبل الانتفاضة، والسلطة استنزفت كل وسائلها السلمية.

معظم من ثار في الشارع يعتبر أن ما يجري لا يمثله. لأنه يرى أن ما يحدث من خطوات اليوم لا تمثل تطلعاته في حكومة أخصائيين بعيدة عن منطق المحاصصة. حكومة قادرة على مكافحة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة، وتعمل على استقلالية القضاء.

كما نعلم جميعاً، أن التكليف متجه إلى رجل الأعمال سمير الخطيب، إذ يواجه معارضات مختلفة منها في الشارع، حيث يتهمونه أنه كان من التركيبة المستفيدة خلال السنوات الماضية من خلال شركة "خطيب وعلمي"، نادي رؤساء الحكومات السابقين. ويعتبرونه غير قادر على فرض هيبة هذا الموقع، إذ سيمكّن وزير الخارجية جبران باسيل من التحكم مجدداً في مكامن السلطة.

في المقابل، سمير الخطيب لديه دعم الثنائي الشيعي ووزير الخارجية جبران باسيل و حلفائهم. ثمّة دعم حذر من قبل الرئيس سعد الحريري، لكن لم يعلن أي بيان حتى اليوم، بالإضافة إلى أنَّ الخطيب لديه علاقات متينة مع بعض الدول الإقليمية، كما لديه مشاريع مختلفة في هذه الدول من سورية إلى العراق إلى بعض دول الخليج العربي. ويراهن من يدعمه أن يحرك ماكينات علاقاته لدعم الاقتصاد اللبناني، لكنه يعتبر الخطر الأكبر على لبنان.

لبنان يعد بلد التسويات وما يحصل ليست تسوية بين الانتفاضة والسلطة، بل  التفاف على الانتفاضة. ومجرد حصول الحل بهذه الطريقة يعني أننا لم نصل حتى الآن إلى الحل الأمثل، بل إنّ فريق السلطة يعتبر أن تشكيل حكومة مع مشاكل، هو أفضل من الفراغ، لأنه لا يريد التنازل بشكل واسع لأجل المنتفضين، بل إنهم يحاولون تشكيل حكومة، فقط من أجل تمرير الوقت.

لبنان يشهد اليوم شبه هدوء على صعيد التحركات الميدانية، و لكن العاصفة ستكون إما قبل التكليف بيوم أو بعد التكليف فوراً. ولن تهدأ الأمور من خلال تلك الخطوة من قبل السلطة، بل ستتأزم. وسنرى مجدداً الشارع مقابل شارع، لأن ما رسم من خطوط حمراء من قبل الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون للأجهزة الأمنية، سوف يؤدي حتماً إلى مواجهات؛ إما بين الشارع مقابل شارع، أو بين أنصار السلطة والانتفاضة.

وكل هذا المشهد لن يؤدي إلى جلب ثقة دول العالم في الدولة اللبنانية رغم الرهان على ذلك من قبل من يريد الخطيب.