زوجات المعتقلين الفلسطينيين في السعودية: مرارة الواقع وقسوة الانتظار

زوجات المعتقلين الفلسطينيين في السعودية: مرارة الواقع وقسوة الانتظار

20 نوفمبر 2019
+ الخط -

كثيراً ما نقرأ الروايات ونشاهد الأفلام، ونمر على مشاهد مأساوية، تثير مشاعرنا وتصل بنا أحياناً إلى حد البكاء، تنتفض ضمائرنا وتثور إنسانيتنا، ندرك حينها أن قيمة الإنسان فوق كل القيم فنشد العزم لنرفع الإنسان.

ينتهي المشهد فنغلق الكتاب أو نطفئ التلفاز، ننظر حولنا فندرك أن ما رأيناه كان محض خيال من صنع المبدعين من الكتّاب والمخرجين، ما حاجتنا للمشاهد الخيالية طالما نعيش في واقع حقيقي مؤلم هو أجدر بالمشاهدة وأحق في تحريك المشاعر وإيقاظ الضمائر!

لذلك سأستعرض الواقع المأساوي المرير الذي يعيشه المعتقلون الفلسطينيون والأردنيون في سجون المملكة العربية السعودية، فذلك يستوجب وقفةً إنسانية وعملاً انسانياً جاداً ودؤوباً.


إحدى هذه الحالات الواقعية المأساوية ترويها زوجة أحد المعتقلين في السجون السعودية، بصوت ينتحب وقلب يحترق، وتتحدث السيدة عن زوجها المعتقل والبالغ من العمر 38 عاماً، مهندس حاسوب وعضو في نقابة المهندسين الأردنيين ويحمل جواز سفر أردني مؤقت (دون رقم وطني)!

اعتُقل قبل عدة أشهر من مكان عمله، مؤكدة أن أخباره انقطعت لأكثر من شهر حتى تبيّن فيما بعد أنه كان بقبضة السلطات السعودية، حيث تعرض للإهانة في التحقيق تبعه التعرض للتعذيب النفسي والجسدي. وبصوت مخنوق أضافت الزوجة أنها في فترة اختفاء زوجها ظلت تبحث عنه حتى لازمها القلق وأنهكها التعب ولكن دون جدوى، لم تجد له أثراً في أي مكان، رغم المناشدات والإصرار في سبيل الحصول ولو على معلومة صغيرة تفيدها إذا ما كان ميتا أم على قيد الحياة.

وتتابع الشابة الفلسطينية حديثها وهي تحتضن صغارها، أن زوجها اعتقل بتاريخ 22/7/2019 وبعد حوالي الشهر أي في 22/8/2019 تواصلت معها السلطات السعودية وأبلغتها بمكان احتجاز زوجها ولم تسمح لها في ذلك الوقت بزيارته، رغم ترجيها مرارا خلال التواصل معهم وإقناعهم ولكن لا مجيب. وفي يوم 2/9/2019 سمح لها بزيارته ولمدة لا تتجاوز الدقائق القليلة!

تكمل والدموع في عينيها: ظروفه المعيشة صعبة للغاية نفسياً واجتماعياً، فقد من وزنه الكثير وغزا الشيب شعره الأسود، ويعاني من آلام شديدة في ظهره خاصة في العمود الفقري بسبب ضيق الزنزانة الانفرادية التي لا تتجاوز مساحتها مترا مربعا واحدا حسب وصفها، وقد أشارت أيضا إلى سوء الأوضاع المعيشية ومنع العلاج الطبي في السجون السعودية.

وزاد وضعه النفسي سوءا بسبب العزل الانفرادي ومنعه من الاختلاط بباقي المعتقلين ورؤية أهله وأطفاله الصغار وأيضاً محاميه الخاص، وفي غمرة حزنها أكدت الزوجة أن آخر اتصال بزوجها كان يوم 10/10/2019 لمدة 5 دقائق فقط، هذه الدقائق لا تكفي لأن تشكو لزوجها حال الوحدة في الغربة مع أطفال صغار حرموا من أغلى ما يملكون، حيث تعيش مع أطفالها لوحدها في الرياض، وممنوعة من السفر بسبب قانون الإقامة الذي يفرض إذن الكفيل لسفر المكفول.. لا يستطيع المتألم أن يصف آلامه وآلام أطفاله، فمن يشعر بالحرقة ليس كمن يقرأ الكلمات.

هذا مثال عن أحد المعتقلين المظلومين ومثله كثير من المعتقلين، ولكل منهم قصة آلام وأوجاع. يذكر أن هناك أكثر من 50 معتقلاً أردنياً وفلسطينياً مغيبون تعسفيا في سجون المملكة العربية السعودية دون توجيه أي تهمه تذكر! تجاوزت أعمار بعضهم الـ80 عاما!! ويعانون من أمراض مزمنة، ولا يزالون ينتظرون الفرج والحرية!

هذا حال المعتقلين وذويهم في الحياة الواقعية، لعلها توقظ ضمائرنا وتحرك فينا مشاعرنا لنحافظ على الإنسان وإنسانيتنا.