الوعي المعلوماتي وتأثيره في التعليم

الوعي المعلوماتي وتأثيره في التعليم

05 يناير 2019
+ الخط -
استطاع عصر المعلومات أن يفرض سيطرته على الكثير من الأشياء، فلم ينفك عن التدخل بأي شيء يستطيع الخوض فيه، بداية من الأجهزة الإلكترونية وانتهاء بالإنسان، وهكذا أصبحنا نعيش في عصر فائق التطوّر، وقادر على تقديم الكثير من الابتكارات التي تشكل مفاجآت عند ظهورها وتداولها بين النّاس، كما تعتبر المعلومات الأساس الأوّل الذي يؤسس البنية المعرفية البشرية منذ قديم الزمن، ولا أبالغ إذا قلتُ إن المعلومات هي المصدر الرئيس للمعرفة، وتمثل العناصر التي يستخدمها الإنسان في جميع الأعمال والنشاطات والدراسات، ومن هذا المنطلق ظهرت الثورة المعلوماتية التي صنعت وأطلقت الكثير من الإبداعات والمفاهيم، ومنها مفهوم الوعي المعلوماتي.

يعبّر "الوعي المعلوماتي" عن أهمية إدراك الأفراد للمعلومات وفوائدها وإمكانياتها وكيفية استخدامها في الوقت المناسب والطريقة المناسبة، للتعامل مع المعضلات المعلوماتية وتوفير الحاجات اللازمة لمشروع أو نشاط أو بحث أو عمل ما، لتحقيق التوافق والتكامل مع متطلبات العصر الحديث، ومن المفهوم السابق جاءت ضرورة فهم واستيعاب الوعي المعلوماتي كمؤثرٍ في السياسات العامة للدول، والاقتصاديات المتنوّعة، والمجتمعات النامية والمتطوّرة على حدٍّ سواء.

لم يقتصر الانتشار الذي حققه الوعي المعلوماتي على فئة معينة أو مسار محدّد، بل استطاع أن يؤثر في كل شيء وصل إليه، وكان "للتعليم" نصيب من التأثر بأفكار ونتاجات الوعي المعلوماتي التي تداخلت مع الوسط التعليمي بمختلف مراحله، وشاركت في تطويره، وتحويله من شكله التقليدي إلى شكل أكثر حداثة يستطيع مواكبة عصر المعلومات؛ لذلك صار لازمًا على الأفراد الذين يشكّلون الوسط التعليمي إدراك تأثير الوعي المعلوماتي في التعليم.

جاء أثر الوعي المعلوماتي في التعليم ومكوّناته المادية والبشرية مبينًا على مشاركته في عددٍ من المجالات المتعلقة بالوسط التعليمي، كتوفيره للأساسات الداعمة والمساندة لعملية تطوير مفهوم التعلّم الإلكتروني المعاصر، الذي يتطلّب امتلاك المهارات المعلوماتية لاستخدام تقنيات الإنترنت والاتصالات أثناء التعلّم، وتعزيز عملية اتخاذ القرارات التعليمية المبنية على كفاءة المعلومات وفعاليتها وجودتها، وتزويد الطلاب بمهارات الدراسة الذاتية المتكاملة مع المعلومات الحديثة والمتجددة بشكلٍ دوري ودائم، وقد ساهم ذلك في دعم تأثير الوعي المعلوماتي في نطاقات التعليم، ولفت انتباه الطلاب والباحثين والمدرسين لأهميته في مختلف المراحل التعليمية دون الاقتصار على مرحلة معينة منها.

انبثقت من الوعي المعلوماتي وتأثيره في التعليم مجموعة من الأهداف، التي تتصل مباشرة بالعنصر البشري من الأفراد الذين يشكّلون الوسط التعليمي، ويعتبر تحقيق هذه الأهداف وتطبيقها في الجامعات والمدارس والمعاهد قفزة نحو الأمام في مسيرة التعليم، وتبدأ من أهداف المعرفة وهي تدريب الأفراد وتوجيههم لفهم المعلومات مهما كانت أنواعها وأشكالها ومصادرها، بواسطة تدريبهم على المهارات اللازمة لاستخدام الأدوات المعلوماتية المتوفرة في الوسط التعليمي، مثل الحواسيب وأدوات العرض الرقمية ووسائل التعليم التفاعلي، كما توجد الأهداف المهارية وهي جعل الأفراد قادرين على تحديد مدى حاجتهم للمعلومات، باستخدام استراتيجيات بحث تساعد على دراسة كل معلومة وتحليلها واسترجاعها عند الحاجة لها، ويتم السعي أيضًا لتحقيق أهداف التطوير التي ترتقي بجميع مكوّنات التعليم لتواكب العصر المعلوماتي، وتساعد الأفراد على الاستفادة من الوقت المخصص للبحث عن المعلومات ومصادرها، ثم توظيفها في التعليم بما يخدمه ويشارك في تنميته واستمرار تطوّره.

يستنتج مما سبق أن تأثير الوعي المعلوماتي في التعليم كامن في تفعيل دوره عند الأفراد الذين يشكلون الوسط التعليمي أثناء تعاملهم مع المعلومات؛ لأنه يمنحهم القدرة على تصنيف المعلومة وتحديد فائدتها، وتمكّنهم من مواجهة الإشكالية البحثية لاتخاذ القرار بقبول المعلومة أو رفضها، كما يحفز الوعي المعلوماتي الأفراد على التأقلم مع التطوّر المتسارع والضخم الذي نتج عن الثورة المعلوماتية في شتى أنواع المعارف؛ لذلك يمكن القول إن تدريب وتهيئة الأفراد في الأوساط التعليمية المختلفة على التعامل مع المعلومات بأشكالها المتعددة، بات من الضرورات التي لابد منها لمواكبة عصر المعلومات الحديث.