السلطة الفلسطينية.. لا ضامن ولا ضمان

السلطة الفلسطينية.. لا ضامن ولا ضمان

27 يناير 2019
+ الخط -
لماذا قانون الضمان؟ ما انفك هذا السؤال يطرق بإلحاح في ذهن المتابع للشأن الفلسطيني، إلحاح لا يفوقه سوى إلحاح أكبر لدى المتضررين من هذا القانون بالأوساط الشعبية الفلسطينية، اشتد أثره وتحول خلال فترة مناقشة وأقرار القانون إلى حملة شعبية هائلة ودورية غايتها الرئيسية إسقاط قانون الضمان الاجتماعي الذي احتوى بنودًا كارثية بحسب توصيف العارفين، وبحسب الغضبة الشعبية الذي رافقت إجراءات مناقشته وإقراره.

لا يسعني الحديث في بنود القانون وتأثيراتها الاقتصادية المحتملة على شعب يرزح تحت الاحتلال، إلا أن حديثًا ضروريًا يدق في الساعة الفلسطينية عن جدوى القانون وتوقيته، يقود بطبيعة الحال إلى رصد الطريقة التي تعاملت بها السلطة الفلسطينية مع المتحركين ضد القانون، إن المتابع لتصريحات وزراء "حكومة الحمد الله" والتي تتعلق حصرًا بقانون الضمان الاجتماعي، وما أحدثه من توتر في الشارع رفضًا لما يمكن عده وسيلة ضغط سلطوية على آخر ما في جيوب الناس من حيلة لمواجهة أعباء الحياة اليومية التي ينغصها الاحتلال في كل ساعة، من يتابع وزراء الحكومة الفلسطينية وهم يختلقون مسوغات تبرر قانونًا كارثيًّا، سيفهم حتمًا أن حكومة الحمد الله، بقوانينها، وبالسلطة التي تدور في فلكها المؤسسة التنفيذية ما هي إلا كيان ضاغط على الشعب الفلسطيني، كأقل تقدير.


لا يبدو غريبا أن يعد وزير العمل، مأمون أبو شهلا، قانون الضمان الاجتماعي "خطوة على طريق تحرير فلسطين" إذا كانت فلسطين بنظره لا تتعدى كونها شعارا خطابيا فعالا دائما، وجغرافية خانقة جدا لا تتجاوز مساحتها مساحة ما تحكم به السلطة الفلسطينية، وتغيب هذه السلطة ويغيب حكمها عند أول ناقلة جند (إسرائيلية) تطأ شوارع الضفة، وما أكثر ما مارست ناقلات الجند (الإسرائيلية) في الآونة الأخيرة، سادية احتلالية مهينة بصورة بشعة بحق السلطة الفلسطينية ورئيسها وحكومتها ومؤسساتها، ومن ضمنها مؤسسة الضمان تحديدا.

ولم يكن غريبا كذلك، أن يتجرأ وزير الحكم المحلي "يا لسخرية المنصب"، حسين الأعرج، على شن هجوم قذر على الحراك المتجدد ضد قانون الضمان الاجتماعي، والذي شكلت مدينة الخليل جوهره الرئيسي، الخليل التي قدمت من النضال والتضحيات ما يجعل الوزير المتفلسف قزما أمامها، ومع ذلك لم يضيره أن يتهم حراكا شعبيا وطنيا بالارتباط بمستوطنة، مكرسا خطاب التخوين نفسه الذي تجد فيه السلطة مناصا للتهرب من الاحتجاج الشعبي المستمر بفعل سياسات مرفوضة وغير مسوغة ولا يمكن إلا أن تكون عدائية.

في فلسطين سلطة تفرض قوانين جائرة وغاشمة على الشعب في مناطق الضفة، هذه القوانين تصبح أكثر إجحافا عندما يتعلق الأمر بقطاع غزة، وإن كان قانون الضمان الاجتماعي إطارا مزينا تستخدمه السلطة للتعبير عن عوزها للسيادة، فهو لا شك انعكاس صارخ للإجراءات التي فرضتها السلطة تباعا على قطاع غزة، من دون أن يردعها أي مسوغ أخلاقي، أو شعور وطني.

في فلسطين سلطة تبحث عن ذرة شرعية، وسط ما تهتك من شرعيتها بفعل قراراتها السياسية والاقتصادية، وعجزها المميت عن تبرير سياساتها للرأي العام الذي خنقه الخطاب نفسه منذ عقود، خطاب لا يقنع أطياف الشعب من دون السحيجة.
C0BA4932-E7DF-48F8-A499-8FAA0D6C1F19
عدي راغب صدقة

أدرس تخصص الصحافة والإعلام في جامعة البترا... أهتم بعديد الشؤون العربية، ولكن أولي اهتماما خاصا بالشأن الفلسطيني.