لا تقتلوا روح الإبداع في أولادنا

لا تقتلوا روح الإبداع في أولادنا

23 سبتمبر 2018
+ الخط -
مع مطلع كل عام دراسي، تكثر الشكاوى حول الواقع المدرسي والأجواء السلبية التي حكمت المدارس منذ عقود. عقلية الإدارة والمدرس لا تصلح لهذا المكان، لأنها لم تواكب متغيرات الواقع والبيئة وما حصل من قفزة في عالم الصناعة وسهولة الحصول على المعلومة..

خالد يفكر بمحمد الابن الصغير الذي سيحمله إلى مقاعد الدراسة، وهو الآن يحمل هما كبيراً: كيف سيدخله إلى المدرسة مع كمية فظاعة وسلبية سمعها من إخوانه الذين سبقوه إلى مقاعد الدراسة، وهو على مدار أعوام مضت، يراهم منكبين على الدفاتر والأوراق يكتبون أو يحضرون واجباتهم، فلا وقت للعب في أيام الدراسة، وإن كان اللعب حاضرا فذلك يكون على حساب الواجبات والتحضيرات المدرسية، ليتلقوا بعدها صفعة على وجوههم أو وجبة من الإساءة التي تقلل من كرامتهم، لأن من علمني حرفاً ملكني عبداً، ففي بلداننا كل شيء على حساب كرامتنا حتى التعليم، ولا ضير بعدها أن نعيش بلا حرية، فنحن رُبّينا على العبودية في مناهجنا الدراسية..

تتسارع الأيام ليبدأ اليوم العام الدراسي الذي سيجلس فيه محمد لأول مرة إلى مقاعد الدراسة، المرحلة الأولى للأطفال عجيبة غريبة، أذكر أن أمي ظلت تصطحبني إلى المدرسة على مدار أشهر، وإذا غفلت عنها صرخت إلى أن ألِفت الذهاب بمفردي إلى المدرسة، لكن كان كل هذا بوسائل مبدعة ولطيفة من أمي حفظها الله..


نعود إلى خالد والد محمد وقصته مع اليوم الأول، لقد بدأ بحق العام الدراسي، أحضرنا حاجات محمد الدراسية من حقيبة وملابس وقرطاسية، كل شيء جاهز، لكن يا ترى هل محمد جاهز ومستعد نفسيا للدخول إلى هذا العالم؟..

أسئلة كثيرة لا تخطر على بالنا قبل أن نرسل الأبناء إلى المدارس، منها الاستعداد النفسي وبناء الصورة الإيجابية عن المدرسة ورسائل تحفيز عن العلم لا يتلاقها الأبناء من البيت ولا من المدرسة، لينكب على وجهه في أول يوم دراسي ويرى نفسه وسط العشرات من الأولاد لا يعرفهم وربما لا يود مصاحبتهم.

على كل حال، نحن في صباح اليوم للعام الدراسي، محمد الذي كان يستيقظ في العاشرة صباحا الآن بدأ يستيقظ في السابعة صباحاً، لقد تغير كل شيء، أصبح لسان حاله أي جحيم هذا الذي يمنعني من النوم ويجعلني أستيقظ مبكراً للحاق بطابور الصباح وخوفاً من العقوبة في حال تأخري؟..

أخيرا تناول محمد طعامه وتجهز وقامت أمه بترتيبه وتصفيف شعره، فهو رسولها وممثلها، ومدى الاهتمام به ينعكس بشكل كبير على سمعتها، ركب محمد السيارة متوجها إلى المدرسة لأول مرة في حياته بعدما حاول أن يستعد لها رغم كل السلبيات التي سمعها عنها.

دخل محمد إلى المدرسة ليبدأ مشواره الجديد في الحياة، أما والده فتوجه إلى المدير والكادر التعليمي ليهنئهم ببداية العام الدراسي، بعد التهنئة قال لهم: لقد أتيتكم بآخر أولادي محمد سيكون طالباً في مدرستكم، لكني أطلب منكم أموراً:

1. لا تقتلوا إبداع أولادنا فحافظوا على الإبداع الذي يمتلكونه، وإن كنتم لا تستطيعون تطويره أبلغونا لنطوره أو نتعاون معاً لتطويره.

2. لا ترهقوهم بالواجبات والتحضيرات، راعوا راحتهم وأوقات ألعابهم وعلاقاتهم الاجتماعية.

3. لا تهدروا كرامتهم وحريتهم، علموهم طعم الكرامة والحرية لكيلا يكونوا عبيدا مثلنا في المستقبل، قدسوا الحرية واجعلوها كذلك في نفوسهم.

4. لا تبخلوا عليهم بكلمة ثناء أو تشجيع أو تحفيز، فقد يكون أحدهم حاملاً لواء الإصلاح وإنقاذ الإنسانية.

5. لا تبخلوا عليهم بتجاربكم ومهاراتكم التي تنفعهم في حياتهم مدّوهم بأجملها وأنفعها.

6. لا تجعلوا أجمل لحظة في حياتهم هي لحظة انقضاء العام الدراسي، بل اجعلوا العام جميلا بحيث يتمنون ألا تأتي العطلة.

7. لا تجعلوا المدرسة قفصاً لمصادرة الحريات والآراء، بل أجعلوها مصدراً لتهذيب أفكارهم وبلورتها لتكون مشاريع في حياتهم.

بعدها سنقف، نحن وأبناؤنا، ونرفع لكم القبعة شاكرين ممتنين لجهودكم لترقية أبنائنا.