15 ابريل 2024
الديك الهندي عند الحلاق
الديك الهندي عند الحلاق
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...
كان الضحك سيد الموقف خلال الاتصال الذي جرى بيني وبين صديقي أبو سلوم الذي يعيش في منطقة خارجة عن سيطرة نظام الأسد. سبب الاتصال أن أحد أصدقائنا المشتركين أرسل إليَّ صورة شخصية ويعلق عليها بقوله هذا صاحبك أبو سلوم طالع من تحت يد الحلاق قبل قليل.
بمجرد ما رأيتُ الصورة انفلتُّ بالضحك، فمنظر أبو سلوم وقد حلق شعره بالكامل على الزيرو وترك شاربيه اللذين يملآن نصف وجهه منسدلين وقد صبغهما بلون فاحم أقرب إلى "البوفالو" أضحكني، ودفعني لأن أتصل به وأقول (نعيماً).. ويبدو أنه قرأ السطور التي وراء الاتصال فضحك هو الآخر وقال لي:
- تصور الحلاق بدُّه مني ألف وثلاثمية ليرة على حلاقة شعر راسي وذقني، وألف ليرة على هندسة شواربي مع أجرة الصبغة، ولما احتجيت قال لي أن الرجولة شغلة مكلفة يو أبو سلوم، ولما قلت له: أنه نحن حالياً مو رجال، وأن الدنيا عملتنا مخصيين، قال لي باطل عليك يا أبو سلوم، أنت رجال وبتحلف بالطلاق..
فقلت له: علي الطلاق ما راح أعطيك غير ميتين ليرة على كل الحلاقة والصبغة.. ووقتها صار يلوم نفسه لأنه اعتبرني رجلاً بين الرجال.
قلت له: والله يا أبو سلوم أنت طول عمرك رجل، وقبضاي، وكدع، ولكن، للأمانة، منظرك بعد الحلاقة صاير متل منظر الديك الهندي اللي كنا نغني له لما كنا صغاراً:
الديك الهندي مات، قَتَّلْ الجيجات.. قيق.
قال لي: أنت بهذا التشبيه رفعتني درجة، أظن أنك ما شفتني من سنة الـ 2011.. أنا هلق بتمنى كون متل الديك الهندي، لأني، قسماً بالأخوة التي بيننا، صاير متل الجاجة اللي مر من فوقها الترين (القطار)، ولأن (عمر الشقي بَقي) بقيت على قيد الحياة.
قلت له: بتذكر يا أبو سلوم لما كنا نحلق شعرنا بربع ليرة سورية؟
فضحك وقال: بربع ليرة؟ شقد أنت كريم ومتسامح! يا أستاذ أنتوا لما كنا صغار كانت أموركم المادية جيدة، أبوك كان عنده أراضي زراعية، وكنتم تدفعون للحلاق ربع ليرة، نحن كان ياخدنا أبي إلى الحلاق ويصفنا على الكراسي (متل صَرَامي العيد)، وبعدما ينقطع نَفَس الحلاق بحلاقة روسنا يقول له أبي:
- الله يعطيك العافية يا أبو وليد. إن شاء الله يوم العيد الكبير بتكون على جبل عرفات. وبالنسبة لأجرة الحلاقة مندفع لك على الموسم.
قلت له متصنعاً الجد: وين المشكلة؟ أكيد لما يطلع موسم الأرض الزراعية اللي بيمتلكها أبوك بيدفع للحلاق.
قال: مو بس للحلاق. أبي كان يقترض من كل مكان ويقول للناس بدفع لكم على الموسم. موسم الأرض. وأظن أن كل أهل ضيعتنا يعرفون أن أبي لا يمتلك أية أرض، ولا عنده موسم. ومع هيك كانوا يعطوه، ويدينوه ع الموسم!
الديك الهندي مات، قَتَّلْ الجيجات.. قيق.
قال لي: أنت بهذا التشبيه رفعتني درجة، أظن أنك ما شفتني من سنة الـ 2011.. أنا هلق بتمنى كون متل الديك الهندي، لأني، قسماً بالأخوة التي بيننا، صاير متل الجاجة اللي مر من فوقها الترين (القطار)، ولأن (عمر الشقي بَقي) بقيت على قيد الحياة.
قلت له: بتذكر يا أبو سلوم لما كنا نحلق شعرنا بربع ليرة سورية؟
فضحك وقال: بربع ليرة؟ شقد أنت كريم ومتسامح! يا أستاذ أنتوا لما كنا صغار كانت أموركم المادية جيدة، أبوك كان عنده أراضي زراعية، وكنتم تدفعون للحلاق ربع ليرة، نحن كان ياخدنا أبي إلى الحلاق ويصفنا على الكراسي (متل صَرَامي العيد)، وبعدما ينقطع نَفَس الحلاق بحلاقة روسنا يقول له أبي:
- الله يعطيك العافية يا أبو وليد. إن شاء الله يوم العيد الكبير بتكون على جبل عرفات. وبالنسبة لأجرة الحلاقة مندفع لك على الموسم.
قلت له متصنعاً الجد: وين المشكلة؟ أكيد لما يطلع موسم الأرض الزراعية اللي بيمتلكها أبوك بيدفع للحلاق.
قال: مو بس للحلاق. أبي كان يقترض من كل مكان ويقول للناس بدفع لكم على الموسم. موسم الأرض. وأظن أن كل أهل ضيعتنا يعرفون أن أبي لا يمتلك أية أرض، ولا عنده موسم. ومع هيك كانوا يعطوه، ويدينوه ع الموسم!
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...