حفلة "بول بارتي" بشيراتون دمشق

حفلة "بول بارتي" بشيراتون دمشق

04 يوليو 2018
+ الخط -
إنه الحسد ولا شك، وضيق عين الفقراء والمهجرين في سورية، من الأغنياء الذين من أبسط حقوقهم، أن يقيموا الحفلات ويرقصوا ويصوروا أيضاً حفلاتهم بلباس السباحة، وينشروها على وسائل التواصل الاجتماعي.. وإلا ما قيمة الحرية التي طالب بها السوريون؟!

بل ومن أبسط حقوق أولاد المسؤولين وتجار الأزمة في سورية، أن يتنعموا وينفقوا بعض الأموال التي جناها ذووهم من تجارة المواد الغذائية والإفراج عن معتقلين خارج القانون والمحاكم، بل ومن تجارة الجسد والمخدرات.. أليست التجارة شطارة وقوانين السوق والليبرالية تبيح ذلك، والسوريون من طالب بذلك خلال ثورتهم؟!

كما من حق أولاد رؤساء أفرع الأمن وقادة الفرق العسكرية والمفارز والحواجز، أن يشعروا بالفارق عن بقية السوريين، أليس آباؤهم من حمى القائد ونظامه من المؤامرة الكونية، فلماذا التذمر الذي يورده المثقفون ويتأففون منه، إن قال لهم ابن مسؤول أسدي "نحن البلد واعرف حالك مع مين عم تحكي".


قصارى القول: بدأت آثار الاستقواء على أنصار الأسد وحاضنته من أبناء رموزه وتجاره وقادة جيشه وأمنه، للحد الذي دفع بمديرة التلفزيون السابقة، للتشكي والتذمر من حالة الاستقواء التي تلف العاصمة السورية دمشق، بعد أن بلغت مداها بمدن الساحل السوري التي تحوي مهجرين يذوقون شتى أنواع الذل والامتهان، من قبل حماة الوطن وأبنائهم.

وأخذت حكاية سطوة أولاد المسؤولين وتجار الحرب "قضية رأي عام" بسورية، بعد تسريب صور ومقاطع فيديو، لنساء بلباس السباحة خلال حفل افتتاح مسبح الشيراتون وسط العاصمة دمشق قبل أيام.

ووصل حد الامتعاض على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية في سورية، بعد نشر الفيديوهات، حد الاتهامية واستسهال "فضح السوريات" واستقواء أولاد المسؤولين المتهربين من الجيش والزاجّين بأبناء الشعب بمحرقة قتل السوريين بعضهم بعضاً.

ولكن بالمقابل، وربما من منطلق الحرية والواقعية، تناول بعض السوريين القضية من منظور آخر، فرأوا أن من حق الشباب أن يعيشوا ويتمتعوا بأموالهم بعد سني الحرب، ولماذا يخجل من لباس السباحة من يسبح بالشيراتون أمام المدعوين لحفلة "بول بارتي"..

نهاية القول: أول هام، أتمنى ألا يسألني أحد عن معنى "بول بارتي" لأني بصدق لا أعلم، كما لم أجد حاجة ثقافية لأبحث أو أسأل عن معناها.

ثاني هام، وكما العلاج بالذهنية الأسدية، توعد مدير الشيراتون بدمشق، بشير طباع مسربي الصور، واعتبر أن ذلك عمل فردي وسيتابع المسألة مع الشركة الخاصة التي رعت حفل الافتتاح. وهو تماماً كما يرد أي مسؤول بالنظام السوري، بما فيه رئيسه بشار الأسد، حينما يتم سؤاله مثلاً عن سرقة ممتلكات السوريين بعد حصارهم وقصفهم وتهجيرهم، وهو ما يسمى بالعرف السوري "تعفيش" والذي بلغ أقصاه، بعد التعفيش في مخيم اليرموك ومدن غوطة دمشق، في محافظة درعا هذه الأيام، ما دفع شيوخ مدينة السويداء لتحريم شراء الأثاث المسروق من درعا، بل ومنع جيش الأسد من إدخاله لمحافظة السويداء المجاورة لبيعه.

وأما ثالث هام، لماذا الاستغراب والتشكي يا أيها السوريون الذين وقفتم إلى جانب بشار الأسد ونظامه، ودعمتم بقاءه بالمال وبأبنائكم، بل حتى بصمتكم.

ماذا تتوقعون من نظام ثأري، خاض معارك قمع الثورة ولسبع سنوات، قتل وأعاق خلالها مليون سوري وهجر وشرد 11 مليوناً، كرمى كتابة أطفال على جدار مدرسة بدرعا وكرمى لرضاء خالته أم عاطف نجيب.

ابشروا يا أيها السوريون، ليس بتعامل وفق تفاوت طبقي، ستلمسونه من أبناء المسؤولين وتجار الحرب فحسب، بل بانتقامية وبمفعول رجعي، عن أفعال قمتم بها خلال الثورة أو قبلها.. أو أفعال فكرتم القيام بها.. أو حلمتم أن تقوموا بها.