أبو سلوم والنحس الأصلي

أبو سلوم والنحس الأصلي

31 يوليو 2018
+ الخط -
حينما يأتي الحديث عن "النحس" ينبري صديقُنا أبو سلوم ويهتف: تتحدثون عن النحس؟ يا سلام، معناها الكرة صارت في ملعبي. ويضيف: أنا والنحسُ سيان. فإذا قال له أحد مصححاً "سواسية"، يزجره ويقول: السواسية للكثرة، وأما "سِيَّان" فهي للمُثَنَّى، يعني أنا والنحس وبس.

ثم يسأل: هل تعرفون المطرب محمد طه الذي كان يرتجل موالاً في أي موضوع يُطرح عليه، ويغنيه، ويختمه بعبارة (ع الأصل دَوَّرْ)؟

إذا كان في الجلسة رجالٌ مسنون يقولون له: طبعاً نعرفه. فيقول:
- أنا مثل محمد طه، أي موضوع تذكرونه له علاقة بـ "النحس" أستطيع أن أحكي عنه قصة أو قصتين مما جرى معي في هذه الحياة.


قال الأستاذ كمال: أنا سأعطيك موضوعاً. هات حدثنا عن (السياحة).
قال أبو سلوم: هذا أهون ما طلبت، أنا عشت في ضيعتنا أكثر من عشرين سنة، وبعدها ذهبت إلى العسكرية، وهناك ذقت الأمرين في العذاب واللهوجة والإهانات من قبل الضباط وصف الضباط والعناصر، وبعدما تسرحتُ عدت إلى الضيعة، وتزوجت بنت خالتي، وصارت تجيب لي أولاد، مرة تجيب ولد مفرد، ومرة تجيب تنين، وأنا الله وكيلكم ما معي ثمن طعام وحليب أطفال وحفوضات وعلاج، واللي كان يجيب قدامي سيرة السياحة ممكن أنا وهو نتشاجر بالأيدي.

وبلا طول سيرة، مرة واحدة، وأنا في سن الـ 45 خطر لنا، أنا ومجموعة من أبناء ضيعتنا أن نقوم برحلة درويشة لا أعتقد أن بالإمكان تصنيفها في خانة الرحلات الـ (سياحية).. جهزنا عرايس زيت وزعتر، وزيت ولبنة، وزيت وبندورة ونعناع، وركبنا بالتركتور وذهبنا إلى نهر العاصي، وعسكرنا بجواره، وأكلنا من نفس الطعام الذي نأكل منه في البيت، ونقنع أنفسنا بأنه طيب طالما الإنسان يعيش بصحة وعافية..

المهم يا سيدي ومن شدة الحرارة في ذلك اليوم شلحنا كلابياتنا ونزلنا إلى النهر لنسبح، وأنا عملت شوط سباحة، واستمتعت ببرودة الماء، وبينما أنا في طريق العودة شفت شي عشرة عساكر مسلحين وواقفين عم يستنوني حتى أرجع. الله وكيلكم حلوا ركبي.. خلاصته، طلعنا.

قلنا لهم خير شباب؟ قالوا هاي منطقة عسكرية. قلنا لهم: والله ما كنا منعرف. خلص الآن نضب كلاكيشنا ونغادر. فضحك أحدهم وقال:
- شو أنت مجنون؟ وين تغادروا؟ أول شي بتجوا معنا، منحقق معكم، ومنشوف ليش تقصدتوا تنزلوا هون، ومين هي الجهة اللي متآمرين معها على جيشنا الباسل.. وبعدها بتنقلعوا.
سكت أبو سلوم لحظات، وقال: ما في داعي للشرح. أكيد بتعرفوا الباقي.
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...