التعاقد و"بهدلة" التعليم

التعاقد و"بهدلة" التعليم

17 يوليو 2018
+ الخط -
1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، هو تاريخ انفصال المغاربة عن الوظيفة العمومية، حين أصدر رشيد بلمختار وزير التربية الوطنية، في حكومة بنكيران في نسختها الثانية مذكرة، أعلن فيها عن مباراة لتشغيل أساتذة بموجب عقود..

حتى نكون في السياق، في السابق كانت الوزارة المسؤولة عن القطاع، تعلن مباراة يتم انتقاء مجموعة من المترشحين، يخضعون لامتحان كتابي وشفهي، بعد نجاحهم، يتلقون تكوينا بيداغوجيا محكما، في مختلف المراكز الجهوية لمدة عام، ويتم تعيينهم بعد ذلك في مختلف مدارس الوطن بعد نجاحهم في امتحان التخرج النهائي، كل هذه الحكاية في السّابق، تم اختصارها، حيث يتم تعيين مدرسين دون أي تكوين لتعليم أبناء المغاربة، إنَّه العبث.


المذكرة جاءت بعد نداءات متكررة، أطلقها مختلف الفاعلين، تشكو النقص الحاصل في الموارد البشرية، في ظل الأزمة التي يتخبط فيها القطاع رغم كل المحاولات التي كان مصيرها الفشل.

مخطئ من يعتقد أن أزمة التعليم ستحل بحشو عدد هائل من خريجي الجامعات في الأقسام والفيافي، في غياب أي تكوين بيداغوجي وديداكتيكي، فالتدريس ليس بالسهولة التي نتصورها أو نتخيلها، بل يتطلب مواصفات وشروطا يجب أن تتوفر في المدرس، و5 أيام غير كافية لإنضاج مدرس مُتصِّبر قادر على القيام بالمهمة المطلوبة.

التّدريس بالتعاقد يعد جزءا من المشكلة، لا جزءا من الحل، وزير التربية الوطنية الأسبق في حكومة بنكيران ذات مرة في إحدى خرجاته، عزا أزمة التعليم في المغرب إلى التوظيف المباشر، الذي بموجبه يتم تعيين أصحاب الشهادات العليا، خوفا من نزولهم إلى الشَّارع.

التعليم العمومي، شكل المخبأ الأخير لعدد من الخريجين الفارين الذين تقض مضجعهم البطالة، التي تعد ضريبة يؤدي الشباب المغربي الثمن من أعمارهم، اعتبارا للتفاوت الملحوظ والصارخ بين الخريجين من الجامعات المغربية وطلبات سوق الشغل الناذرة. لذا لا ينبغي الانبهار بالأرقام التي سجلت في صفوف الراغبين في التوظيف بالعقدة.

المتتبع للمشهد التعليمي، سيكتشف أن هناك من يسعى إلى تأزيم الوضع التربوي في بلادنا، خصوصا في ظل الصمت الموسوم بالرضا على الوضعية، من طرف الفرقاء السياسيين والنقابيين الذين لهم قوة التأثير في الملف، إلا فما معناه تجاهل 10000 إطار تربوي بتكوين معرفي وبيداغوجي مهم في المدارس العليا للأساتذة، حيث بددت لتكوينهم ميزانية ضخمة ويكون مصيرهم الشارع.

إن التشغيل بالعقدة، يعد محاولة لتحقير مهنة التدريس، واستصغار لرجال التعليم، وإضفاء صفة الإهانة على المهنة. وهي محاولة لبهدلة التعليم العمومي على حساب التعليم الخصوصي.

3B013BFE-CC0A-41A9-94BE-D9F8B505D40C
إسماعيل العماري

كاتب مهتم بقضايا التربية والتكوين.يقول: ولد الإنسان ليكتب ويعبر بحرية.