براءة اختراع لوزير سوري

براءة اختراع لوزير سوري

11 يوليو 2018
+ الخط -
لأن "الحياة عقيدة وجهاد" تستمر حكومة بشار الأسد بمساعيها لتحتل صدارة الدول والحكومات في تقديم وصفات وحلول واختراعات، لأي أزمة يمكن أن تصيب شعباً أو تعتري عمل وطموح الشعوب والمنظمات.

ويبدو أن الوقت والفرصة الآن سانحان، فالمؤامرة الكونية التي استهدفت "القائد" شارفت على الانتهاء، بل وبتصريح إسرائيل أن بشار الأسد هو الأنسب ليحمي حدودها، يبدو أن ثمة طوراً جديداً سيدخله النظام السوري، لا بد من العمل خلاله وبتوازٍ وعلى مستويين؛ طرفه الأول تعويض شركاء الحرب، في موسكو وطهران، عن جهودهما بقمع الثورة وقتل السوريين، عبر تعهيدهما ما تبقى من الثروات الباطنية والمقدرات، وانتظار ما سيفيض عن حاجتهما من مشروعات واستثمارات، ليعلن عنه ضمن تتمة مسرحية إعادة إنتاج بشار الأسد وفق ما يسمّى إعادة الإعمار.


والمستوى الثاني، وضع حد لمراكز الأبحاث بطوكيو وبرلين، التي وجدت في "الأزمة السورية" فرصة، فغافلت حكومة بشار الأسد وسجلت براءات إبداع واختراع، قصارى القول: لا يمكن لمراكز البحث ومهما بلغت حصة دعمها وتمويلها من الموازنات، أن تأتي بحل جديد كالذي قدمه وزير المال السوري مأمون حمدان، بل والفارق بالتفكير والتطلع والأفق والثقافة شاسع، بين علماء المجتمع والطب النفسي والمخترعين في الدول المتطورة، وبين ما خلص إليه الوزير حمدان.

فالرجل، إن جاز الوصف، قال باختصار: "سيتم استبعاد العاملين ذوي المزاج غير اللائق، خاصة ممن يتسمون بالعبوس، إلى الصفوف الخلفية من العمل"، لينسف بهذا التصريح كل نظريات العمل والإبداع الوظيفي، وربما يحمل "ألان غرينسبان"، أشهر حاكم مصرف مركزي أميركي، مسؤولية تهاوي سعر صرف الدولار، إذ إن غرينسبان، كما عرف عنه، عبر تبوئه المنصب على مدى رئاسة خمسة رؤساء للولايات المتحدة، أنه لا يبتسم، بل ولا يعطي أي إيحاء بملامحه خلال وقوفه إلى جانب الرئيس، لئلا يستشف المشاهد أن ثمة أزمة أو انفراجاً، يمر به الدولار، هذا إن لم نأت على عقابيل "الوصفة الحمدانية" على الصحة النفسية للموظفين ونقاء بشرتهم من جراء الضحك، فضلاً عن زيادة الإنتاج واستقطاب المستثمرين ورؤوس الأموال، فلعلمكم، الوجه البشوش يأتي بالضيف الأسدي.

خلاصة القول: من الحسد والغيرة ووضع العصي بعجلات المبدعين الأسدين أن يسأل قارئ
كيف لموظف لا يزيد راتبه الشهري عن 30 ألف ليرة "80 دولاراً" ونفقات أسرته وفق آخر دراسة قام بها مركز "قاسيون" بدمشق تبلغ 310 آلاف ليرة، أن يبتسم أو يحاول قارئ آخر أن يتفاصح ويقول: لماذا يبتسم موظف بحكومة الأسد وبلده تهدم وأهله قتلوا وباتت خمسة أعلام لمحتلين مرفوعة في سماء بلده، أو حتى يظن قارئ آخر نفسه "أرخميدس" ويصرخ "وجدتها" ويقول: كيف لموظف سوري أن يبتسم بعد أن بلغ بلده الدرجة الأولى عالمياً بعدد القتلى وعدد المهجرين ونسبة الفقر والبطالة، بل ولا أمل يرجى ربما لعقود.

طبعاً الإجابة التي لم يفصح عنها الوزير حمدان، بل وربما خبّأها لمؤتمر صحافي تحضره الكاميرات والوكالات، ربما لئلا تسرق "براءة اختراعه" هي.. ولماذا لا يبتسم السوري ما دام رئيسه وقائده وسيده بشار الأسد ما زال على كرسي أبيه.