الحيرة تكاد تقتل السوريين

الحيرة تكاد تقتل السوريين

12 يوليو 2018
+ الخط -
يعيش المواطن السوري هذه الأيام مرحلة تتسم بالحيرة وذلك سواء في مناطق النظام أو في المناطق المحررة أو في مناطق سيطرة الأكراد، وشعور دائم يراودني أن الناس في كل هذه المناطق لديهم من الخوف والحيرة الشيء الكثير.

فالسوري في مناطق سيطرة النظام مغيب تماماً عن التجاذبات السياسية الدولية ويعيش في جو موجات الأخبار والاشاعات الغزيرة التي تضخها وسائل الاعلام لدى النظام ويبني فكره وأفكاره عليها ويعيش في نشوة الانتصارات العسكرية التي يحققها الروس والايرانيون على المجموعات الارهابية المسلحة التي سببت خراب البلد ودمرت الحجر والبشر حسب وسائل اعلام النظام ويغيب عن باله أن سبب وقوف روسيا وايران بجانب النظام السوري في حقيقته ليس محور الدفاع المشترك ضد أميركا، إنما أطماع استعمارية فالروس يهمهم النفط والغاز والموانئ الساحلية واعتبار سورية مزرعة لها بالإضافة لأطماع إيران في نشر مذهب ولاية الفقيه الشيعي وتحقيق حلمها في استعادة أمجاد امبراطورية فارس.

المواطن السوري في هذه المناطق يعلم في كينونة نفسه أن النظام كاذب ولا يملك من الأمر شيئاً ولكنهم يطبلون ويزمرون له بسبب الهالة الاعلامية للنظام وللخوف الدفين الذي زرعه في داخلهم حتى أصبح جزءاً من حياتهم.


أما المواطن السوري الذي يسكن في مناطق سيطرة الأكراد فيعيش تجاذبات عدة منها أنه غارق في حلم إقامة دولة كردستان المنشودة التي يطمح اليها ويعيش بين كنفها ويشعر بالنشوة أنه في طريق تحقيق هذا الحلم وأنه غير مرتبط بدولة اسمها سورية فله مشروعه الخاص، متناسياً التجاذبات الدولية وخصوصاً مصالح ايران وتركيا والنظام السوري، وبعضهم يقول في نفسه أنا مواطن سوري من هذه الأرض السورية التي نشأت وترعرعت فيها وأكلت من خيراتها وولائي يجب أن يكون لها فقط فنظام الأسد قادم وسيعيد كل المناطق التي خرجت عن سيطرته بالقوة والحديد وبدعم من دول عظمى (روسيا وايران)، وهناك من هو مع الثورة السورية التي خرجت للمطالبة بالحرية والكرامة ومحاربة الظلم الفساد ورموزه مع بقاء حلم كوردستان في مخيلته.

أما المواطن السوري الذي يعيش في المناطق المحررة فيعتبر حقل تجارب لكل التجاذبات السياسية الدولية ويعيش جملة من التناقضات المحيرة..

منهم من يرى أن الأزمة شارفت على الانتهاء وأن النظام السوري قارب على إخضاع كل المناطق التي خسرها منذ بداية الثورة السورية وربما هذا النظام سوف يصل الى منطقته بأي لحظة وهو في حالة تأهب وانتظار وترقب للوضع ليحزم قراره إما بالعودة الى مناطق النظام أو السفر الى تركيا أو أوربا أوغيرها فهو لا تهمه الثورة وليس معها من البداية وعند أول ضغط سوف يتخذ طريقه إما العودة للنظام أو الهرب خارج سورية.

وهناك تجاذب آخر يرى أن الوضع في سورية هو تدافع بين الناس ليميز الله الخبيث من الطيب وكل ما زاد البلاء والضغط صقلت النفوس السيئة والنفوس المؤمنة القادرة على محاربة دول الظلم والكفر والفساد وهو الجيل الذي سيعيد مشروع الخلافة الراشدة الى الوجود ويضحي بنفسه وماله في سبيله وان هذه المرحلة التي نعيشها هي مرحلة الحكم الجبري قبيل مرحلة الخلافة الراشدة.

وهناك تجاذب آخر مع الثورة السورية قلباً وقالباً بحلوها ومرها وما يحصل على المناطق المحررة يحصل عليه وهذه الفئة تعتبر هي من مؤسسي الثورة ولا يهمها ما يحققه النظام لأنه نذر نفسه وماله وملكه لخدمة الثورة وأهلها ولا يهمه كلام المحبطين والمرجفين ونقاد الثورة بل همه هو ان يعيش بكرامة وحرية وان يمد الله بعمره ليشهد نصراً على نظام الأسد وأعوانه وتنقضي بذلك دولة الظلم والفساد وتقام دولة العدل التي خرج بثورته للوصول اليها، وهذا المواطن يعتبر نفسه في حرب دائمة مع النظام وعملائه ومع المرجفين والخونة من داخل المناطق المحررة..

هذا جزء بسيط مما يجول في مخيلة المواطن السوري، فكان الله في عونك أيها السوري، ففي رأسك مدينة لا تعرف النوم.
817624A1-A6B1-44A5-A52E-66F0A03DA588
عبد الكريم الثلجي

طالب ماجستير إدارة أعمال، ومحرر في مكتب إعلامي.