المغرب... درسٌ في الأزمة

المغرب... درسٌ في الأزمة

10 يوليو 2018
+ الخط -
يقول المثل الشعبي المغربي "مَاقدهم فيهم زادُوه فِيلة"، لعل الفيلة التي تود وزارة التربية الوطنية زيادتها، هي إطلاق سلك الإجازة التربوية، بمختلف المؤسسات الجامعية، وذلك في إطار المشروع الإصلاحي لمهنة التدريس.

يضاف هذا المشروع إلى سابق له أظهر فشله في تقديم الإضافة النوعيّة المرجوة، اللهم سوى زيادة عدد العاطلين الجدد المتخرجين ضمن البرنامج الحكومي 10000 إطار، والذي رصد له 16 مليار سنتيم، دون نتائج تذكرُ. أين المحاسبة إذن؟

نقص في المعارف المهنجية والديداكتيكية... وضعف في كفايات التدريس لدى الأساتذة الممارسين، إحدى الحجج التي قدمها الوزير سعيد أمزازي، أثناء الندوة التي أشرف عليها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، حول تقديم مشروع برنامج تكوين مدرسي المستقبل، مدافعا عن مشروعه الإصلاحي المستقبلي، في إطار الرؤية الاستراتيجية التي دخلت في موسمها الثالث. فمن ساهم إذن في نسب النجاح المرتفعة التي تم تسجيلها خلال هذه السنة؟


تغيب ثقافة الاعتراف والإنصاف لدى الوزارة، حيث تسطو على النجاحات التي يتم تحقيقها بين الفينة والأخرى، وتنسبها إلى مجهوداتها، بينما تترك لنساء ورجال التربية الخيبات والنكسات وتحمِّلهم مسؤوليتها.

إن الوزارة التي تتهم الأساتذة بعدم امتلاكهم لكفايات التّدريس، هي نفسها التي تضرب حصارًا عليهم بمنعهم من متابعة دراستهم الجامعيّة، على نفقتهم الخاصة ومالهم الخاص، لتطوير معارفهم، والذي لا محالَ سينعكسُ على أدائهم داخل القسم، في غياب دور الوزارة في التأطير والتوجيه والمواكبة.

لنتحدث بصراحة واضحة ومكشوفة، إن الذين يدافعون عن التعاقد بحماسةٍ اليوم، قد ضمنوا مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، فلن يشكوا ظروف العمل المزرية والقاسية، ولن يكونوا عرضة لمزاجية رؤساء المؤسسات، ولن يخمنوا في مصيرهم بعد سنوات من العمل.. فهل ترضونه لأبنائكم وأنفسكم؟

لنكن صرحاء أكثر، لا يمكن لمترشح حاصل على البكالوريا بنقط عاليّة جدا، أن يقتنع ويتورط في هذه المسرحية، التي تستمر مدتها ثلاث سنوات داخل الكلية، ثم يتم انتقاؤه بعد ذلك، ليخضع لتكوين آخر بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، ليتوج مساره الطويل بتعيينه أستاذا متعاقدا بأنصاف الحقوق، فمن يقدر على خوض تجربة محفوفة بالمخاطر؟

إن أزمة هذه المنظومة المتلاشية تكمن في توسع قاعدة المحبطين والساخطين على الوضع التعليمي من نساء ورجال التربية، القابعين في السلم 9 والذين يفوق عددهم 6000 أستاذ، ضحايا النظامين الأساسيين، وضحايا الحركة الانتقاليّة. سنوات من النداءات التي تطلقها هذه الفئات، والوزارة الوصية على القطاع تتعامل بتجاهل وصمت حيال قضاياهم العادلة.

إن أكبر عائق لإصلاح منظومة التعليم ببلادنا هو الأستاذ.. كيف؟ حجم اليأس والإحباط في صفوف رجال ونساء التعليم يحول دون الانخراط الفعلي في أي إصلاح والثقة فيه.

التعليم ليس بخير.
3B013BFE-CC0A-41A9-94BE-D9F8B505D40C
إسماعيل العماري

كاتب مهتم بقضايا التربية والتكوين.يقول: ولد الإنسان ليكتب ويعبر بحرية.