اللغة... ومسؤولية الكاتب

اللغة... ومسؤولية الكاتب

24 ابريل 2018
+ الخط -
الكتابة فيها الكثير من الإبداع والتأمل.. وإن كان فيها، أيضا، الكثير من الخطورة والتحدي والمهارة! وعندما نكتب، هذا يعني أننا نتنفس، ونعيش في حياة تتطلب منا أن نكون أكثر قوة وشجاعة.

والكتابة، برأيي، فيها الكثير من الإمتاع والتواصل، وتدفع بنا نحو التسابق لتحقيق الأمل والطموح. وكما أن للكتابة شأنها، كذلك الحال بالنسبة للمطالعة المستمرة، فهي أساس التواصل، وخلق الإبداع، واحترام الآخر، والتعاطف معه، وتسهل التعامل مع الغير، بروح عصرية أكثر تواصلا.. وهذا أحد مكاسبها، وما نحاول أن نتعلمه.

وتظل الكتابة من الفنون الجميلة والمميزة، ولها عالمها، وإبداعاتها ونهجها وخطها البياني الذي يجب الالتزام به، ووهبها الله لكائن دون آخر، مثلها مثل بقية الفنون، والحرف الأخرى لأهميتها ودورها في حياتنا، سواء لجهة الكاتب، الذي يخاطب القارئ ويثريه بما يقرأ، أو يسمع عنه، أو سبق أن شاهده.. وهناك القارئ الذي يبحث عن المفيد، بصورةٍ دائمة، وبما يلبّي طموحه ورغباته.


ولا يمكن للمرء أن يقول غير ذلك، ولا سيما أن الكتابة طاقة، وفيها الكثير من الإمتاع والرغبة لإظهار ما يستبطنه الكاتب، وما يدور في فكره، وما ينطق به لسانه، أو لجهة المتلقي الذي يقبع هو الآخر في الضفة الأخرى مستبشرا بإنتاج جديد وأذواق طيبة تثري رغباته واندفاعه نحو التطلع إلى عالم فيه من الجديد ما يكفي.

فالكتابة، عنفوان مع الروح، ولها طعم خاص لمن يعشقها، أو يدللها، وقد يقول أحدهم: نحن نجد فيها الكثير من الصعوبة، حيال تناول موضوع ما، أو سرد حكاية نفكر في تدوينها على الورق، أو في دفتر مذكراتنا، أو لمجرد أن نفكّر بالكتابة عن شيء معين، حدث بعينه، وإن جرت أحداثه أمام أعيننا، أو نقله عن طريق شخص ما.

الكتابة بقدر ما فيها من صعوبة، بقدر ما هي بسيطة وسهلة لمن يتقن فنّها ويهواها، وتعد بالنسبة لمن أراد وطمع بها كل كيانه وسلوته في حلّه وترحاله.

وتظل الكتابة بسيطة لصاحب القلم الرشيق، الهمام، الذي يملك مقوّمات اللغة، وقوّة الحبكة والتعبير، ورسم الحدث وتصويره بصورة منمّقة ومميّزة ورشيقة للقارئ، وقبل كل شيء الفكرة التي يريد الكتابة عنها، لا أن يكتب لمجرد الكتابة، ويخلط الحابل بالنابل، ويضع القارئ في متاهة لها أوّل وليس لها آخر، يصير من غير الممكن فهم ما يريد، وبالمقابل نجد أنَّ الكاتب نفسه لا يدرك ماذا يريد أن يقول، ويعجز عن إيصال فكرته، فيظل يبحث عن مخرج، للوصول إلى الهدف بعيداً عن تطلعات القارئ..

وهناك الكثير من الكتّاب والصحافيين، للأسف، ممن يشتهرون بكتابة العمود الصحافي، تراه يدسّ لك أفكاراً غريبة. معطيات بعيدة كل البعد عن الصورة التي يرسمها لك، ويقصدها، بل يظل يدور حول الفكرة، ويحاول بعبثية خلط الألوان، وهو غير قادر على أن يصل بفكرة الزاوية المخصّصة له، وبحسب المساحة المطلوب منه تضمينها المادة الصحافية، فيتابع ما يكتبه، ويتناوله بصورةٍ مستمرة. هذا النوع من الكتابة غير الواضحة المعالم، أو بات يطلق عليها بالرمزية، أي يرمز إلى الأشياء، ومن بعيد، وهو غير قادر على تسمية الأشياء بمسمّياتها، وهذا ما نلحظه، اليوم، وللأسف عند غالبية الكتّاب والصحافيين، ومنهم صحافيون ضليعون ولهم اسمهم في بلاط صاحبة الجلالة.

وبالمقابل، نقرأ مواد صحافية لصحافيين، زملاء، يكتبون في صحف متميّزة ومقروءة، ولها مكانتها واسمها على الساحة العالمية، ومهما قرأت لهؤلاء، فإنك تظل متعطّشاً لكتاباتهم وإعادة ما قرأت لهم، وهذا بالتأكيد، نتيجة تمكّن الكاتب أو الصحافي من بلورة الفكرة، ومعرفة كيف يصوغها، مستخدماً ألفاظاً واضحة ومعبّرة، وسهلة الفهم على القارئ.

وفي هذا ندعو الزملاء الصحافيين والكتّاب إلى أن نقول بالمختصر المفيد: إنَّ القارئ دائم البحث عن المادة السهلة، المبسّطة المفهومة، بعيداً عن صعوبة اللغة وألفاظها الجزلة، أضف إلى مدى تفهّم القارئ وإدراكه لها، والى معانيها وما تتضمّنه، بما يلبّي رغبة الكاتب والصحافي على السواء.

دلالات

6C73D0E8-31A0-485A-A043-A37542D775D9
عبد الكريم البليخ
صحافي من مواليد مدينة الرقّة السوريّة. حصل على شهادة جامعيَّة في كلية الحقوق من جامعة بيروت العربية. عمل في الصحافة الرياضية. واستمرّ كهاوي ومحترف في كتابة المواد التي تتعلق بالتراث والأدب والتحقيقات الصحفية.