بين مقابر العلماء

بين مقابر العلماء

14 ابريل 2018
+ الخط -
اسمه الكامل ستيفن ويليام هوكينغ، ولد في أكسفورد، إنكلترا، هو من أبرز علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون على مستوى العالم، درس في جامعة أكسفورد وحصل منها على درجة الشرف الأولى في الفيزياء، أكمل دراسته في جامعة كامبريدج للحصول على الدكتوراه في علم الكون، وله أبحاث نظرية في علم الكون وأبحاث ودراسات في التسلسل الزمني.

عندما شُخّص ستيفن هوكينغ بمرض التصلب الجانبي الضموري، لم يكن عنده من العمر إلا 21 عاماً فقط، وقال له الطبيب المعالج إنه تبقت له سنتان فقط ليعيشهما.

خلد إلى الثرى واحد ممن أثروا البشرية وأغنوها بعلمهم، والذي يقول عنه شيوخنا الأجلاء إنه لا يجوز الترحم عليه لأنه كافر، وأرجوك، لا تنظر إليّ بهذه النظرة، فلهم علماء ولنا علماء والطيور على أشكالها تقع.

لا أرى أن هذا هو المجال المناسب لأسرد لك القصة الكاملة لحياة الرجل، فهو فعلاً يستحق أن تبذل القليل من العناء لتبحث عنها بنفسك، لعل ذلك يفيدك في مزيد من الانفتاح على عقلك المتحجر الذي تركته لسنوات بل لعقود بين أيدي غير أمينة.

سيشارك هذا العالم البريطاني الراحل قبره مع عالم فيزياء القرن السابع عشر إسحاق نيوتن صاحب نظرية الجاذبية، بالإضافة إلى أحد أشهر علماء التاريخ والجيولوجيا تشارلز داروين، الذي لا يجوز لك أن تلخصه مسيرته البحثية الحافلة بما استنتجه من كون أصل الإنسان قرداً، والذي كان من المفروض علينا أن نحترم السنوات التي قضاها في البحث والاشتغال، وأن نفتدي به سنوات من البحث العلمي كفيلة أن ترد عن نظريته الخاطئة في تقدير الرافضين لها، بدلاً من الجهابذة الذين يسبون الرجل صباح مساء من دون أن يأتوا بدليل علمي واحد على صحة كلامهم.

بالطبع لن يدفن هوكينغ إلى جوار أستاذه في العلم إسحاق نيوتن لوحدهما، وإن لم يلتقيا فعلياً، علماً أن هوكينغ استطاع أن يتبوّأ نفس المنصب الذي حصل عليه نيوتن في جامعة كامبريدج، بل إن هناك عالمين آخرين لا يقلان أهمية كجوزيف جون طومسون الذي لقب بأبي الإلكترون، وإرنست روذرفيلد.

أما نحن في عالمنا العربي فقد ودعنا العلم مبكراً مع الرازي والخوارزمي الذي أعطى إسهامات كبرى في الرياضيات أو الفارابي الذي بنى الفلسفة الإسلامية الحديثة، وابن سينا الملقب بأبي الطب الحديث صاحب المئتي كتاب في الفلسفة والطب، فضلاً عن الكندي الذي كان أول من وضع منهجاً للبحث العلمي، وجابر بن حيان الذي وصلت مؤلفاته إلى ما يقرب ثمانين كتاباً عن الكيمياء، وابن النفيس الذي درس علم الفيزولوجيا المهتم بوظائف أعضاء الجسم البشري وغيرهم. لم نعد نعرف أن لنا علماء، ولم نعد نحفظ أسماءهم بقدر ما نعرف أننا نمتلك كمية مهولة من المغنين والمغنيات والراقصين والراقصات ومثقفين لا نعرف أين درسوا ومن أين أخذوا علمهم المستنير، صرنا نعرف قصص حياة عبد الحليم وعمرو دياب أكثر مما نعرف عن حياة العلم والعلماء، قدسنا المطربين وأهملنا المدرسين، على الرغم من أنك لن تسمع يوماً عن أمم تقدّمت بالأغاني.

قد لا يجوز لنا في عالمنا العربي التحدث عن ساحات للعلم والعلماء وهم أحياء فكيف سنتحدث عن مقابر، لكن سنحاول أن نتحدث عن بعض العلماء من هنا وهناك، ففي تونس كان هناك عالم واحد اسمه زين العابدين بن علي، أما في ليبيا فكان أكبر العلماء اسمه معمر القذافي وفي اليمن توفي أو قتل بمعنى أصح عالمها الخالد علي عبد الله صالح، وبالطبع أضف إليها ما شئت من العلماء الأجلاء على هذه الشاكلة من المحيط إلى الخليج، ولا تحتاج إلى أن تبحث عن البقية لتحفظ أسماءهم جميعاً، يكفيك أن تعرف أنهم كبار ضيوف قمم الجامعة العربية رحمها الله.

8206348D-63EB-4862-A5D7-282AAE68BC63
عمر بوفوس

كاتب مغربي وروائي شاب في أول الطريق.

مدونات أخرى