الأمزاج اللغوية وضياع الهوية!

الأمزاج اللغوية وضياع الهوية!

11 ابريل 2018
+ الخط -
إن حالة الفراغ الفكري المتسعة باستمرار تنبئ بأن التخبط في كل جوانب الحياة العربية سيستمر في قادم الأيام، بل في قادم السنوات، لسوء الطالع. ليس هذا تشاؤما، بقدر ما هو نظر إلى الواقع من زاوية نظر مهجورة.. إنها اللغة!

لم يعد مراهقو هذه الأيام قادرين على تركيب جملة واحدة من مستوى لغوي واحد. تراهم مترددين بين لفظ عربي معتق كأنما قطّروه من لسان العرب واستصفوه من غريب اللغة، وهم لا يدرون بذلك طبعا! ولفظ "كولونيالي" ورثته الثقافة الوطنية عن الثقافة الاستعمارية، كما ترث البنت حليّ أمها، وأغلبهم عالمون بنطقه جاهلون برسمه، فرحون حد الحبور حين ينطقون به..


ولفظ من مشاع القول بين العوام "دارجة" ما تزال مستهجنة عن بعض الصفويين، وهم إذ ينبسون به يحسون بروح الانتماء للفضاء الذي هم فيه، لكن هذا يبقى إحساسا لا أثر رجعي له في ميادين الفكر..

إنه في اللسانيات الاجتماعية عاكس لحالة تشظ هووي، هي سبب مشاكل لا حصر لها عندنا، وعاكس لبدايات تشكل كيانات جديدة قد يكون انتماؤها عابرا لحدود الجغرافيا متنكرا للأصول التاريخية، وقد تكون سهلة الانقياد لتيارات "أيديولوجية" تتستر وراء غطاء لغوي بعينه..

ولنبصر خطابات الحركات اليمينية المتشددة اليوم حين خصت اللغة العربية الفصحى بالاستعمال فيما تبثه، فانساق خلق كثير من أنصار هذا الخيار اللغوي إليها، لا لشيء إلا لتأثير المستوى اللغوي فيهم.

إن بناء الدولة العصرية تلزمه خيارات لغوية.. ولننظر إلى منزلة اللسانيات الاجتماعية في البلدان الاسكندنافية!
86BCAC08-263F-4EDF-A1F3-8037ED7BDEA2
وليد بوقيمة

باحث جامعي في اللسانيات... من تونس