مدخل إلى تكامل اللغة العربية مع المواد الدراسية الأخرى

مدخل إلى تكامل اللغة العربية مع المواد الدراسية الأخرى

21 مارس 2018
+ الخط -
إن أيَّ مجتمع ينشد التقدّم والرفعة والرقي، ويبحث لنفسه عن مكان مميّز في هذا العالم الفسيح المترامي الأطراف، لا بد أن يحسنَ العناية بلغته القومية، ويعمل جاهدًا، بما أوتي من علم وبصيرة على تذليل الصعوبات والعقبات التي تعترض مسيرة تعليمها وتدريسها للأجيال المتتابعة، ويجب عليه أن يبحث عن كل ما من شأنه تطوير تعليمها وتعلمها، مستفيدا في ذلك من الاتجاهات التربوية الحديثة في تعليم اللغات وتعلّمها؛ ليكون تعليمُها بصورة صحيحة يحقق الأهداف المرجوة منها.

ومن البديهي أن يكون أول متطلبات الارتقاء والنهوض بتعليم اللغة العربية أن يكون هناك تخطيط لغويّ محكم، لا يقلّ الاهتمام به عن أي تخطيط اقتصادي، أو اجتماعي، أو بيئي أو غير ذلك؛ لأن اللغة العربية هي رمز لوجودنا وحضارتنا وثقافتنا وتاريخنا بأكمله.


وتؤكد الأدبيات المتاحة في مجال تعليم اللغة العربية، أنه من الواجب في تعليمها تصميم المداخل التعليمية المتسقة مع طبيعة لغتنا، وطبيعة تعلّمها وتعليمها، واختيار ما يناسبها من طرائق التدريس التي تتيح للمتعلّم ممارسة اللغة واستخدامها وتوظيف مهاراتها الأربع؛ الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة؛ من أجل الوصول بالمتعلّم إلى تعلّم العربية بصورة سليمة، واستخدامها في تحصيل العديد من العلوم والمواد الدراسية الأخرى، وأيضا استخدامها في زيادة الوعي المعرفي والثقافي والمستوى الأكاديمي في العديد من المواد الدراسية.

ويرى الكثيرون من المختصين والمهتمين بتعليم اللغة العربية أنه من الضروري والواجب أن يتم تبني مُدْخل بعينه لتعليم اللغة وتعلّمها بصورة عملية ووظيفية قائمة على التخطيط المحكم والابتعاد عن العشوائية والارتجال، والعمل على تقديم لغتنا في صورة مادة لغوية وتعليمية منظمة ومترابطة ومتكاملة؛ وذلك للقضاء على ما صار من تفتيت لها عن طريق تدريس مهاراتها الأربع الأساسية وكأنها جزر منعزلة بعضها عن بعض، وتفصل بينها حواجز وجدران صلبة.

وكذلك، يستند هذا المدخل على تقديم وتعليم اللغة العربية في إطار من التكامل مع المواد الدراسية الأخرى، والابتعاد عن تدريسها بمعزل عن المواد الدراسية الأخرى؛ فالمدخل التعليمي اللغوي الذي يتبنى فكرة التكامل اللغوي في تدريس اللغة العربية وتعليمها، بدءا من اختيار المادة التعليمية اللغوية وتنظيمها وتقديمها وتقويمها ودمجها مع المعارف والمعلومات والمهارات الأخرى في المواد الدراسية المختلفة، سوف يؤدي بلا شك لتعزيز عملية تعليمها وتعلمها، وسيجعل المتعلمين يقبلون على دراستها بحب وشغف، وسيمكننا من المحافظة عليها راية خفاقة بين لغات العالم كافة، كما سيمكننا ذلك أيضا من مواجهة عصر الانفجار المعرفي والثورة المعلوماتية الهائلة، وكذلك مواجهة الاتهامات الباطلة الموجهة للغتنا، والتي من بينها أنها أصبحت لا تصلح لاستيعاب العلوم الحديثة والثورة المعلوماتية الجديدة والمستدامة يوما بعد يوم.

حفظ الله لغتنا العربية - صاحبة الجلالة - وجعلها دوما راية خفاقة بين الأمم وفي جميع ميادين العلوم.
C4C65070-0BAB-43F9-ADFD-8F4E24BDF802
محمود إبراهيم سعد

معلم لغة عربية ومدرب ومستشار معتمد في التدريب والتطوير وجودة التعليم.