العراق... من الرئيس القادم؟

العراق... من الرئيس القادم؟

04 فبراير 2018
+ الخط -
رفعت الأقلام وجفت الصحف، وخرست كل الألسنة المطالبة بالتأجيل والأخرى بضرورة إقامتها في موعدها؛ فلا قرار ولا رأي بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق بأن الانتخابات ستجرى في موعدها ولا يهم إن أجريت النيابية والمحلية في آن واحد أم ستتأجل الأخيرة.

المهم كيف سيكون شكل المرحلة المقبلة والتي أصبح لزاماً تغييرها أو تعديلها بشكل كبير، فالأوضاع والمعطيات الحالية تغيرت بشكل كبير، والأولويات تبدلت عما كانت قبيل هزيمة تنظيم داعش الذي احتل مناطق شاسعة من أرض العراق.

حتى بعض القوى تغيرت ولاءاتها ونفوذها ومصادر تمويلها، وتشظى الحزب الواحد والكتلة الواحدة بل وحتى المكون الواحد، مما ينبئ بتغيرات محتملة، خصوصاً مع تغير اللاعب الدولي والإقليمي في المعادلة العراقية من حيث ضعف البعض وقوة الآخر.


من كان ينادي بتأجيل الانتخابات لضرورات كثيرة أهمها كان وضع النازحين سرعان ما غير رأيه وأعلن موافقته على إقامتها وأنه داعمٌ لها، ومن كان يريد إقامتها في وقتها أكد أنه مع التغيير وضرورة العمل على تقويم العملية السياسية واللذين هم الأساس فيها.

إذن من يريد التغيير، ومن سيغير، وكيف سيتغير، والوجوه هي ذاتها والأحزاب كذلك سوى بعض الجديدة منها، والتي تدخل الانتخابات لأول مرة والتي قد لا تعطى حقها وقد يمارس التسقيط بحق بعض رموزها وهذا ما بدأ فعلياً من دون ذكر أي اسم منهم حتى لا يحسب على الكاتب دفاعهُ عن أحد.

أكثر من مائتي حزب سيشاركون في العملية الانتخابية في تسع تحالفات تقريبا تم الاتفاق شكليا وسجلت في المفوضية العليا للانتخابات المستقلة برغم الانسحابات بشكل شبه يومي منها ودخول بعض الأحزاب منفردة فيها.

الغاية من كل تلك التكتلات والتحالفات الحصول على النسبة الأعلى من المقاعد النيابية مما يساعدها بتشكيل الحكومة والحصول على أكثر مكاسب ومناصب والأهم من كل ذلك منصب رئيس الوزراء.

ذلك المنصب قربَ البعيد، وبعدَ القريب، بين صقور الكتل الكبيرة وأقصد هنا صقور التحالف الوطني الحاكم في العراق؛ فما حدث من انسحابات ودخول في قوائم جديدة يؤكد بما لا يقبل الشك الصراع بين الكبار على رئاسة الوزراء.

قبيل الخوض بالتكهن بمن سيكون الرئيس القادم، ورئيس الوزراء مع الأهمية القصوى للأخير، لا يزال بعضهم مراهنا على حدوث شيء سيعيق هذه العملية الديمقراطية وقد يساهم بدخول أميركا وبريطانيا بشكل مباشر وتغيير الوجوه الحالية بنسبة 40%، ويرى آخرون بأن الكثير من الوجوه سوف يُطاح بها أما بسبب الفساد، أو بعد إقرار قانون عدم جواز الترشح للانتخابات إلا لمن يمتلك شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها وهذا ما يعني حرمان أكثرمن مائة نائب حالي من الترشح للدورة القادمة.

الكاتب سمير عبيد المحلل الاستراتيجي والسياسي تحدث من جانبه عن احتمالية حدوث "انقلاب أبيض ناعم" على الطريقة الأوكرانية قائلاً: نعم ستُجرى الانتخابات صورياً، ولا يهم عدد ونسبة المشاركة من عدمها، لأنها ستقتصر على "الذين حدّثوا بياناتهم" فقط. وأن هناك خطة أميركية وبريطانية مضت واسمها "سحب البساط من المثيرين للجدل دون ضجة ومع ابتسامة صفراء" وسوف تُعتمد. وعلى ضوء هذه الخطة توزعت الأصوات والنسب على التحالفات الورقية استباقياً، وما المفوضية إلا "شاهد زور" على حد قوله.

واسترسل في كلامه قائلاً: سوف تعم العراق مظاهرات شعبية "مُرتبة من الآن" وخصوصا في العاصمة بغداد، يقودها رجال دين ومثقفون وشباب "الآن تحت التدريب بدعم من الشركات الكبرى لهذه المهمة" على أنهم رجال دين وطنيون وأنهم أصوات وطنية تنادي بالتغيير "وبالأحرى هم متدربون جدد بغطاء ثوري وعروبي وقومي وديني معتدل. أي أكثر براغماتية وديناميكية وأكثر مرونة وابتسامة من العملاء السابقين"، وكله بإشراف أميركي مباشر وغير مباشر، وتكون الهتافات والشعارات "رفض نتائج الانتخابات، ورفض للوجوه القديمة بأن تبقى بصدارة المشهد السياسي".

كل ما سبق قد نتفق أو نختلف معه، المتفق عليه أن الانتخابات في وقتها وستجرى أيا كانت نسبة المشاركة، لكن من سيشكل الحكومة؟ الكثير يتحدث عن أن العبادي قد يحظى برئاسة الوزراء لولاية ثانية، وهذا ما أستبعده شخصياً من وجهة نظري، فهناك صراع واضح للعيان وإن لم يكن إعلاميا.

المرحلة المقبلة قد تكون مرحلة منافسة شديدة بين العبادي مهندس النصر على "داعش" وبين هادي العامري مخطط المعارك والقائد "الفعلي" لها، وما بين السيد نوري المالكي الذي يرى نفسه الأهم والأصلح والأنسب لتلك المرحلة، وبدأ يتحدث عن ذلك ويمهد لذلك، فالمتابع يرى لسان حاله قائلاً: إما أن أكون رئيساً للوزراء أو أن هناك مؤامرة كونية عميقة برعاية دول الشر والتي لا تريد الخير للعراق، ولذلك تم استبعادي من ذلك المنصب، الذي يتصارع عليه كل الصقور والأسود للظفر بالحصة الأكبر من كعكة العراق المهشمة من بعد عام 2003 وحتى الآن.
07D307A2-B830-4C46-8993-BF50EB79F3A1
عبد اللطيف الزيدي

ماجستير إذاعة وتلفزيون، عملت في عدد من القنوات الفضائية والصحف.يقول: لا ترتجي خيرا ممن يعتبر رفع الصوت وسيلة للإقناع.