أحلام لا تموت

أحلام لا تموت

12 فبراير 2018
+ الخط -
مع مرور الوقت ستصبح مشاعرك باردة تجاه كل شيء، حين ينسى النديمُ أن يُهطل عليك شيئاً من السعادة، فيصبح من المحال أن تعود الابتسامة إلى شفاهك، إلا أنك ستصبح بجسد أقوى وعقل أنضج، لا تبسم عيناك إلا في وجه القلة القليلة، الذين يتمنون أن يهدوك أرواحهم وهم فرحين.

على شاطئ الذكريات رمت مكاتيبها، منتظرة أن تبتلعها الأمواج وترحل بها إلى جوف البحر حيث كان صديقها الذي تزوره من حين لآخر، شاكية له أناة الحياة وذلها، فلم تكن تجني ثمار الفرح يوماً، كانت الحياة في كل مرة تصفعها على وجهها، ومن ثَم تعاود ابتسامتها مترافقة بشلالات من الدموع، لتنفض عن روحها كل ألم، وتعاود ممتلئة بالأمل الذي عقدته بدعاء أمها.

تلك الأم التي تشبه الجنة حين كانت تجلس على سجادة الصلاة، أمام نور الفجر، داعية لابنتها بكل أنواع وأشكال البهجة، التي قد تغير من حالها.

إلى أن جاء ذاك اليوم، الذي أحرزت فيه نجاحاً باهراً على أترابها، حينها قررت أن تستفيق من كآبتها وتنطلق لترسم طريقها الذي محته الحياة دون رحمة. باتت تقرأ كثيرا وتنام قليلاً، وتتعلم دون كلل أو ملل، منتظرة فرحة أخرى كفرحتها الأولى.

ولم تلبث أن تمضي بضعة أشهر، حتى تستلم قراراً بقبولها في إحدى الجامعات التي تواصلت معها عبر الشبكة الإلكترونية، لتسجل نفسها كطالبة هندسة معمارية. حملت كل ما قدرت عليه إلّا مذكرتها الصغيرة قد رمتها، لتشتري أخرى جديدة تكتب عليها بقلب فَرحٍ ينبض بالإرادة.

بعد أن وصلت إلى كوريا تلك الدولة التي تشبه الساعة بانضباطها، كانت قد أوقفت تاكسي ليقلّها إلى حيث كان يتوجب عليها أن تقيم. كان سكناً طلابياً توفرت فيه كل أنماط الحياة وكل أشكال الرفاهية، حينها اعتصر قلبها على وطنها الذي لم ترَ فيه سوى الوجوه الشاحبة من عتمة الحياة فيه، فلا شيء يؤكل ولا شيء يدفعك سوى إلى الخلف.

مرّت شهورٌ طويلة تعلمت خلالها اللغة الرسمية التي يتحدث بها الكوريون ذوو العيون الصغيرة والعقول الكبيرة.

في كوريا ينتحر الناس إن رأوا شخصاً ناجحاً أكثر منهم، أما في بلداننا العربية ينتحرون لعدم توفر أبسط خدمات العيش!

نداء الطائرة الأخير أنعش قلبها حين بلغت من العمر السابعة والعشرين، عائدة إلى وطنها الأم حاملة معها كل خبراتها ونجاحاتها التي دونتها في دفتر مذكراتها، الذي خبأت فيه يومياتها تلك التي عاشتها في كوريا، لتروي لأمها كل ما جرى بشفاه ضاحكة، وهي كبيرة في عيون نفسها وعيون أمها التي لم تتعب يوماً من الدعاء لها.

دلالات

39AEC136-A7C0-4E43-8625-49B1E04BB869
نور عبد الكريم البليخ

طالبة جامعية... هاوية ومحبة للكتابة. تقول: إن الذي يرتجي شيئا بهمته يلقاه حتى لو حاربه الإنس والجان.

مدونات أخرى