مقلب فكاهي: اليوم العالمي للمفاتيح

مقلب فكاهي: اليوم العالمي للمفاتيح

07 ديسمبر 2018
+ الخط -

الشبان الخمسة الذين يعملون في دكاكين آبائهم خرجوا من مضافة الحاج زاهد أفندي مُحَمَّلين بفكرة قالها الحاج زاهد وهُمْ وجدوها عبقرية، وهي أن على الإنسان أن يصنع موقفاً (مقلباً) فكاهياً يستظرفه الناس ويضحكون له، ويحفظونه، ويروونه لأولادهم بعد خمسين أو مئة سنة. ولكن ما هو هذا المقلب؟ وهل نمتلك نحن خيالاً فكاهياً مثل خيال الحاج زاهد لكي نختار الفكرة المناسبة؟

قال الفتى "جميل": لما كنا قاعدين في المضافة أنا خطرت لي فكرة، أتصور أنها ستعجبكم.

قال الفتى سليمان: طالما الفكرة خطرت لك وعاجبتك ليش ما بتحكي لنا عليها؟

قال جميل: ما بدي أحرق الفيلم. خلونا نمشي بالقصة خطوة خطوة. لذلك بدي منكم تسمعوني وتركزوا معي.

قالوا: هات لنشوف.

قال: يوم الخميس أنا عازمكم على "كنافة أم النارين" عندي في البيت. وراح أدعو كل الشباب اللي بيشتغلوا عند آبائهم في الدكاكين. وأنتم لازم تساعدوني في تبليغ الكل. إنما أنا عندي طلب صغير.

قالوا: أشو هو الطلب؟

قال جميل: كل واحد من الشباب يجي إلى السهرة بعد إقفال الدكان، ويُحضر معه المفتاح.

قال ماهر: يا جميل، نحن بطبيعة الحال، يوم الخميس نطلب من آبائنا أن ينصرفوا بشكل مبكر، حتى الواحد منهم يعرج على دكان الحلاق ويهندس ذقنه وشواربه، منشان يقوموا بالواجب تجاه أمهاتنا المحترمات.

ضحك الشبان، وقال أحدهم: لا تكمل هاي المزحة، لأنها مو حلوة. المهم. وبعدين؟

قال ماهر: يعني، بما أن آباءنا بينصرفوا على بكير، فالشي الطبيعي أن تبقى مفاتيح الدكاكين معنا.

قال جميل: ومع هيك لازم نأكد على المدعوين يجيبوا معهم مفاتيح الدكاكين. هادا شي أساسي.. 

يوم الخميس، بعد صلاة العشاء، اجتمع أكثر من ثلاثين فتى من الذين يساعدون آباءهم في أعمالهم التجارية والمهنية المتنوعة في منزل جميل، وبعد أن استمتعوا بتناول الكنافة أم النارين المغرقة بالقَطْر الأصلي، وجاءت أباريق الشاي والكؤوس، والمدخنون ملأوا رؤوسهم بالدخان.. قال جميل: 

- الشي اللي بدنا نساويه بيحتاج لسرية تامة.  

سأله أحدهم: ليش أشو بدنا نساوي؟

قال جميل: بدنا نساوي مقلب بآبائنا المحترمين. 

وأحضر صينية فارغة وقال: كل واحد منكم يحط مفتاح الدكان تبعه هنا في الصينية.

تردد بعضهم، ولكنهم، في المحصلة وضعوها. وباشر "جميل" بخلط المفاتيح ببعضها، حتى لم يعد بإمكان أحد أن يعرف أيها مفتاح دكان والده. 

قال جميل: الآن، كل واحد منكم يشيل المفتاح اللي بيطلع معه، ويضعه في جيبه. ولما يرجع كل واحد منكم إلى البيت يعلق المفتاح في المكان اللي يعلق فيه عادةً.. والفيلم الحقيقي سيكون يوم السبت صباحاً لما كل واحد من آبائنا يأخذ المفتاح ويذهب إلى الدكان ليفتح. 

بالفعل. يوم السبت كان هناك منظر لا يوجد أجمل منه. كل رجل يحاول فتح دكانه فيجد أن المفتاح لا يعمل، وكل واحد يطلب من جاره أن يعطيه مفتاحه ليجربه على قفل دكانه، بينما الشبان (الأبناء) واقفون في مكان قريب، وهم يضحكون.

(وللحديث صلة)

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...