لماذا صعدت إيطاليا ضد مصر في قضية "ريجيني"؟

لماذا صعدت إيطاليا ضد مصر في قضية "ريجيني"؟

10 ديسمبر 2018
+ الخط -
تشهد العلاقات المصرية الإيطالية حالة من التوتر الكبير على خلفية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، والتي وصلت إلى حد اتهام إيطاليا لمسؤولين أمنيين كبار من مصر بالوقوف خلف مقتل ريجيني وتحديد هؤلاء الضباط بالاسم، وإعطاء مصر مهلة معينة لاتخاذ إجراءات ضدهم، وإلا قد تتجه إيطاليا إلى خطوات أكثر تصعيداً، كالمطالبة بمقاضاة هؤلاء الضباط دولياً.

ويمكن تحديد الأسباب التي تقف خلف إثارة إيطاليا لهذه القضية حالياً في:
- قرب ذكرى مقتل ريجيني: حيث تأتي الذكرى الثالثة لمقتل ريجيني مطلع العام القادم، بعد مرور ثلاثة أعوام على مقتله في يناير/ كانون الثاني 2016.

- بطء التحرك المصري: فوفقا لصحيفة "فاريستي كامبريدج"، وهي صحيفة طلابية بجامعة كامبريدج البريطانية التي ينتمي إليها ريجيني، فإن "السلطات الإيطالية أصيبت بالإحباط جراء نقص التعاون مع السلطات المصرية التي فشلت في تحديد الضباط المسؤولين عن مراقبة ريجيني أو استجوابه".

- الصراع الإيطالي الداخلي: فهناك تصعيد سياسي من قبل أحزاب المعارضة ضد حكومة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي، التي لم تتخذ أي إجراء تنفيذي يشعر الإيطاليين باهتمامها بالقضية. بل إن تصريحات وزير الداخلية ماتيو سالفيني، كانت تصب دائماً في خانة استحالة ممارسة ضغوط أكثر على مصر، وآخرها قوله: "نحن نحكم إيطاليا ولا نحكم مصر".

- الاستفادة من قضية خاشقجي: فربما تحاول إيطاليا العمل على خلق حالة من الزخم الإعلامي حول مقتل ريجيني على غرار الزخم حول قضية خاشقجي، إلى جانب محاولة الاستفادة من السياسة التركية التي نجحت إلى حد بعيد في تحويل قضية خاشقجي من قضية محلية إلى قضية دولية، ونجاحها في الحصول على العديد من المكاسب من السعودية.


هل تتجه الأمور نحو التصعيد؟
يبدو أن هناك تصعيدا كبيرا من جانب إيطاليا، وخاصة أنها قد كشفت عن أسماء لقيادات أمنية كبيرة متهمة في القضية، إلى جانب قيام البرلمان الإيطالي بقطع علاقته مع نظيره المصري.

إلا أنه ليس من المتوقع أن تتطور هذه الخلافات لدرجة غير محسوبة، ومن المحتمل بصورة كبيرة حل هذه الخلافات، وخاصة أن الحديث عن تورط قيادات كبيرة في القضية ليس جديد، حيث تم الحديث عن ذلك منذ وقوع الحادثة في عام 2016.

إلى جانب ارتباط البلدين بالعديد من الملفات السياسية والاقتصادية، فمن ناحية يلعب النظام المصري دوراً كبيراً في الوساطة بين إيطاليا وخليفة حفتر في ليبيا، وهو ما ظهر بوضوح في مؤتمر باليرمو الأخير، والذي حضره حفتر بعد وساطة السيسي، واستجابة كونتي لمطالبه بشأن عدم إصدار أي توصيات تمثل ضغطاً على حفتر أو انتصاراً لخصومه السياسيين. ومن ناحية أخرى يلعب السيسي دور حائط صد لموجات اللجوء والهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، وهو ما كان محل تقدير واهتمام من روما. وعلى الجانب الاقتصادي، تعتبر شركة إيني الإيطالية الشريك الأساسي لمصر في مجال الغاز، إذ حصلت الشركة على حق تشغيل الغاز الطبيعي من حقل ظهر.

وعليه، فمن المتوقع ألا تنفجر العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين، ولكن النظام المصري قد يضطر إلى تقديم جزء من التنازلات، مثل تقديم تنازلات اقتصادية تتعلق بالغاز أو التضحية ببعض القيادات المتورطة في القضية كما فعلت السعودية في قضية خاشقجي، وخاصة أن هناك متهمين كبارا في القضية، فهناك أحاديث عن تورط وزير الداخلية السابق مجدي عبدالغفار، إلى جانب مدير جهاز المخابرات العسكرية فرج الشحات، وهو ما قد يفسر اختفاء الشحات من المشهد، إلى الحد الذي وصل إلى ترجيح عزله من الجهاز.

ويقدم تورط قيادات عليا من القوات المسلحة في مقتل ريجيني تفسيراً قوياً للقانون الذي أصدره السيسي لتحصين كبار القادة من الملاحقات القضائية في الخارج، حيث أن السيسي قد يخشى من قيام إيطاليا بتصعيد الأمر والمطالبة بمقاضاة هؤلاء القيادات دولياً.

ويخشى النظام المصري من أن نجاح إيطاليا في تدويل قضية مقتل ريجيني قد يفتح الباب أمام المعارضين لتدويل قضاياهم.