السعودية... هل يعيد التاريخ نفسه؟

السعودية... هل يعيد التاريخ نفسه؟

06 نوفمبر 2018
+ الخط -
هل تكون أزمة مقتل خاشقجي هي كلمة النهاية في صفحة ولي العهد السعودي، ونكون على موعد مع حقبة جديدة؟ وهل يمكن أن تقود التطورات الحالية في المملكة إلى انقلاب المكون القبلي والعشائري على نخبة الحكم الحالية؟ وهل يمكن أن تستعيد القبائل ميراث الانقلابات التي شهدتها المملكة في القرنين 19 و20، خاصة أن تاريخ المملكة يزخر بعدد كبير من الانقلابات؛ فهل يعيد التاريخ نفسه؟ وفي حال حدوث ذلك، ما موقف القوى الدولية، وعلى رأسها واشنطن؟

انقلاب المكون القبلي

يبقى انقلاب المكون القبلي والعشائري على نخبة الحكم القائمة والثورة ضدها مستبعداً، على الأقل في الوقت الراهن؛ والسبب في ذلك أن المكون القبلي فقد الكثير من لياقته وفاعليته مع تغير أنماط حياتنا الراهنة، ومع اكتشاف البترول، وتلاشي أنماط التكسب الرعوية، التي كانت تضمن لممارسيها استقلالية كبيرة عن سلطات الحكم، بعكس الاقتصاد الريعي الحالي للمملكة، الذي يربط المكونات الاجتماعية والقبلية بالسلطات الحاكمة، ويجعل مصائرها مرتبطة بسياساته الخاصة بتوزيع الثروة..


خاصة مع الانتشار الواسع للثقافة الاستهلاكية في المجتمع الخليجي، والتي تنزع للاستقالة من الشأن العام، وتكريس الاهتمام بالخاص والشخصي، ومع ظهور مكونات أخرى أكثر حداثة تزاحم المكون القبلي وتقلل من تأثيره وتقاسمه نفوذه، مثل المكون الديني والمؤسسة الدينية الرسمية، بما يحوزه هذا المكون من نفوذ على المجتمع وتأثير على شرائحه واختياراتهم، وهناك المكون البيروقراطي والتكنوقراط من الموظفين الحكوميين والمسؤولين في أجهزة الدولة، الذين تربوا وتشكل وعيهم في ظل الدولة وترتبط مصالحهم باستقرارها وبقائها واحتفاظها بقيمها الحداثية غير القبلية ولا التقليدية.

هذه المكونات التي تنازع المكون القبلي نفوذه وحضوره وتقاسمه المجال العام، بالإضافة إلى التحولات الثقافية والاقتصادية، مع التحول من الاقتصاد الرعوي للاقتصاد الريعي، والاجتماعية مع تآكل الروابط القبلية لحساب روابط (وطنية، ودينية، ومذهبية، وفكرية ومصلحية)، بديلة، كل هذه العوامل تحول دون استعادة المكون القبلي تأثيره الكبير على النظام السياسي ونخبة الحكم.

موقف القوى الدولية

أما عن موقف القوى الدولية من حدوث تغييرات أو انقلابات مفاجئة في نظام الحكم السعودي. يمكن القول إن القوى الدولية المتحالفة مع نخب الحكم في الخليج والسعودية، وعلى رأس هذه القوى الولايات المتحدة الأميركية، لن تدعم حدوث تحولات درامية في نظام الحكم السعودي؛ إلا إذا كانت هذه التحولات برعاية دولية وأميركية من البداية.

لكن تبقى هناك استثناءات قد تقود باتجاه حدوث انقلابات وتغييرات كبيرة في نخبة الحكم السعودية:

الاستثناء الأول: أن تحدث حرب في المنطقة تترتب عليها تغييرات كبيرة في موازين القوى، وخرائط التحالفات في المنطقة، وعليها تصبح السلطات السعودية في مواجهة مع قوى إقليمية تسعى للتدخل في الشأن السعودي، وتغيير نخبة الحكم فيها - إيران مثلاً. وتصبح حكومة الرياض، دون دعم خارجي، في مواجهة مباشرة مع الداخل السعودي؛ عندها يمكن أن يلعب المجتمع السعودي أو بعض مكوناته، وبمشاركة المكون القبلي، على تغيير معادلة الحكم القائمة.

الاستثناء الثاني: أن تتوحد المكونات الاجتماعية في السعودية (القبلية، والدينية، والثقافية، والبيروقراطية) للحيلولة دون استمرار نخبة الحكم القائمة، وعندها تصبح الحكومة في مواجهة إجماع واسع يصعب الالتفاف عليه، وإن كان هذا يبقى مستبعداً على الأقل في الوقت الراهن.