عن ضرورة الخلاف السياسي

عن ضرورة الخلاف السياسي

09 سبتمبر 2017
+ الخط -
(عن ضرورة الخلاف السياسي)

لا أعرف لمَ الخجل من الإقرار بوجود مشكلة سياسيّة وأخلاقيّة ونفسيَّة مع المؤيّدين لنظام الأسد (وليس مع طغمة حاكمة ضيّقة فقط). المؤيّدون من قلب ورب، وليس الناس الخائفة أو الباحثة عن الأمان أو المتعبة من كلّ شيء. وهنالك فرق أيضاً، برأيي، بين المؤيّد لنظام الأسد، والمعارض للثورة السوريَّة. في ناس لا تؤيّد الأسد، ولكنّها ليست مع الثورة السوريَّة، وهي شريحة اجتماعيَّة كبيرة، ولا مشكلة جذريّة معها. المشكلة مع الشريحة الاجتماعيّة الأسدية (وهي بالمناسبة شريحة متلوّنة بكافّة ألوان الفسيفساء السوريّة)، هي تماماً نفس المشكلة الألمانيّة أيام الحرب العالمية الثانية مع الشريحة الاجتماعيّة النازيّة. بحياتي لم أرَ ألمانياً غير نازي يقول إنه سيقف مع ألماني نازي من أجل المنتخب الوطني الألماني، وسيتم نسيان المحارق والدمار والتطهير الذي قام به هتلر لحظة تسجيل مهاجم ألماني هدفاً في مرمى منتخب آخر.
 المشكلة مع النازيّة ومع الأسديّة، أكبر من أن يتمّ نسيانها وطمسها في شيء غامض اسمه "هويّة وطنيّة" تتفعّل عند تشجيع منتخب كرة قدم. الألم لم يجمعنا فلم ستجمعنا السعادة الكرويّة؟ لحظة الكيماوي كانت خلافيّة فلم تكن اللحظة الرياضيّة تشاركيّة؟ بالتأكيد مقرفة دعوات إبادة المؤيدين، ولكن يحقّ على الأقل الافتراق الأخلاقي والنفسي معهم، وتحطيمهم رمزيّاً. يبقى المأساوي في الموضوع، هو أنَّ المباراة كانت بين منتخبين يحتلان البلاد، وهو منتخب الاحتلال الأسدي ومنتخب الاحتلال الإيراني، يعني هي مباراة دوري محلّي في إقليم "الهلال الشيعي" (وهي تسمية أنا أختلف معها جذريّاً)، وفي هكذا مباريات، يتأسّف المرء على أنّه لا يوجد خيار: أن يخسر الفريقان.

(صداقة السياسة)
عندما تخسرُ صديقاً مقرباً من أجل موقف سياسي معيّن، احرصْ على أن تطرد الصديق الذي سيأتيك بسبب نفس الموقف.
دارا عبدالله
دارا عبدالله
كاتب سوري يقيم في العاصمة الألمانيّة برلين، من مواليد مدينة القامشلي عام 1990. له كتابان: "الوحدة تدلل ضحاياها" (صادر عام 2013) و"إكثار القليل" (صادر عام 2015). يدرس في كليّة الفلسفة والدراسات الثقافيّة في جامعة "هومبولدت" في برلين. من أسرة "العربي الجديد" ومحرّر في قسمي المدوّنات والمنوّعات. يمكن التواصل مع الكاتب عبر الحسابات التالية:

مدونات أخرى