لوحة بيكاسو

لوحة بيكاسو

26 يونيو 2017
+ الخط -
لوحة بيكاسو "Blue Nude" من اللوحات المفضلة لدي، أبحث عنها لتتذكرني دائماً. 
تشبهني هذه اللوحة كثيراً، وتذكرني ألوانها بمعطفي الأزرق وأزراره السوداء الصغيرة بحجم حبوب البازلاء، معطفي الذي يذكرني بكآبتي المقترنة بفصل الشتاء، كنت أقوم برميه على حافة المكتب لأتذكر أن أغسله بسبب فرط استخدامه، ولكن نوبة حزني كانت تفاجئني حتى في وقت الغسيل، كنت ألتقطه على الفور وأخرج. 

أنا عديمة الثقة بنفسي فحتى في أوقات حزني كنت أقلق من الرياح والأمطار التي ستبلل شعري، كنت أردد في نفسي: "منظري سيصبح غبياً، سيضحك الجميع الآن". 
لا أعتقد أن أحدهم سيكترث بحزني، الذي يلتصق بي، يلتهمني، يخرج من بين أصابعي، حزني متوفر بكافة الأحجام فهو قادر أيضاً على حشر نفسه بين مساماتي، كما يحشر العشب نفسه ليخرج من الفراغات الصغيرة فوق الرصيف. أراه عندما يبدأ بمداهمة المرآة أيضاً، لا استطيع دفعه، ولا مقاومته، اسمع صوته عندما يخبر المرآة أن تذكرني بوجوده أسفل عيني، وتجوله فوق شفتي السفلية المقعرة إلى الأسفل.
حزني يقفز بين ضجيج الزبائن ما قبل بدء اغنية وانتهاء أخرى، يضحك بصوت عال جداً، ويقول لي باستهزاء "لا أحد يهتم لوجودك، فلا ذراع بجانبك ولا ضحكات".

لا أعلم لماذا أبكي الآن، ربما بسبب الألم أو الفراغ الذي بدأ بالنمو بين أصابعي، أعلم بأني أكره نفسي، كنت أحاول ان أجد من يحبها، لأتعلم منه كيف أحبها أنا أيضاً. 

الرياح قوية الآن، وكل مشاهد السقوط المقترنة بالرياح تذكرني بنفسي، مثلاً سقوط الأوراق عن الأشجار، أو سقوط الورق المكوّم بجانب النافذة.
أحاول دوماً أن أتحدث إلى أشياء لا تتحدث، لأشعر بالراحة والرضا عن نفسي، كنت أبدأ حديثي بنفس الجملة دائماً: "ما المشكلة إن كنت سعيدة؟ أريد أن أصبح سعيدة".

أحاول يوميّاً تغيير روتين حياتي لأجد سعادتي، فربما طريقة ترتيبي لأحداث يومي هي السبب في حزني، مثلاً، بدلاً من بدء يومي بسيجارة، أبدأه بطعم معجون الأسنان، أحاول حتى تبديل طقوس التبوُّل لدي، أبقي الباب مفتوحاً بدلاً من إغلاقه، أعد البلاطات التي تصل الحمام بالمطبخ لأتجنّب التفكير بأي شيء آخر، تمر ساعة، ساعتان، ثلاثة وعندما أفشل، أتكور وأبكي.
هذه الرسالة قاسية جداً، حاولت إفساد بياض الصفحة قدر الإمكان، فهي الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أقسو عليه دون أن يقسو علي بالمقابل. 

أنا أتألم يوميّاً، وبنفس الكمية. وما يفجر الألم بداخلي شعور الرفض الذي أراه داخل عينيك، أو بحركات يديك التي تحاول تغافل وجودي، أو من أقدامك التي تحاول الهرب مني، وضحكاتك التي تختفي بوجودي. هذا الألم الذي يذكرني بأني لست جديرة بأن أُحَب. 
فحتى الأطفال لا يبادلوني الحب. دوماً أخبر أمي بأني أريد الإنجاب، لأقول في نفسي:"وأخيراً لقد أحبني طفل صغير نقي، لقد أحبني أحدهم".
 
أحبك ولكني متعبة جداً، كما وأني قررت الاستسلام منذ هذه اللحظة، لا أتمنى السعادة ولا الحب، لا أتمنى الآن سوى أن أنجح بالوصول إلى الفناء، الفناء الأبدي.

دلالات