شارع الباخرة

شارع الباخرة

22 يونيو 2017
+ الخط -



نافذة مطلة على شارع، نهر، ورصيف. امرأة تركض بعكس حركة المياه قاطعة رسوم الغرافيتي، ونورس يضيف مشهداً على فيلم يحاول التأمل.. بالوجود. ويحدث أن تعبر بعض البواخر، أو حتى الأحصنة. 

لي نافذة على العبث في شقة شارع الباخرة. تمنعني من الكتابة أو حتى من شراء الستائر. مع ذلك أذهب للصيدلية لشراء قطرات تعوضني عن الشمس.

لا أحد يعلم كم عدد سكان شقة شارع الباخرة، يقولون إنه يتراوح بين ستة إلى عشرة أشخاص، وكلبة. على الباب ملصقات سياسية، بعضهم يعتقد أنها تصد اللصوص: نناضل من أجل بيوتنا، ثقافة؟ نحو مراكب عبور بدلاً وكالة حماية الحدود فرونتكس، والبقرة الضاحكة..

لبعضهم ميول أناركية، الجميع هنا يهزأ باليسار، يمارسون النشاط السياسي، ولكن ليسوا بالناشطين. في البدء لم أفهم لماذا يرسمون البواخر، ويوشمونها على الأجساد، تسمع صوت آلة الوشم، ومع الزمن تبدأ بحب كل ما يخص الشقة حتى التشققات في الحائط. عقدنا اجتماعاً وحاولنا كتابة ما يشبه البيان على آلة كاتبة قديمة. لم ننجح فكتبنا بالقلم. من أهم ما توصلنا إليه أن على الكرسي المتحرك أن يتحرك من أمام باب غرفتي، فأنا لا أمانع الدخول بما يشبه المستودع في الممر، ألعاب قديمة، قماش، حقائب سفر، الكثير من الأحذية، سلالم، عدّة، ولكن أن أبدأ نهاري برؤية الكرسي، فيه بعض السوداوية أنا بغنى عنها.

لم يتحرك الكرسي المتحرك، ولم أعد أراه. عندما كنا نقرأ كافكا بالفرنسية اكتشفت صدفة معنى اسم الشارع بالألمانية. شارع الباخرة يشبهنا، جميعنا نعمل لساعات بوظائف تتراوح بين بيع الملابس الداخلية إلى بناء منصات المسارح. ونركض بين رسالة دكتوراه، قد تكون فقط من أجل الإقامة، والاعتناء بما يتراوح بين الأطفال والعجزة. يسكن الشقة فنانون، موسيقيون، وطلاب حقوق. نكتب على الثلاجة دعوات لمعارضنا وحفلاتنا، وإن كنا نحتاج محارم، ملحاً، أو سكّراً.

استيقظ فأرى حركة المياه، أتمنى أن أكون نهراً، وأتذكر أنه علي شراء الستائر.

دلالات

B7E23988-E52C-4709-9356-C4309D43462E
نور شنتوت

مواليد دمشق 1991 درسَت الفنون الجميلة في جامعة دمشق. تخرَّجت من جامعة ALBA في بيروت عام 2014، حيث حصلت على جائزة "هيلين الخال"، وأكملت دراستها في جامعة الفنون الجميلة في باريس. حالياً مقيمة في فيننا، وتدرس في جامعة الفنون الجميلة.

مدونات أخرى